غياب المعالجات يُفجِّر «انتفاضة المودعين» ضد المصارف

2022.09.17 - 07:42
Facebook Share
طباعة

كتبت "اللواء" تقول: يوم عاصف في حياة النظام المصرفي، لأول مرة يشعر أصحاب ومدراء المصارف منذ انتفاضة الشعب اللبناني في 17 (ت1) 2019، أن مقاربة تهريب الاموال وحجز الودائع والعبث بها، والتشاوف على اصحابها، لم تعد مثمرة كما في السابق… وأن ما حصل في فروع عدة لبنوك عدة في العاصمة من الطريق الجديدة، إلى الرملة البيضاء، فالحمراء، وتقاطع الكونغرد، امتداداً الىالاقليم (شحيم) والجنوب (الغازية) من اقتحامات ومطالبات واحتجاز موظفين، هو بمنزلة جرس الانذار الاخير: فإما معالجة مالية اقتصادية عادلة لمسألة الودائع، باتجاه اعادتها إلى اصحابها، وإما انهيار القطاع المصرفي، إيذاناً بدخول البلاد والعباد في فوضى عارمة، تتحول إلى فوضى اجتماعية وأمنية.

 

وهكذا، بدا ان غياب المعالجات الفعلية، بوضع آليات لإعادة حقوق المودعين، أدى إلى تفجير ما يمكن تسميته بـ«انتفاضة المودعين ضد المصارف».

ولعل ما اشارت اليه «اللواء» استناداً إلى معنيين، فالكرة في ملعب جمعية المصارف التي عليها ان تبادر إلى طرح الحلول والمعالجات، باعتبارها المعنية اولاً واخيراً بهذا الملف.

حسناً فعلت جمعية المصارف عندما شددت في بيانها امس على «نبذ العنف بكل اشكاله، فهو لم ولن يكون الحل»، مضيفة: «الحل باقرار القوانين الكفيلة بمعالجة الازمة بأسرع ما يمكن، لأن معالجة ازمة انهيار نظامية كالتي تمر بها البلاد لا يمكن ان تحل الا عبر خطط شاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة المسببات وتقوم بمعالجتها بشكل متكامل».

وهذه الرؤية تحتاج إلى متابعة وفقاً لمصدر اقتصادي، بعد انتهاء الاقفال ايام 19 – 20 – 21 الذي قرره مجلس ادارة الجمعية، والعودة إلى تقييم الموقف بدءاً من الاسبوع الطالع.

ربط نزاع حكومي

ولم تشأ دوائر بعبدا عشية سفر الرئيس المكلف الى لندن ونيويورك من ربط نزاع دائم لحين صدور مراسيم حكومة جديدة، ونفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن يكون رئيس الجمهورية قد أكد لرئيس الحكومة المكلف السير بطرح حكومي معين، وقالت أن اللقاء بينهما أول من أمس بدا استكمالا للقاءات السابقة على أن يعاد البحث بملف التأليف فور عودة الرئيس ميقاتي من الخارج.

وقالت إن رئيس الجمهورية عازم على تشكيل الحكومة بالتعاون مع رئيس الحكومة المكلف الذي أكد أنه فور عودته من الخارج «سينام» في القصر من أجل إتمام التشكيلة الحكومية.

وأعربت عن اعتقادها ان تركيبة الـ٢٤ وزيرا لا تزال الأكثر ترجيحا على أن يكون التعديل المنوي اعتماده تم التوافق عليه مع العلم أن صيغة الـ٣٠ وزيرا لم تسقط كليا ، مؤكدة أنه لا بد من ترقب عودة ميقاتي الذي ستكون له سلسلة اتصالات في الخارج .

الاطاحة بالموازنة

ولم يكن الوضع داخل مجلس النواب، افضل منه في صالات المصارف ومداخلها، هناك أطاح نواب المعارضة في استعراض «للقوة الديمقراطية» بالموازنة للعام 2022، بعد رد الرئيس ميقاتي على مداخلات النواب، ودعوته للتعاون مهما كانت الانتقادات والصعوبات، رافضا مقولة «ما خلونا»، فاضطر الرئيس نبيه بري الذي يواجه واقعاً نيابياً غير مسبوق إلى تأجيل الجلسة إلى الاثنين في 26 ايلول لحين عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال من الخارج.

