ما هي خيارات العاطلين عن العمل في لبنان

اعداد: فريدة جابر

2022.05.13 - 11:39
Facebook Share
طباعة

 كشفت احصائية رسمية عن ارتفاع معدل البطالة في لبنان نحو ثلاثة أضعاف على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد، وفق مسح جديد أجرته الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة.


وأوردت إدارة الإحصاء المركزية في لبنان ومنظمة العمل الدولية في بيان صحافي أنه “ارتفع معدل البطالة في لبنان من 11,4 في المئة” في الفترة الممتدة بين عامي 2018 و2019 إلى “29,6 في المئة في كانون الثاني/ يناير” الماضي.


وأوضحت الدراسة أن “ما يقارب ثلث القوى العاملة الناشطة كانت عاطلة عن العمل” مطلع العام، مشيرة الى أن نسبة البطالة في صفوف النساء أعلى مما هي عليه لدى الرجال.


وبحسب المسح الذي شمل عيّنة من 5444 أسرة من مختلف المحافظات، فإن “العمالة غير المنظمة، أي تلك التي لا تغطيها بشكل كاف الترتيبات الرسمية ونظم الحماية، تمثل الآن أكثر من ستين في المئة من مجموع العمالة في لبنان”.


ووجد المسح أنّ نحو نصف القوى العاملة والقوى العاملة المحتملة قد “تمّ استخدامهما بشكل ناقص”، وهو مصطلح يشير إلى البطالة، والى الأشخاص المتاحين للعمل لساعات أكثر مما يفعلون في الواقع، أو أولئك الذين لا يسعون للحصول على عمل.


كما ورد بالمسح أن غالبية الأسر المقيمة في لبنان، بنسبة 83% منها لا تقوى على الصمود أبدًا حتى لو لشهر واحد في حال فقدان جميع مصادر الدخل، مقابل قلة قليلة صرحت أن بإمكانها الصمود ستة أشهر أو أكثر من دون دخل.


وعند سؤال المقيمين في لبنان بعمر 15 سنة وما فوق عن الرغبة في الهجرة، أبدى أكثر من نصفهم (52%) رغبته في الهجرة من لبنان.

أما حسب الفئات العمرية فكانت الرغبة في الهجرة أكثر لدى الفئات الشابة 69% ممن هم بعمر 15-24 سنة و66% ممن هم بعمر 25-44 سنة، مقابل 10% فقط لدى المسنين بعمر 65 سنة وأكثر.


في آخر إحصاء لـ"الدولية للمعلومات" ظهر أن عدد اللبنانيين المهاجرين والمسافرين منذ بداية العام وحتى منتصف شهر نوفمبر 2021، وصل إلى 77,777 فردا مقارنة بـ 17,721 فردا في عام 2020. وتبين، أيضا، أن عدد اللبنانيين الذين هاجروا وسافروا من لبنان خلال الأعوام 2018- 2021 قد وصل إلى 195,433 لبنانيا.

ومنذ دخول لبنان في أزمة اقتصادية خانقة عام 2019، تشير الأرقام إلى تزايد في نسبة اللبنانيين، الساعين لمغادرة البلاد بحرا، وبصورة غير قانونية، وتقول الأمم المتحدة إن نحو 1600 شخص، حاولوا المغادرة بحراً العام الماضي، بارتفاع قدره 300 شخص مقارنة مع عامي 2019 و2021.


من جانبها تشير منظمة "اليونيسيف"، التابعة للأمم المتحدة أيضا في تقرير لها، إن 3 من بين كل 10 شبان وشابات في لبنان، توقفوا عن التعليم للبحث عن فرص عمل، فيما يشعر نحو 41 في المائة من الشباب، أن فرصتهم الوحيدة هي البحث عن فرص في الخارج.


ويدفع الحديث عن الظروف القاهرة، التي تضطر اللبنانيين لركوب البحر في رحلة غير شرعية تحفها المخاطر، بعض اللبنانيين لوصف ما يحدث بأنه "تهجير"، وليس هجرة عادية، إذ أن الظروف القاسية هي ما يدفع الناس لخيار الهجرة قسرا.


