ما هو الثمن الذي سيدفعه السوريون في عملية التنافع بين روسيا وتركيا؟

إعداد: زكي دوغان - غازي عينتاب - وكالة أنباء أسيا

2022.05.23 - 05:34
Facebook Share
طباعة

 ترجمة من التركية (أيمن زكا)


تناولت المفاوضات  بين تركيا – وروسيا مصير منطقة "عين عيسى" التي تحظى بأهمية بالغة بالنسبة للجانب التركي، على اعتبار أنها واحدة من أهم معاقل "قوات سوريا الديمقراطية"، التي يقودها ضباط أميركيون واغلب مقاتليها ليسوا أكرادا بل من المرتزقة العشائريين العرب. 
والمنطقة تعتبر بمثابة عاصمة إدارية للقوات "القسدية" ومركزاً أمنياً مهما. 
 لكن المباحثات بين موسكو وأتقرة لتبادل المنافع على حساب السوريين لم تفض إلى نتيجة حتى اللحظة.
وظلت منطقة "عين عيسى" ونواحيها تشهد بين الحين والآخر مناوشات بين ما يسمى "الجيش الوطني السوري" المدعوم تركياً، وبين "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة أميركيا.
أما والقوى الفاعلة هي تركيا وأميركا في عين عيسى فما علاقة موسكو بالأمر؟؟
القصة تحتاج لمقدمات لكي يجري هضمها. واليكم بعض التفاصيل الهامة:
تقع مدينة "عين عيسى" على طريق M4 الدولي، الذي يربط محافظة الحسكة بالرقة، ويصل بين شمال شرق سوريا وشمال غربها وصولاً إلى الساحل.
وتعتبر "عين عيسى" عقدة وصل تربط مناطق ذات أهمية كبيرة، وهي: تل أبيض وعين العرب ومنبج ومدينة الرقة وبلدة المبروكة بريف الحسكة .
ويمكن وصف "عين عيسى" بأنها عاصمة "الإدارة الذاتية" بحكم موقعها، حيث تحتضن الاجتماعات المتكررة للمجالس والهيئة التابعة للإدارة، وأقامت فيها "قوات سوريا الديمقراطية" مقرات قيادة ترفع علم الأكراد.
وتتيح سيطرة ميليشيا "الجيش الوطني السوري"  التركية الولاء على مدينة "عين عيسى" وما حولها المزيد من تأمين منطقة "تل أبيض" الواقعة ضمن نطاق عملية "نبع السلام"، كونها تحرم "قوات سوريا الديمقراطية" من مركز متقدم ومنصة انطلاق لـ"الحرب الأمنية" التي تخوضها ضد مناطق النفوذ التركي عن طريق العربات المفخخة، كما أن دخول "عين عيسى" يعني عزل كل من "منبج" و"عين العرب" بريف حلب عن مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، وهو ما  يؤدي إلى المزيد من تقويض "الحزام" أو "الممر" الذي حاولت وحدات حماية الشعب الكردية تشكيله على طول الحدود مع تركيا، حيث تلقى المشروع ضربات قوية سابقاً تمثلت بخسارة الوحدات لمناطق: عفرين وتل أبيض ورأس العين- بحسب المعلومات التي أفاد بها مصدر أمني.
لكل ما سبق ولأن من أوقف الجيش السوري عند خطوط معينة لحماية منطقة عين عيسى من السقوط بيد السوريين وحلفائهم الايرانيين ولأن لروسية أوراق كردية يمكنها لعبها ضد واشنطن أو ضد أنقرة لهذا التفاهم التركي الروسي يعزز وضع تركيا في مواجهة الأكراد. علما ان عين عيسى جزء من ورقة تفاهم سوتشي الموقعة بين روسيا وتركيا.
في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر شنت مجموعات تتبع  لما يسمى الجيش الوطني السوري هجوماً على مواقع لقوات "سوريا الديمقراطية" في منطقة "عين عيسى"، نتج عن الهجوم السيطرة على قريتي "الجهبل" و"المشيرفة" ومدخل مدينة عين عيسى، بالإضافة إلى قرية "التينة" الواقعة على خط التماس بين الطرفين، قبل أن تنسحب القوات المهاجمة من المناطق التي دخلتها، وتحتفظ بسيطرة نارية على "التينة".