واذا كانت المرة الاولى التي تحصل بمحاولة تطيير موازنة تحت مسميات عدة « بين موازنة مخالفة للدستور في غياب قطوعات الحسابات» ، او محاولة الحكومة رمي كرة تحديد النفقات او الإيرادات وسعر الصرف على عاتق مجلس النواب، فان ما حصل بالامس هو مؤشر خطير لما ستؤول اليه الامور، بغض النظر عن العودة الى الصرف على القاعدة الاثني عشرية وما ادت اليه سابقا، ولكن هو نسخة عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما حذر منه الرئيس بري بالامس من خلال اصراره على التوافق، ولكن المفارقة، ان النواب الذين اختلفوا بالامس في جلسة انتخاب رئيس ونائب رئيس المجلس وهيئة المكتب، اتفقوا امس على تطيير النصاب، وكان واضحا الاتجاه لإفقاد الجلسة نصابها، وهو ما انتبه اليه الرئيس بري بالقول: «هناك محاولة لتطيير النصاب»، وهو ما ظهر من خلال التجمعات واللقاءات داخل القاعة العامة، وعلى هامش الجلسة، قادها النائب جورج عدوان وتكتل الجمهورية القوية مع نواب الكتائب والتغييرين والنواب المعارضين المستقلين، والذين سيصوتون ضد المشروع، مقابل نواب «اللقاء الديموقراطي» «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» و«لبنان القوي»، لان اقرار موازنة افضل من عدمه، ولفت دفاع النائب جبران باسيل خلال الجلسة عن الرئيس ميقاتي في ردّ على الرئيس بري بالقول «ان تحديد سعر الدولار الجمركي»، ليس مسؤولية مجلسية، فقال له باسيل «اعلم ولكن انصحه لانه «صديقي»، في حين قدم الرئيس ميقاتي عرضا قاطعه خلاله النواب لاكثر من مرة، اعلن خلاله انه «يتحمل المسؤولية ولن يتهرب ويقول ما خلوني، ولكن الانقاذ يحتاج الى تعاون الجميع، معربا عن استعداده مع المجلس النيابي لحضور جلسات مناقشة لانتاج الحل.

في كل الاحوال، فان 26 لناظره قريب، ويبقى نصاب الجلسة، معلقا بشروط «خطة التعافي» وقطع الحساب» و«آلية التصويت»، الا اذا انتصرت مقولة الضرورات تبيح المحظورات، وتمكن النواب المؤيدون من تمرير السيء كأفضل من الاسوأ.

إذاً، انشغل لبنان امس بمواطنيه ومسؤوليه واجهزته الامنية بعمليات اقتحام المودعين لبعض المصارف للحصول على اموالهم او قسم منها، التي توالت قبل الظهر وخلال فترة ساعات قليلة لتشمل ثمانية فروع مصارف، فيما رفع الرئيس نبيه برّي جلسة مناقشة الموازنة، بعدما فُقد نصاب الجلسة، بسبب انسحاب النواب من كتل التغيير والكتائب والقوات اللبنانية والمعارضة على آلية التصويت واعتراضهم على المشروع ككل بحيث طالب بعضهم برده الى الحكومة. وتمّ تحديد يوم الاثنين في 26 أيلول الجاري ، موعداً لاستئناف دراسة الموازنة وإقرارها. وسط هذه الاجواء المشحونة، غرق لبنان في عتمة شبه تامة مع وقف العمل في معامل انتاج الكهرباء، فيما يغادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اليوم الى لندن لتمثيل لبنان في تشييع الملكة اليزابيت ومنها الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة.ما يعني ان البلاد ستبقى في حالي فراغ تشريعي وحكومي حتى نهاية الاسبوع المقبل.

وقد وافق المجلس على زيادة رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بثلاثة أضعاف، وذلك ضمن المساعدات الاجتماعية، كما صادق على نفقات الموازنة العامة.