إلى جانب هذا تسبب الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه لبنان، وما نتج عنه، في دفع شريحة واسعة من اللبنانيين إلى العودة إلى القرى والأرياف، خلال الأعوام القليلة الماضية.


ويأتي النزوح المعاكس باتجاه الريف لعدم قدرة شرائح اجتماعيّة واسعة على تحمّل كلفة الحياة في المدينة، في ظل مستويات التضخّم المرتفعة التي تضرب البلاد. ومن حاجة هذه الشرائح إلى شبكات الحماية الأهليّة التي توفّرها القرى، وانخفاض كلفة العيش نسبياً هناك، في مقابل قسوة الحياة المُدنيّة وكلفتها المرتفعة.

وتشير إحصاءات "الدوليّة للمعلومات" إلى أنّ سكّان الأرياف يمثّلون اليوم نحو ربع المقيمين في لبنان. ومن بين هؤلاء، هناك نسبة تتراوح بين 5 و7% من الذين كانوا يقيمون في المدن سابقاً، قبل أن تدفعهم الضائقة الاقتصاديّة إلى العودة إلى الريف والالتحاق بالحياة القرويّة. وبذلك، يتبيّن أن عدد الذين قاموا خلال السنتين الماضيتين بنزوح معاكس، من المدينة إلى القرية، يتجاوز حدود 77 ألف لبناني، وهي ظاهرة يشهدها لبنان للمرّة الأولى في تاريخه.


وتعمل بعض مؤسسات المجتمع المدني على مساعدة العاطلين عن العمل في لبنان لكن نشطاء يرون أن تلك الجمعيات تعمل على إدرار الكثير من الأموال لتلك الفئة سواء عن طريق المساعدات أو الخدمات مقابل أجندتها وأفكارها الخاصة.


وأظهرت دراسة أخيرة للجنة "الإسكوا" التابعة للأمم المتحدة عما وصل إليه مستوى الفقر بين اللبنانيين، فنسبة الذين يعانون من الفقر المتعدّد البُعد في العام 2021 حوالى 82% من العدد الإجمالي للسكّان، فيما تبلغ نسبة من يعانون الفقر المُدقع المتعدّد البُعد 40%، في حين سجَّلت معدلات التضخم مستويات خطيرة وكبيرة وصلت إلى 281%.

وفي تصريحات صحفية، أشار الباحث في المؤسسة الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، إلى "أن هناك حوالى 80 ألف شخص تركوا العمل، و480 ألف شخص عاطلون عن العمل، ما يمثل 35% من القوى العاملة. وهو رقم متحفظ، من الممكن أن يرتفع بأي وقت. ما يؤدي حتماً إلى ارتفاع في معدلات الفقر".


والأربعاء الماضي، حذر تقرير للأمم المتحدة من وقوف لبنان على "شفير الانهيار"، مشيرا إلى انتشار الفقر حيث تضع التقديرات الحالية أربعة من كل خمسة أشخاص في فقر.

ومع الانتخابات البرلمانية المرتقبة في 15 الجاري، دعا دي شوتر "الحكومة المقبلة إلى وضع المساءلة والشفافية في قلب أعمالها"، لافتا إلى أن "الأزمة الاقتصادية في لبنان بدأت عام 2019 واليوم يقف البلد على شفير الانهيار" مستشهدا بالتقديرات الحالية التي تضع أربعة من كل خمسة أشخاص في الفقر.

وحملت الأمم المتحدة “الدولة اللبنانية، بما في ذلك مصرفها المركزي” المسؤولية “عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الإفقار غير الضروري للسكان، الذي نتج عن هذه الأزمة التي هي من صنع الإنسان” وكان “يمكن تجاوزها بالكامل”.


ويمر لبنان بأزمة صنفها البنك الدولي على أنها واحدة من أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ أواسط القرن 19.


وأدت أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة إلى انهيار العملة اللبنانية وإلى تجاوز معدل الفقر نسبة 82 % مع تفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع نقص في الوقود والأدوية وحليب الأطفال.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8