ويرى خبير عسكري تركي أن  هذا التصعيد يعتبر هو الأكبر من نوعه منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، عندما توغلت قوات ما يسمى "الجيش الوطني السوري" واستولت على "مخيم عين عيسى" وقريتي "صيدا" و"المعلك"، قبل الانسحاب منها على خلفية الاتصالات بين روسيا وتركيا .
التقدم الأخير لمجموعات  الوطني  جرى تحت غطاء من المدفعية التركية المتمركزة في قرية "المتمشرجة"، والتي لا تزال تشن ضربات متقطعة بين الحين والآخر.
وكان ملفتاً هو عدم تدخل القوات الروسية المنتشرة داخل مدينة عين عيسى وقرب اللواء 93، وكذلك الأمر بالنسبة للنقاط المحدودة التابعة للنظام السوري المنتشرة بشكل مشترك مع قوات "سوريا الديمقراطية" شمال وغرب المدينة- وفقا لــلمصدر
وقد أعاد عدم التدخل الروسي في الهجوم على عين عيسى ذاكرة الانسحاب الروسي من عفرين قبيل عملية غصن الزيتون بداية عام 2018. 
تبادل المصالح
انطلق المسار التفاوضي بين "قوات سوريا الديمقراطية" والجانب الروسي وقوات النظام السوري في الأسبوع الأول من كانون الأول/ ديسمبر  من العام الماضي  وتركزت المطالب الروسية على إنشاء مربع أمني في "عين عيسى" في تكرار لنموذج الحسكة والقامشلي، وعودة "مؤسسات الدولة" للعمل ورفع علم النظام السوري عليها، وذلك مقابل قطع الطريق على أي عملية عسكرية تركية، وتلا تلك المفاوضات تهديد روسيا الصريح عبر أذرعها الإعلامية شبه الرسمية لـ "قوات سوريا الديمقراطية" بتكرار نموذج "عفرين".
وتجدد اللقاء بين الأطراف الثلاثة في 20 كانون الأول/ديسمبر، 2021  حيث احتضن "مطار القامشلي" الجولة الجديدة من المفاوضات التي طالبت فيها "قوات سوريا الديمقراطية" الجانب الروسي بالتدخل لإيقاف الهجوم التركي على "عين عيسى"، لكن روسيا ردت بإعطاء القوات خيارين: إما تسليم المدينة للنظام السوري وعودة المؤسسات الرسمية، أو مجابهة الحملة العسكرية التركية بشكل منفرد، لكن قوات "سوريا الديمقراطية" لم توافق على تسليم المدينة.
وفي 21 كانون أول/ ديسمبر التقى وفدان تركي وروسي في "صوامع الشركراك" قرب "عين عيسى" من أجل التباحث حول مصير المدينة. وهو ما تجدد بتاريخ نيسان ١٨ عام ٢٠٢٢ ودون علم النظام السوري بالأمر  وهو ما تسرب للأكراد الذي اقلقهم الموضوع جدا بسبب المستجدات في الحرب الأوكرانية التي مكنت أنقرة من ابتزاز كل من موسكو وكييف وواشنطن.
ما الذي سيحصل؟
تشير التحركات التركية إلى قرار أنقرة بحسم مصير مدينة "عين عيسى" وتقويض نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية" بداخلها. وهي ستستفيد من الحرب الأوكرانية ومن مشروع اعادة توطين مليون لاجيء سوري في مناطق المعارضة لتحقيق هدفها.
وبحسب المصدر التركي المتابع بدقة للمفاوضات  فان  سيناريو سيطرة ميليشيا " الوطني" على مدينة "عين عيسى"  وضع قيد التنفيذ من قبل تركيا مستفيدة من حرب اوكرانيا وازمة موسكو العسكرية والأقتصادية بسببها.
٠

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6