كتب أحمد عمر: أبو الهول: النوم على رأس عمله

2022.05.21 - 07:52
Facebook Share
طباعة

 هذه بلادٌ كبيت العنكبوت، يمكن لخبر أن يقوّضها أنكاثاً.

أعلن أحد كبار مذيعي شركة السيسي لبيع مصر بالمفرّق غضبه من إشاعة انتشرت عن أبو الهول في أثناء الدوام الرسمي، وظهر من صياحه أنه غائر على مصر وحارس الأهرامات، ومذيعوه غاضبون مثل ذكور الإوز، وهم أبطال المشهد السياسي، والخبر أنّ هاوياً من هواة الصور ضبط أبو الهول وقد أطبق جفنيه، فصار "ترند" على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد قضى أبو الهول حياته من غير أن يرفَّ له جفن.

والأمر لم يعدُ كونه طرفة، وخدعة تصوير، وقيل إنها زاوية تصويرٍ جعلت أبو الهول يبدو نائماً فهو مثل السيسي لا ينام، ولم يكذب النظام خبراً، فحاول الاستفادة منه، وذكرت الأخبار أن المصريين انشغلوا بالخبر لأنهم ينتظرون علامات الساعة، وربما تذكّروا بعض لعنات الفراعنة، وربما شعروا أن أبو الهول فاض به الكيل من التعب والجوع، فخلد إلى النوم في هجعة القيلولة، أو أنه يئس من الحراسة فمصر تباع بالمفرّق.

وقبل فترة غير بعيدة، رأينا خمسة عشر مخبراً يلحقون بسائح أميركي، اسمه شاكون، في شوارع القاهرة، خفافاً وثقالاً، مع أن الناس كلهم مدججون بالهواتف المصوّرة، كانوا مذعورين من أن يلتقط صوراً لأم الدنيا حاسرة الوجه.

وقبل حادثة شاكون جرى توقيف يوتيوبر أميركي اسمه آليكس: وهو يوتوبير طعام، لكن المخابرات المصرية خافت من كشف أسرار صناعة الكعك، أو منافسة محتملة في سوق الأطعمة الحربية، فأوقف واقتيد مخفوراً وصادروا آلاته ومسحوا من ذاكرة هاتفه الصور الجميلة التي التقطها للمصريين مع رغيفهم الصغير، الذي تقلص بالحرارة، مع أن المعادن والأشياء تتمدّد بالحرارة، مع أنه سبق أن حصل على إذن بالتصوير من وزير الداخلية.


وهوجمت مطربة شهيرة، موالية، ويصعب العثور على مطرب معارض، هي شيرين، ورُفعت ضدها دعوى، لأنها حذّرت مواطنيها من شرب ماء النيل من غير تعقيم. وكان تحذيرها يستوجب التكريم والإشادة، لحرصها على صحة شعبها، فبكت بدموع سجام، واعتذرت، وضربت للسيسي التحية العسكرية وغنت له أغنية قبل النوم، لكن السيسي مثل أبو الهول لا ينام.


ويمكن تأويل غضب النظام المصري ورجاله الميامين من قول المطربة شيرين، فإما غيرة على النيل الذي شحّ وقلّ وباتت سمعته في خطر، أو خوفاً من أن ينتصح المصريون بتحذيرها، فيتورّعون عن شرب ماء النيل فتقلّ أمراضهم ويكثرون وينجبون، والسيسي ضائقٌ ذرعه بكثرتهم وتناسلهم، فهو عاجزٌ عن إطعام مزيد من الأفواه والأرانب.


والشأن كذلك في سورية، وقد شاعت تهمة توهين نفسية الأمة وإضعاف الشعور القومي في حقبة الرئيس الجونيور، وهي تهمةٌ تُلصق بمن يسارع إلى تنظيف حيّه، مع أن سورية محتلة موهنة، ولم تعد تذكر العروبة في خطب قادتها وخطبائها وهي محتلة من عدة دول، مثل أميركا وروسيا ودول أوروبية، ومجموعات مقاتلة من شتى بقاع الأرض، وشعبها يعاني من الجوع والخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، فما سبب كل هذه الغيرة المجنونة على الأوطان المقدّسة.


نعلم أن السيسي هدّد "أي حد يقرّب من الكرسي ده". وكلما كثرت المقدسات زادت المحرّمات، ويعرف المصريون والسوريون أن الرئيس مقدّس، وهو الشجرة المحرّمة في الوطن، القاعدة الفقهية المعروفة: الأصل في الأشياء الإباحة صارت: الأصل هو التحريم، وقاعدة "ادرأوا الحدود بالشبهات تحوّلت إلى نقيضها وهو اعتقلوا بالشبهات". 


قد يظن الظنين أن هؤلاء يغارون على ذخائر مصر وآثارها وهم يبيعونها، وكان السادات يهدي الآثار إلى الرؤساء تقرّباً منهم، وكأنها ملكه. أغلب الظن أن السيسي ينوي بيع أبو الهول، ولا يريد أن تشاع عن أبو الهول إشاعات تخفض سعره في السوق .. هو لا ينام.


في هذه الآونة، جرفت الجرافات مقبرة طه حسين لبناء جسر باسم الصحافي ياسر رزق، وكانت قد جرفت من قبل مقبرة الإمام العزّ بن عبد السلام وآل الدراملي بأستيكة.

 المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 7