انتفاضة المصارف

يوم أمس، كان «يوم المصارف» موحّداً بالوجع والصرخة «بدنا مصرياتنا».. هو «يوم المصارف» بامتياز، مع سلسلة من الاقتحامات المتلاحقة، بدأت بدخول المودع محمد قرقماز برفقة شخص آخر الى فرع بنك «بيبلوس» في الغازية، مطالبا باسترداد وديعته، وعمد الى تهديد الموظفين بسلاح حربي وسكب مادة البنزين وهدد بحرق الفرع في حال لم يتم اعطاؤه وديعته. وسادت حال من الهرج والمرج داخل المصرف لبعض الوقت، قبل أن يسلّم المقتحم نفسه إلى القوى الأمنية التي حضرت للمكان، على أثر تمكنه من الحصول على مبلغ 19200 دولار من وديعته وتسليمه لأحد الأشخاص الذي كان ينتظره خارجاً.

تزامناً، اقتحم المواطن عبد سوبرة فرع بنك «لبنان والمهجر» في محلة الطريق الجديدة ببيروت، مطالباً بالحصول على وديعته، وأكد في تصريح لقناة «الجديد»: «دخلت لأستعيد وديعتي ولست مقتحماً للبنك، ولم أشهر ​السلاح​ على أحد، والنقيب أخذ سلاحي والبنك هو من أقفل الأبواب بعد دخولي»، مشدّداً على أنّه «إذا لم أحصل على وديعتي ما عندي مشكل أقتل حالي… قالوا لي إنهم سيعطوني 40 ألف دولار على سعر 12 ألف ليرة، لكن لن أخرج قبل أن أُخرِجَ وديعتي كاملة معي بالدولار»، ومؤكداً أنّ «البنك جاب مسلحين فاتوا عليي بالسلاح».

ريفي عالأرض.. ولكن

وكان أنْ حضر النائب أشرف ريفي إلى المصرف في مسعى للتوسط ورأب الأزمة، إلا أنّ عدداً من الشبان هاجموه لدى دخوله إلى المصرف في الطريق الجديدة، وطالبوه بمغادرة المصرف والمنطقة ككل، فوقع حصل تلاسن بين مؤيدي ريفي والرافضين لوجوده، ما أسفر عن مغادرته للمصرف، وسط تدافع كثيف من الموجودين في الداخل.

والمشهد انتقل إلى اقتحام المواطن جواد سليم لبنك «لبنان والخليج» في الرملة البيضاء مُسلّحاً ومطالباً بالحصول على وديعته، الّتي تبلغ قيمتها 50 ألف دولار، فحصل منها على 30 ألف دولار.. واقتحم مودع فرع «البنك اللبناني الفرنسي».. وآخر فرع مصرف «لبنان والمهجر» في الحمراء، مطالبان بالحصول على وديعتيهما».

فيما شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت سلسلة اقتحامات بدءاً من بنك «عودة» في الشياح، فرع «البنك اللبناني الفرنسي» في المريجة، «بنك عودة» في الطيونة، إضافة إلى فرع «بنك عودة» في الكفاءات، مطالبين بالحصول على ودائعهم، وقد أكّد المودع محمد اسماعيل الموسوي الذي اقتحم «البنك اللبناني الفرنسي» في الكفاءات، حصوله على مبلغ 20 الف دولار من وديعته في البنك»، كاشفاً في تصريح مسجل عن أنه «كان بحوزتي سلاح بلاستيك وتركته أمام المصرف، والآن سوف أذهب لتسليم نفسي إلى القوى الأمنية بعد أن أخذت أموالي بالقوة»، مؤكداً «تم إفقارنا ونريد أدوية وأتفرج على أولادي لأنني لا أتمكن أن أحضر لهم ما يريدونه بسبب أموالي التي في البنك».

واقتحام المودع كريم سرحال (من بلدة داريا) لفرع بنك «البحر المتوسط» في شحيم – إقليم الخروب.وبقي فيه حتى المساء وحصل على مبلغ 25 الف دولار نقداً على ان يعطيه البنك 25 الفاً اخرى مقسطة بمعدل 5 الاف دولار شهرياً.واوقفته القوى الامنية.وقال عمّه: انه من عناصر الجيش (ملازم اول) ونحن لنا ثقة بقائد الجيش.

