ألعاب الفيديو الحربية.. وسيلة للتواصل والتجنيد!

2022.05.15 - 05:13
Facebook Share
طباعة

 هناك أكثر من 3.24 مليارات لاعب فيديو في العالم حاليا، وبلغت قيمة سوق ألعاب الفيديو العالمية 195.65 مليار دولار أميركي عام 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى 583.69 مليارا عام 2030 بمعدل نمو سنوي يبلغ 12.9% خلال هذه الفترة، وفق ما ذكرت مؤخرا منصة "غراند فيو ريسيرتش" (Grand View Research).

والجزء الأكبر من هذه الألعاب حربية تجتذب مئات الملايين من اللاعبين في شتى أنحاء العالم، ولندلل عن مدى انتشارها في أوساط الجمهور يكفي أن نعرف أن واحدة منها هي "كول أوف ديوتي" (Call of Duty) قد استقطبت أكثر من 6 ملايين نشط خلال 24 ساعة فقط من إصدار آخر نسخة منها عام 2020، ونما هذا الرقم ليصل إلى أكثر من 100 مليون نشط خلال 13 شهرا فقط من وجودها بالسوق، وذلك حسب ما ذكرت مؤخرا منصة "ستاتيستا" (Statista).

وتعتبر الألعاب الحربية من الأعمال التجارية الكبيرة في عالم الألعاب الإلكترونية، حيث تجذب أكثر الإصدارات نجاحا ملايين اللاعبين، وهذا النوع من الألعاب مستوحى من التكنولوجيا العسكرية الحقيقية، حيث يذهب مطورو الألعاب الحربية التكتيكية إلى أبعد الحدود لضمان أن تكون منتجاتهم، قدر الإمكان، انعكاسا دقيقا لأحدث التقنيات والتكتيكات التي يتم استخدامها في ساحات القتال اليوم، وذلك كما يقول الكاتب "كريس لو" في تقرير له نشرته منصة "أرمي تيكنولوجي" (army-technology) مؤخرا.

وفي الحقيقة، فإن العلاقة بين الجيوش والألعاب الإلكترونية تبادلية حيث يستفيد مطورو هذه الألعاب من الخطط والتكتيكات العسكرية الفعلية في تطوير ألعابهم، وتستفيد الجيوش من التقنيات المتطورة التي وصلت إليها هذه الألعاب في وضع ورسم وتنفيذ خططهم الحربية على أرض الميدان.

وعلى أرض الواقع، فإن علاقة صناعة الألعاب الإلكترونية بالجيوش والحروب تزداد عمقا وتترسخ أكثر من أي وقت مضى، سواء من خلال التكنولوجيا المستخدمة في تدريب الضباط، أو التكتيكات والخطط الحربية أو بناء العلاقات الوثيقة مع قدامى المحاربين، أو حقيقة أن الجنود يحبون اللعب ببساطة، كما يقول الكاتب ستيفن باول في تقرير موسع له حول هذا الموضع نشرته شبكة "بي بي سي" (BBC) أخيرا.

ويقول دان غولدنبرغ، الذي خدم سابقا في البحرية الأميركية ويدير الآن "كول أوف ديوتي إنداومنت" (Call of Duty Endowment) وهي منظمة لدعم قدامى المحاربين تابعة لسلسلة ألعاب الفيديو الشهيرة "هناك تقارب عميق جدا مع الألعاب بين أولئك الذين يخدمون بنشاط في الجيش حاليا وقدامى المحاربين الأصغر سنا". ويضيف أن هذا الاتصال "لن يذهب وهو مستمر ويتعمق".

 

الحرب لعبة
قبل سنوات، كان القادة العسكريون يخططون، ويعدون، ويختبرون تكتيكاتهم العسكرية على خريطة بالية، وكانوا يغيرون النماذج الخشبية على الخريطة، التي تمثل حركة القوات في ساحة المعركة.

أما اليوم فبدلا من كل هذا يلعبون لعبة فيديو يضعون فيها خططهم وتكتيكاتهم وتوقعاتهم لسير المعركة، حيث تتيح التكنولوجيا المتطورة المستخدمة في بناء وتصميم الألعاب الحديثة للجنرالات القيام بشيء مماثل لما كان يفعله نظراؤهم التاريخيون، ولكن بطريقة أكثر تقدما وتطورا، وذلك كما ذكر الكاتب في تقريره آنف الذكر.

ويوضح جوي روبنسون من شركة "إيمبوبابل" (Impobable) للتكنولوجيا في تصريحات له لشبكة "بي بي سي" أن تقنية ألعاب الفيديو أصبحت قوية ومفيدة بشكل لا يصدق" وهي تمنح القدرة للجنرالات على إعادة إنشاء كل تعقيدات العالم الحقيقي في العالم الافتراضي".

ويسمح برنامج خاص طورته شركة "إيمبوبابل" تحت نفس الاسم بإعادة إنشاء سيناريوهات الحرب الواقعية افتراضيا، واستكشافها من زاوية نظر علوية مراقبة لساحة المعركة مثل "عين الطائر" التي تراقب كل شيء كما هو الحال في الألعاب الإستراتيجية مثل لعبة "كومبني أوف هيروز" (Company of Heroes) أو من منظور الشخص المشارك في المعركة، كما هو الحال في لعبة "كاونتر سترايك" (Counter Strike).

