دراسات تأهيل جسر رئيسي على ضفتي الفرات ... هل تتجاوز دلالاتها الهدف الخدمي ؟!

عثمان الخلف

2022.04.18 - 07:30
Facebook Share
طباعة

 فتحت خطوة الحكومة السوريّة بالبدء بإعداد الدراسات الفنيّة لتأهيل أحد أكبر الجسور على نهر الفرات بمحافظة دير الزور وهو جسر " حطلة " أو ( السياسيّة ) نسبة لمقر فرع الأمن السياسي الذي كان يتوضع على ضفته اليُمنى لجهة مركز المحافظة قُبيل استهدافه وتدميره من قبل مجموعات المعارضة المُسلحة بداية العام 2013 ، فتحت باب التكهنات عن ماهيتها التي جاءت مُفاجأة وسط ما يُشاع من أن أي خطوة بهذا الاتجاه لابد وأن تحصل في ظل توافق دولي من قبل القوى المُنخرطة بالأزمة السوريّة ، عززها أنها جاءت عقب شهرين من انطلاق عملية التسويّة للمطلوبين المدنيين والعسكريين والتي كانت قد بدأت في الرابع عشر من تشرين الثاني الماضي ، وما يُشاع عن إمكانية عملٍ ما باتجاه منطقة الجزيرة الواقعة تحت سيطرة القوات الأمريكيّة وميليشيا " قسد " لاستعادتها عسكرياً ، أو في إطار مُفاوضات.


* دراسات فنيّة :
الدراسات كانت بدأت منذ نهاية شهر شباط الماضي حسب تصريح مدير فرع الطرق المركزيّة بالمحافظة المهندس " عبدالكريم الخضر " لوكالة أنباء آسيا " بمدة زمنيّة تصل 105 أيام ، وبتكلفة ماليّة قُدرت ب150 مليون ليرة سوريّة ، وهي تُنفذ على ثلاث مراحل يُنفذها فريق من أحد المكاتب الهندسيّة ، يجري تدقيقها ومن ثم اعتمادها من قبل أساتذة في كلية الهندسة المدنيّة بجامعة دمشق .

 

باشر الفريق الهندسي المعني بهذه الدراسات والكلام للمهندس " الخضر " أعمال المرحلة الثانية من الدراسات والتي تتضمن تقديم الإضبارة التنفيذية للحل المقترح للجسر من جداول الكميات ، ودفاتر الشروط الفنيّة، والمخططات ، وتمتد مدة الانتهاء منها لشهرين ، لتتبعها مرحلة ثالثة لخمسة عشر يوماً ، تجري فيها طباعة الإضبارة التنفيذية لمشروع التأهيل وتسليمها للإدارة العامة.

 

وأضاف : " تأتي هذه المرحلة التي نحن بصدد تنفيذها منذ أيام بعد الانتهاء من خطوات المرحلة الأولى والتي جرى تدقيقها اعتمادها من قبل الجهة الموكل لها الأمر ، علماً أنها تضمنت وقتها الكشف الحسي على عناصر الجسر وتحديد المتضررة منها ، ثم قُدمت دراسة طبوغرافية للموقع المذكور ، إضافةً لتقرير "جيوتكنيكي " للتربة مع وضع الحلول الفنيّة للمعالجة واختيار الحل الأمثل فنياً واقتصادياً ، سبق ذلك وضع منظر عام للجسر حسب وضعه الحالي وبيان مواقع الضرر في العناصر الإنشائية وإعداد تقرير "هيدرولوجي" مع بيان عن منسوب الفيضان الأعظمي للنهر" .

" الخضر " وفي سؤال ل" أنباء آسيا " حول ماهية هكذا خطوة ؟ ، أشار إلى أن مديريته تعمل وفق توجهات حكوميّة لإعادة إعمار ما دُمر نتيجة الأحداث التي مرت بها دير الزور ، وليست لديه أي خلفيّة لهذا الأمر ، فعمله فنّي محض تجاه أي مشروع ، ومؤكد أنّ ذلك يأتي كحل لإنهاء معاناة التنقل للسكان على ضفتي نهر الفرات بكل.

