في لبنان الاستشفاء فقط للأغنياء

2022.05.12 - 07:14
Facebook Share
طباعة

كتبت باتريسيا جلاد في "نداء الوطن": تتعدّد أنواع التغطية الصحية في لبنان وتختلف نسبها. وزارة الصحة اللبنانية المولجة بتوفير التغطية الصحية وتنظيم القطاع الصحي بمجمله كانت تنفق نسبة 87% من موازنتها العامة على الإستشفاء والأدوية وتحظى البرامج الوقائية والرعاية الصحية الأولية بأقل من نسبة 5% من الموازنة.

في المستشفيات الحكومية كانت التغطية قبل الأزمة محدّدة بنسبة 95%، وفي المستشفيات الخاصة 85% من إجمالي الفاتورة. ومنذ العام 2016 ، بدأت "الصحة" تغطية علاج واستشفاء من هم فوق الـ64 بنسبة 100 في المئة .

أما في ما يتعلق بالجهات الضامنة فنسب التغطيات والتعرفات تختلف وتتوزّع على الشكل التالي:

- الضمان الإجتماعي التابع لوزارة العمل، يوفّر عادة للمنضوين تحت عباءته تغطية استشفائية بنسبة 90% على أن يتحمّل المواطن فارق الـ10% (اليوم انقلبت المعادلة).

- الجيش، تابع لوزارة الدفاع وكان يحظى بتغطية شاملة (بات اليوم يسدّد فوارق).

- الأمن الداخلي ومديرية الأمن العام تابعان لوزارة الداخلية وكانا يحظيان بتغطية كاملة أي بنسبة 100% (وباتا اليوم يسدّدان فوارق).

- تعاونية موظفي الدولة تضمن جميع الموظفين العموميين في الإدارات العامة بما فيها الجامعة اللبنانية باستثناء أفراد القوى المسلحة العسكريين أو المدنيين، كما تشمل تغطيتها موظفي وحرس مجلس النواب الدائمين بقرار يصدر عن رئيس المجلس النيابي. وتؤمن التعاونية التغطية لنفقات الاستشفاء بنسبة 90% و75% لزوم الأدوية والفحوصات الخارجية…وقبل بدء رحلة الإنهيار رفعت التعاونية نسبة مساهمتها في تغطية نفقات الامراض السرطانية لتصبح بنسبة 100%.

- صناديق التعاضد، تنقسم إلى نوعين، إما أن يكون الإنتساب إليها إلزامياً كما هي الحال بالنسبة الى كتّاب العدل والقضاة، وتتكفّل بتكاليف الخدمات الطبية التي يحتاجونها، وإما أن يكون الإنتساب إليها إختيارياً، كما هي حال أساتذة وموظفي الجامعة اللبنانية الذين يستطيعون الإنتساب إلى صندوق التعاضد الخاص بهم رغم استفادتهم من خدمات تعاونية موظفي الدولة أو الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، بهدف الإستفادة من فارق نفقات الإستشفاء التي يتكبدّونها.

- شركات التأمين الخاصة للأفراد غير المؤمنين من أي صندوق ضامن من تلك المعددة سابقاً وهي تابعة لوزارة الإقتصاد، كانت تغطي المؤمّن لديها بنسبة 100% وتسدّ ثغرات الفوارق لدى الجهات الضامنة الأخرى، اليوم باتت تقسم درجة تغطيتها بين أولئك الذين سددوا الأقساط بالدولار نقداً والذين أودعوا القسط بالليرة اللبنانية سابقاً وأولئك الذي دفعوا مستحقاتهم من خلال تحويلات وشيكات. اما تسعيرة التعرفة الإستشفائية المحددة للمستشفيات، فتتفاوت بين جهة ضامنة وأخرى، وهذه السياسة وصفها وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض خلال حديثه الى "نداء الوطن" بـ"الخاطئة اذ أن كل جهة لديها تعرفتها الخاصة وتمويلها الخاص بسبب وجود مشاكل إدارية، ما يؤدي الى عدم وجود نظام موحّد معتمد في عملية الدفع one payer system للصناديق الضامنة".