واحتجز المودعون الذين تسلح بعضهم بمسدسات بلاستيكية الموظفين وبعض الزبائن فترة من الوقت قبل ان يطلقوا عدداً منهم، وحصل بعضهم على قسم من ودائعه وسلم نفسه كما حدث في الغازية.

ولكن المنسق الاعلامي لـ«جمعية صرخة المودعين» موسى اغاسي اعلن لاحقاً انه «بعد العملية التي قامت بها  السيدة سالي الحافظ بالتعاون والتنسيق مع جمعية صرخة المودعين، انطلقت اليوم (امس) انتفاضة المودعين ضد المصارف اللبنانية، بعد ثلاث سنوات على حجز اموال المودعين، حيث تم اليوم اقتحام تسعة مصارف، والعملية جارية الان على خمسة مصارف اخرى» .

وأعلنت «جمعية صرخة المودعين» في حديث لقناة «الحدث»: «أعلناها حربا على المصارف» .

وبعد هذه التطورات، جرت اتصالات بين المعنيين في القطاع وتحديداً من قبل جمعية مصارف لبنان من أجل اتخاذ موقفٍ إزاء المشهد القائم، باعتبار أنّ ما يجري يُهدّد عمل المؤسسات المصرفيّة وموظفيها. وجرى الحديث عن اتخاذ إجراءات تفتيش زبائن المصارف لدى دخولهم إليها، إمّا يدوياً أو عبر آلات مُخصصة لاكتشاف الأسلحة.

مع هذا، فقد تخوّفت المصادر من أن تشهد مصارف عديدة اشكالاتٍ مع الحراس الأمنيين، في حين أنه قد تكون هناك حاجة لـ«حارسات» من أجل تفتيش النساء.

ووسط ذلك، فقد تبيّن أن بعض المصارف بات يُغلق أبوابه بشكلٍ شبه كامل أمام الزبائن، مع ترك فتحة صغيرة تُمكن الزبون من الدخول إلى الفرع ولكن بعد إذنٍ من الحارس الأمني الموجود في المكان.

مجلس الامن المركزي

ودفعت هذه التطورات وزير الداخلية بسام مولوي الى عقد اجتماع طاريء لمجلس الامن المركزي، لدرس الوضع وتقرير الاجراءات المناسبة.

وقال مولوي بعد الإجتماع : هدفنا حماية البلد والمودعين، ولا يجب أن يدفع أحدهم المودع للإضرار بالوضع الأمني في البلد، وتشدّدنا بالإجراءات الأمنيّة هدفه ليس حماية المصارف بل حماية النظام اللبناني.

اضاف: أنّ هناك جهات تدفع الناس إلى تحركات ضدّ المصارف، ولا يمكنني الإفصاح عن التفاصيل لسريّة التحقيق ونتعامل بحكمة مع الموضوع.

وتابع مولوي: ما نشهده اليوم ظاهرة غير صحيّة، ونحن مع المودعين ومن مصلحتهم أن يكون هناك نظام في البلد، والاجراءات التي سنتخذها وفقاً للقانون وإشارات النيابات العامة.

واضاف: مدّعي عام التمييز اتّخذ اشارة خطيّة حول هذا النوع من التصرفات، والقوى الأمنية كان لديها قرار بالتشدد بتطبيق القانون لحماية كل البلد.

وتابع: نحن نحمي الاستقرار وليس المصارف.. وهل يقبل البعض الحصول على وديعته على حساب مودع آخر؟

ورد رئيس جمعية المودعين المحامي حسن مغنية على وزير الداخلية بالقول: نحن اصحاب حق وبعد 3 سنوات من التجاهل سنأخذ حقنا بالطريقة التي نراها مناسبة، مضيفاً: إما بخصوص ادعائه بأن هناك جهات تحركنا. لسنا نحن من تحركه دول وسفارات امثالكم.

تحركات شعبية

وبالتوازي، عادت التحركات الشعبية إلى الشارع، فقطع عدد من الاهالي الطريق الدولي في البداوي بالحاويات، احتجاجاً على انقطاع المياه، وتردي الاوضاع المعيشية منذ اسابيع عن المنطقة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6