 

* قرار خدمي اقتصادي :
شيخ عام قبيلة البقارة " نواف راغب البشير " وضع في تصريحه ل" أنباء آسيا " الأمر في سياق العمل الحكومي الجاري منذ حرير المحافظة لإعادة مادمرته الحرب : " لا ينبغي ربط أي خطوة من هذا القبيل بشيء ما أكثر من أنها تأتي في إطار تخديم الأهالي ، فهناك طلبة وموظفون يقصدون كليات جامعيّة ومعاهد وحتى مدارس من الريف الشمالي وسواه سيخدمهم هذا العمل، بل إن تأهيل الجسر له منافع اقتصاديّة ومعيشية لا تقل أهمية عن ذلك ، فالجسر المذكور كان ممر نقل لمختلف أنواع البضائع و الثروتين الزراعيّة والحيوانيّة ، وهو ضرورة حياتية تنعكس إيجاباً على مُجمل الوضع الاقتصادي "

الشيخ " البشير " لفت إلى أن لا جديد بالنسبة لوضع منطقة الجزيرة المُحتلة ، مُبيناً أن " للأصدقاء الروس" موقف مُختلف مع بروز مجريات الحرب في أوكرانيا ، نافياً أي تكهنات تتجاوز أو تخرج بموضوع تأهيل الجسر عن سياقه الاقتصادي والخدمي .

 

* دلالات .. ولكن !
للأمر دلالات كان يُمكن أخذها باتجاه ما يُروج عن نية الحكومة السوريّة إيجاد صيغة ما لاستعادة مناطق " الجزيرة " التي تتواجد بها قوات أمريكيّة ترعى أيضاً قوات سورية الديمقراطيّة " قسد" المُكونة من عناصر عربيّة وأخرى كردية ، لو كان ذلك قُبيل اندلاع الحرب الأوكرانيّة التي تشنها روسيا هناك ، حسب مايقول الناشط الصحفي " عبدالمنعم خليل " : " كانت المؤشرات جميعها تأخذ في هذا الاتجاه ، لكن كما يبدو فإن الحدث الأوكراني " فرملَ " الأمر بانتظار توقيتٍ مناسب قد لايطول ، علماً أنّ حراك عملية التسويّة للمطلوبين والتي جاءت كحلٍ لعودة الكثير من هؤلاء لحياتهم الطبيعيّة ، ومالذلك من منعكسات إيجابيّة تصب في صالح منظور الدولة السوريّة لتفكيك المشهد وقواه في منطقة " الجزيرة " ، بما يسحب ذرائع الوجود الاحتلالي الأمريكي.

 

تأهيل الجسر كما يؤكد " خليل " ماضٍ وفق خطط حكوميّة حتى إعادته للعمل ، نافياً علمه بسقف زمني لذلك ، وهو سيلعب دوراً رئيسياً لجهة تخديم الأهالي وانسيابية دخول البضائع وكافة مستلزمات العملية الإنتاجيّة زراعياً والتخفيف من وطأة الأوضاع المعيشيّة ، وبالمجمل يٌعد ذلك عاملاً مساعداً في حركة الإعمار ، لاسيما بقرى وبلدات الريف الشمالي الست الواقعة تحت سلطة الدولة السوريّة وهي : " حطلة ، الحسينيّة، مراط ، مظلوم ، خشام ، طابيّة جزيرة " .

 

مراقبون يرون أنّ واقع الأحداث في " أوكرانيا" قد يؤخر أي حراك باتجاه منطقة " الجزيرة " وعودتها لسلطة الدولة السوريّة والتي عاشت في الفترة القريبة الماضيّة حراكاً تفاوضياً عبر " الروس " كان مُقدراً أن تدخل بموجبه عناصر للشرطة العسكريّة الروسية وقوات من الجيش السوري إلى هناك ، حراك حسب شخصيات في مركز المصالحة بدير الزور لاقى ترحيباً من شيوخ ووجهاء عشائر وازنين بالمنطقة المذكورة ، فيما يبدو أن تصاعد الحدث " الأوكراني " وضع ضبابية على المشهد ، خصوصاً وأن الطرف الأمريكي ضاعف في الأيام الماضية عديد التسليح بالمنطقة المذكورة عبر شحنات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات اللوجستية خاصة لقاعدتيه في حقلي " كونيكو " للغاز ، و " العمر " النفطي بريف دير الزور الشمالي .

 

وضمت المُعدات التي وصفت بالأضخم شاحنات كبيرة وعربات "برادلي" القتالية وشاحنات تحمل معدات لوجستية ، برفقة عشرين آلية عسكرية تابعة لقوات "التحالف الدولي" تحت غطاء المروحيات ، ناهيك عن إعادة تعويم طروحات " الفيدرالية " التي جاوزت
شمال شرق سورية ( الحسكة ) ، إلى " إدلب " و ومناطق سيطرة فصائل مدعومة تركياً تحت يافطة ما يُسمى " الجيش الوطني" شمال حلب .

 

هذا ويُعد " جسر حطلة " الذي يربط مركز المحافظة مدينة دير الزور بريفها الشمالي أحد أكبر الجسور على نهر الفرات ويمتد لمسافة تصل إلى قرابة 420 متراً ، فيما المتضرر منه 230 متراً .

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8