كتبت آيات الحداد: هزيمة الإنسان تبدأ من الداخل!

2022.05.23 - 07:28
Facebook Share
طباعة

 بعد انتهاء حرب أمريكا مع كوريا قام الجنرال وليام ماير المحلل النفسي في الجيش الأمريكي بدراسة واحدة من أعقد قضايا تاريخ الحروب في العالم، فقد تم أسر وسجن حوالي ألف جندي أمريكي في تلك الحرب في كوريا وتم وضعهم داخل مخيم تتوفر فيه كل مزايا السجون من حيث المواصفات الدولية، من حيث الخدمات المقدمة للسجين ومن حيث معاملته وهذا السجن لم يكن محصورا بسور عال كبقية السجون بل كان يمكن للسجناء محاولة الهروب منه إلى حد ما، والأكل والشرب والخدمات متوفرة بكثرة وفي هذا السجن لم تكن تستخدم أساليب التعذيب المتداولة في بقية السجون.

ولكن التقارير كانت تشير إلى عدد وفيات في هذا السجن أكثر من غيره من السجون هذه الوفيات لم تكن نتيجة محاولة الفرار من السجن لأن السجناء لم يكونوا يفكرون بالفرار بل كانت ناتجة عن موت طبيعي، الكثير منهم كانوا ينامون ليلا ويطلع الصباح وقد توفوا!

لقد تمت دراسة هذه الظاهرة لعدة سنوات وقد استطاع ماير أن يحصل على بعض المعلومات والاستنتاجات من خلال هذه الدراسة: كانت الرسائل والأخبار السيئة فقط هي التي يتم إيصالها إلى مسامع السجناء أما الأخبار الجيدة فقد كان يتم إخفاؤها عنهم!،  كانوا يأمرون السجناء بأن يحكوا على الملأ إحدى ذكرياتهم السيئة حول خيانتهم أو خذلانهم لأحد أصدقائهم أو معارفهم!، كل من يتجسس على زملائه في السجن يعطى مكافأة كسيجارة مثلا والطريف أنه لم يتم معاقبة من خالف الضوابط وتم العلم بمخالفته عن طريق وشاية زميله في السجن وهذا شجع جميع السجناء للتجسس على زملائهم لأنهم لم يشعروا بتأنيب لضميرهم نتيجة تجسسهم وهكذا اعتاد جميع السجناء على التجسس على زملائهم والذي لم يكن يشكل خطرا على أحد!

تلك الحادثة ذكرتني بما يحدث في مجتمعنا اليوم وكيف أعدائنا في الداخل قبل الخارج يلعبوا على ذلك النوع من الإرهاب فهو ليس إرهابًا تقليديًا يستخدم فيه السلاح أو القنابل المتفجرة بل هو نوع من وجهة نظري أخطر، لأنه شبيه بالموت البطيء أو يجعل الشخص يرغب في الموت، فمن بتابع الأحداث يجد انتشار ذلك النوع من الإرهاب من جميع النواحي سواء إعلاميًا أو إلكترونيًا وكيف سهلت التكنولوجيا ذلك، فكل الأخبار التي تذاع على جميع شبكات التواصل الإعلامية والاجتماعية تؤثر على نفسية أبناء الشعب وتجعلهم يموتون ببطء، ومن يتمعن النظر يجد أن كل ما يصل إلينا أخبار سيئة.. أما الأخبار الجيدة فالقليل منها فقط ما يصل، بخلاف الشائعات التي تؤثر تأثيرًا سلبيًا على نفسية المواطنين، وتجعلهم يشعرون بالآسى والحزن من جراء ما يحدث، فالفارق بين الإرهاب التقليدي والنفسي في أننا نستطيع حصر عدد الضحايا في الإرهاب التقليدي أما النفسي فمن الممكن أن يقضي على نفسية شعب بأكمله، فأخطر شيء في حياة الإنسان أن يُهزم من الداخل!

فلابد أن يتخذ الجميع الحيطة والحذر أثناء التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وعدم تصديق كل ما يشاهدونه أو يقرأونه وخاصة إذا كان سلبيًا إلا بعد الرجوع الى المصدر الرسمي لتلك الأخبار والتأكد من صحتها، وتجاهل الفيديوهات السلبية كفيديوهات التعذيب والقتل لأنها مع الوقت تؤثر سلبيًا فهو بمثابة إرهاب نفسي ويتأثر بها الشخص مع الوقت ويشعر بالضيق والحزن ويشعر أنه كل ما حوله يجلب الحزن والأكتئاب وكأننا نعيش في غابة ! فشاهدت في الفترة الأخيرة انتشار العديد من الصور والفيديوهات السلبية ولا أعرف مصدر صحتها وخاصة في عصرنا هذا عصر التكنولوجيا وسهولة الفبركة والفوتوشوب وتركيب الصور والفيديوهات، فقد شاهدت فيديو يوضح فبركة بعض صور تعذيب الأطفال وأيضًا تركيب أصوات ووجوه على فيديوهات لمشاهير، لذا وجب توخي الجميع الحذر من الإرهاب النفسي الذي نال من الجميع!

 

 المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 6