اليوم ومع استفحال الأزمة وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء من 1515 ليرة لبنانية الى 27 ألف ليرة أي بنحو 17.5 ضعفاً، تبدّلت المعادلة لدى المستشفيات الخاصة فارتفعت الكلفة الإستشفائية بسبب انقطاع الكهرباء بشكل دائم والإعتماد على المولدات الخاصة التي تعمل على المازوت. فدخل "الحابل بالنابل" وبدأت عملية "شدّ الحبال" بين المستشفيات وشركات التأمين والجهات الضامنة، فكان المواطن الضحيّة وتمّ تجريده من التغطيات التي كانت تظلّله.

فبات من الصعب على المضمون الدخول الى المستشفى من دون تكبّد فواتير ضخمة، ما جعل الطبابة والإستشفاء والحصول على الدواء أمراً مستعصياً حيناً ومستحيلاً حيناً آخر. فبعض الجهات الضامنة لا تزال في الوقت الراهن تحاسب المستشفيات على أساس السعر الرسمي للدولار. هذا الأمر قلب معادلة تغطية الضمان من 90% الى 10% على أن يتكلف المريض نسبة الـ90% من جيبه الخاص. ماذا عن الجهات الضامنة الأخرى؟

يقول الأبيض إن "نقابة المستشفيات الخاصة، تجد أن التعرفة يجب أن ترتفع بين 9 و 10 أضعاف للتمكن من تغطية التكاليف التي تفاقمت". من هنا فهي ترفض استقبال مرضى الضمان لإجراء عملية جراحية على سبيل المثال قبل تقاضي الفارق مسبقاً من المريض. وكذلك الأمر بالنسبة الى الجهات الضامنة الأخرى.

وبالنسبة الى الجيش، فقد رفع سعر التعرفة 4 أضعاف اي وفق سعر صرف بقيمة 6000 ليرة، أما وزارة الصحة التي حصلت على تمويل من البنك الدولي فزادت تعرفتها بـ3.5 أضعاف ما يخفف تسديد الفروقات عن كاهل المواطن". وبقيت فواتير مرضى الضمان وتعاونية موظفي الدولة وقوى الأمن تحتسب وفق تعرفة السعر الرسمي للدولار.

ووسط انحدار مستوى وقيمة التغطية التأمينية وتحوّل القطاعات الطبية والإستشفائية نحو الدولرة النقدية، "فإن نسبة 10% من المواطنين فقط قادرة على شراء بوالص تأمين بالدولار نقداً" كما أكّد الأبيض. وبالتالي ان هؤلاء هم الوحيدون الذين سيلقون تغطية بنسبة 100%. فماذا تفعل نسبة الـ90% المتبقية وهل وزارة الصحة قادرة على تسديد كلفة الطبابة في المستشفيات؟ يؤكّد الأبيض أن "غير المؤمنين لدى القطاع الخاص يواجهون مشكلة في الإستشفاء بسبب عدم قدرة الجهات الضامنة على سدادها". موضحاً أن "وزارة الصحة تقوم بخطوات لتأمين اكبر نسبة ممكنة من التغطية الصحيّة وتخفيف الكلفة على الفقير. فعدا عن إقدامها على زيادة تسعيرة التعرفة للمستشفيات الخاصة تسعى الى دعم وتقوية الحكومية منها اذ تمّ توفير مازوت للمستشفيات الحكومية بقيمة تعادل 5 ملايين دولار من دولة قطر لتلبية حاجتها لفترة 6 أشهر. فضلاً عن مساعدات نتلقاها من جهات دولية في المعدات والمستلزمات الطبية لتخفيف عبء فارق الفاتورة الإستشفائية قليلاً عن كاهل المريض". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 5