وفي هذا البرنامج -حسب الكاتب- يتم حساب تأثير الهجمات الإلكترونية والمعلومات المضللة التي تأتي من العدو وصولا إلى التركيبة السكانية والبنية التحتية للبلد الذي تجري المعركة على أراضيه، حيث يتم إدخال جميع الجوانب التي لا تعد ولا تحصى، التي من الممكن أن تؤثر على الحرب الحديثة، إلى البرنامج الذي يقوم بتحليل كل هذه المعلومات واستخلاص النتائج منها وتزويدها للجنرالات والقادة الذين يديرون الحرب فعلا "إن هذا أكثر بكثير من مجرد تحريك نماذج خشبية على خارطة قديمة كما كان يحدث في السابق".

ويوضح روبنسون "يمكن أن تأتي التهديدات من أي مكان اليوم، ومن الصعب للغاية فهم كيفية تطورها وتأثيرها على ساحة المعركة، كما أنه من الصعب جدا البدء في التخطيط للتعامل مع هذه المشاكل والتدرب على تجاوزها".

ويضيف "نحن نمكن صانعي القرار من تجربة الأفكار، واختبار الإستراتيجيات والمعدات الجديدة، وتدريب القوات على التعامل مع هذه البيئات المعقدة والمتغيرة باستمرار، حيث بإمكان القادة أن يتعلموا بسرعة على كيفية سير الأمور في الميدان، وتأثير كل هذه العوامل على ساحة المعركة، والتعلم منها لتجاوز أي مفاجآت غير متوقعة".

ويشرح روبنسون "إنه ليس مجرد تدريب نظري يتم فيه استخدام تكنولوجيا الألعاب لتخيل المعركة، بل هو نموذج يمكن تطبيقه بشكل فعلي على العمليات العسكرية التي تجري الآن مما يعني توفير ميزة كبرى للقادة على أرض المعركة الفعلية".

ولكنه يرفض الإفصاح -لأسباب أمنية- عما إذا كانت هذه التقنيات تستخدم حاليا في النزاعات والحروب التي تجري في العالم الآن مثل الحرب الأوكرانية.

 

وسيلة للتواصل والتجنيد
ويؤكد ستيفن باول في تقريره أن الألعاب الإلكترونية أصبحت مؤخرا جزءا أساسيا من إستراتيجية الجيش البريطاني للتعامل والتواصل مع الجمهور، فمن الزيارات المبرمجة إلى استخدام الألعاب كجزء علني من حملاتها الإعلانية والتفاعل بانتظام مع الأشخاص على منصات البث مثل منصة "تويتيش" (Twitch) حيث صار من الواضح أن كبار المسؤولين يعتقدون أن الملايين الذين يمارسون الألعاب بانتظام في المملكة المتحدة هم مجموعة ديموغرافية رئيسية يجب التواصل معهم.

وفي حديثه مع "بي بي سي" أوضح المُقدّم في الجيش البريطاني تيم إليوت "الفكرة بأكملها هي سد الفجوة بين الجيش والجمهور الذي نخدمه".

والمقدم إليوت هو رئيس قسم الرياضات الإلكترونية بالجيش البريطاني، ويشارك الجنود بانتظام في جلسات اللعب الخاصة بهم عبر الإنترنت، وهؤلاء يتباهون بمهاراتهم في اللعب، ويتحدثون مع الجمهور، ويكوِّنون مجتمعا من المشاهدين والمتابعين لهم.

ويوضح إليوت "يدرك الجيش أن هناك مسافة تتسع بيننا وبين الجمهور، لذا فإن الفكرة هي محاولة سد هذه الفجوة، وذلك حتى يفهم عامة الناس ما نقوم به، وأننا في الأساس بشر مثلهم ولكننا نرتدي الزي الرسمي".

ويؤكد أن هناك فرقا بين هذا العمل التوعوي والتوظيف فـ "يمكننا التفاعل مع الناس، ويمكنهم طرح الأسئلة على الجنود، وتلقي الإجابات بدون ضغط، والهدف هو الفهم وتجاوز الغموض وسوء الفهم المحيط بالجيش وليس الرغبة في التجنيد".

وفي حديثه مع "بي بي سي" أوضح المُقدّم في الجيش البريطاني تيم إليوت "الفكرة بأكملها هي سد الفجوة بين الجيش والجمهور الذي نخدمه".

والمقدم إليوت هو رئيس قسم الرياضات الإلكترونية بالجيش البريطاني، ويشارك الجنود بانتظام في جلسات اللعب الخاصة بهم عبر الإنترنت، وهؤلاء يتباهون بمهاراتهم في اللعب، ويتحدثون مع الجمهور، ويكوِّنون مجتمعا من المشاهدين والمتابعين لهم.

ويوضح إليوت "يدرك الجيش أن هناك مسافة تتسع بيننا وبين الجمهور، لذا فإن الفكرة هي محاولة سد هذه الفجوة، وذلك حتى يفهم عامة الناس ما نقوم به، وأننا في الأساس بشر مثلهم ولكننا نرتدي الزي الرسمي".

ويؤكد أن هناك فرقا بين هذا العمل التوعوي والتوظيف فـ "يمكننا التفاعل مع الناس، ويمكنهم طرح الأسئلة على الجنود، وتلقي الإجابات بدون ضغط، والهدف هو الفهم وتجاوز الغموض وسوء الفهم المحيط بالجيش وليس الرغبة في التجنيد".

واليوم، تصبح الحرب مجرد لعبة، والألعاب حروبا دامية لا رحمة فيها.

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 3