ظاهرة العنف الأسري تزداد في إدلب

اعداد رزان الحاج

2022.10.11 - 08:13
Facebook Share
طباعة

 ألقت الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها الأسرة السورية خلال سنوات الحرب بظلالها على علاقة أفراد الأسرة مع بعضهم، وأدت لتنامي ظاهرة العنف الأسري وتنوعت أشكاله من الإهمال والتوبيخ إلى الضرب والتعذيب.

وقد ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة تعنيف المرأة والطفل في مناطق سيطرة "تحـ ـرير الشـ ـام" بسبب عوامل نفسية وموروثات اجتماعية إضافة إلى الضغوط المعيشية والانتهاكات التي تمارسها "الهيئة" بحق المواطنين والتبدلات الثقافية والاجتماعية، وسط غياب الردع القانوني.

وفي سياق ذلك، وقعت جريمة قتل ضمن منطقة نفوذ هيئة "تحـ ـرير الشـ ـام"، حيث قتلت سيدة على يد زوجها، نتيجة الضرب المبرح الذي تعرضت له، في مدينة كفرتخاريم بريف إدلب.

وفي التفاصيل، تعرضت سيدة للتعنيف والتعذيب الشديد من قبل زوجها، سبب لها كسور وحروق، حيث فارقت الحياة خلال إجرائها عملية جراحية، في حين حاول زوجها التكتم على فعلته مدعيا بأن سبب وفاتها سقوطها على درج المنزل، مما سبب لها فقدان كميات كبيرة من الدماء، إلا أنه بعد الفحوصات الطبية تبين أنها تعرضت لكسور وحروق متعددة بسبب التعنيف والتعذيب، في حين تحولت قضيتها إلى السلطات المحلية لمتابعة أمر الجريمة.

وفي سياق متصل، أقدم شاب في العقد الثاني من عمره على الانتحار، عبر تناول كبسولة “الغاز” القاتلة، وذلك بعد مضى أسبوع على زواجه، بسبب المشاكل العائلية مع والدته، ويسكن الشاب في قرية كفر يحمول بريف إدلب.

ولا تقتصر معاناة السوريات على عنف الزوج فحسب، فبين أب صارم ومجتمع مجحف وقوانين تحرم المرأة الكثير من الحقوق، تعاني القاصرات من العنف الأسري بسبب آبائهم الذين يجبرون بناتهم على ترك المدرسة والزواج في سن مبكرة.

وتتعرض نساء سوريات في إدلب، شمالي البلاد، لانتهاكات بسبب قرارات لهيئة تحـ ـرير الشـ ـام أكبر الفصائل المسيطرة، بينما تواجه العنف الأسري دون توفر حلول لإنهاء تلك المعاناة.

وفي الشارع، تقوم بعض الفصائل العسكرية بالتدخل في “ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ تنقل ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ومحاولتها تسيير أمور حياتها وعائلتها”.

وتقوم هيئة تحـ ـرير الشـ ـام، عبر “ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻔﻼﺡ”، بتسيير جولات ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺇﺩﻟﺐ، بحسب شهادات سكان.

ويحظر ﺟﻠﻮﺱ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﻋﻢ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺐ أو المحال التجارية، كما يلزم ﺃﺣﺪ ﺑﻨﻮﺩ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ الذي يتبناه “مركز الفلاح” ﻃﺎﻟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺪ ﻭﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺑﻠﺒﺲ “ﺍﻟﺨﻤﺎﺭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ”.

ويضم “مركز الفلاح”، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻬﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ، ﺭﺟﺎلاً ﻭﻧﺴﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، بالإضافة لمهاجرين ﻭﻣﻬﺎﺟﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺃﺧﺮﻯ، بحسب نساء واجهن تدخلاً للمركز في حياتهن.

كما تقوم دﺍﺋﺮﺓ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، بممارسة ﺿﻐﻮﻃ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ بذرائع من قبيل “ﺣﻔﻆ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻧﺸﺮ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ”.

ويبرز ذلك في دوريات نسائية تتحكم بحياة ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ وتفرض أنماطاً من اللباس والسلوك.

الأطفال أيضاً لا يسلمون من التعنيف الأسري، في تلك المناطق، الذي ازدادت شدته وقسوته مع ظروف الحرب الضاغطة التي خلفت آثار سلبية إضافية على نفسية الأطفال وشخصياتهم وتأخرهم الدراسي.

وأصبحت حقوق المرأة والطفل في ظل الحرب السورية عبئاً ثقيلاً على آذان الكثيرين، لكن ظروف الحرب القاسية وآثارها السلبية على الصحة النفسية والجسدية لأفراد الأسرة تستوجب الانتباه لقضية العنف الأسري وتشكيل آليات لمحاولة التخفيف من هذه الظاهرة ومساعدة ضحايا هذا النوع من العنف على الشفاء والاندماج بالمجتمع، فمحاربة العنف الأسري يساهم بتعافي كافة المجتمع.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 4