الحكم الذاتي في سوريا دعم أمريكي محاط بالصعوبات

شيماء أحمد

2022.03.29 - 06:20
Facebook Share
طباعة

 هناك العديد من المصاعب والأزمات التي تواجه الإدارة الذاتية في " شمال وشرق سوريا""روجافا". حيث تتنوع تلك المصاعب بين السياسي والاقتصادي وكذلك الأمني، وذلك في ظل  افتقاد الكثير من السكان الثقة في تلك الإدارة، منذ الهجوم الذي شنّه تنظيم "الدولة الإسلامية" مؤخراً على "سجن الصناعة".

الأمر الذي يشير إلى ضرورة إعادة صياغة الاستراتيجية التي تعتمدها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون  إذا كانوا يأملون بإستمرار هذه الإدارة ومنعها من الانهيار.

أزمات اقتصادية ومعيشية:

شهدت المناطق الواقعة تحت سيطرة " الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" حالة من التردي الاقتصادي والمعيشي، تجلت تلك المشاهد في فصل الشتاء الحالي حيث عاد انقطاع الكهرباء بشكل كبير في ظل عدم تزوّد الحكومة السكان بوقود التدفئة منذ تشرين الثاني/نوفمبر، ومنع شرائه من السوق السوداء، ما تسبب في زيادة ساعات الظلام.

إلى جانب هذا تعود أزمة  انقطاع الطاقة إلى مستويات المياه المتدنية في خزانات السدود على طول نهر الفرات - نتيجة للجفاف المحلي، والسياسات التي تفرضها تركيا للاحتفاظ بالمياه في أعالي النهر.

على سبيل المثال، عانت مدينة الحسكة من نقص في المياه لأن مصدرها الرئيسي، محطة ضخ علوك بالقرب من رأس العين، أصبحت تحت سيطرة تركيا خلال هجوم كبير نفذته في تشرين الأول/أكتوبر 2019. وجرى توسيع "قناة صور" لسحب المياه من نهر الفرات، ولكن ذلك لم يكن كافياً لتلبية حاجات سكان المنطقة الذين يقدر عددهم بمليون نسمة.

أما عن الإمدادات الغذائية، فقد أفادت تقارير صحفية بتقنين الخبز المدعوم. ويتمتع السكان بخيار شراء كميات أكبر من الخبز ذي الجودة الأفضل من الأفران الخاصة، لكن في المقابل يصل سعر الخير غير المدعوم أغلى بثمانية أضعاف نظيره المدعوم - حوالي 2000 ليرة سورية (0.50 دولار أمريكي) لكيس وزنه كيلوغرام واحد.

وتجدر الإشارة إلى أن الرواتب الشهرية المحلية تتراوح بين 150 ألف ليرة (37.50 دولاراً) للعمال اليدويين إلى 300 ألف ليرة (75 دولاراً) لمعلمي المدارس الثانوية والجنود.ف ي المقابل وبحسب مؤشرات وتقارير لا تملك  "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" رفاهية رفع الأجور للمواطنين.

إلى جانب هذا وذاك، يتم استيراد معظم السلع المستهلكة في "روجافا"، نظراً لعدم وجود صناعة محلية عملياً. وبالتالي، يعتمد اقتصاد المنطقة على عدد قليل من المعابر المتصلة بالأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، ونظيرتها  الواقعة تحت سيطرة تركيا و «إقليم كردستان العراق».

المساعدات الغربية للإدارة الذاتية.

وتعمل بعض وكالات التنمية التي تموّلها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي" إلى جانب المنظمات غير الحكومية الأخرى بشكل رئيسي من مكاتب بعيدة على الحدود (فيشخابور) أو داخل العراق (في أربيل)،  على مساعدة "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" في اجتياز تلك الأزمات المحيطة.

لكن في المقابل يظل الوضع بائسا  وغير مقبول في ظل تزايد احتياجات المنطقة، وهو ما تسبب في حالة احتقان داخلية بسبب  سياسات المساعدات الغربية.

وتكتفي الحكومات الغربية في التدخل في حالات الطوارئ بدلاً من اتّباعها سياسة إعادة إعمار فعلية لهذه المناطق. إلى جانب هذا لا تحظى "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" لا تحظى باعتراف رسمي على المستوى الدولي، مما يحد من أساليب التدخل المتاحة.

وفي الشمال، تواصل تركيا  عملياتها المعتادة من القصف وإطلاق القذائف عبر الحدود ما يبث الرعب في نفوس المواطنين.

فعلى سبيل المثال، أوقف مطوّرو العقارات معظم أعمال البناء في كوباني  منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019 خوفا من أن يكون مصير المدينة مشابهاً لعفرين أو رأس العين الخاضعتين للسيطرة التركية والتي تعاني من التدمير.

ونتيجة لكل المصاعب المحيطة بشمال وشرق سوريا، فحتى الإصلاحات المؤقتة يمكن أن تنهار وتتهاوى بسرعة في حال حصول أي هجوم تركي جديد، أو إغلاق الحدود لفترات طويلة، أو زيادة الجفاف سوءاً، أو أي عدد من السيناريوهات الأخرى.

مستقبل الإدارة الذاتية في سوريا:

منذ انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، تخشى "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" من أن تواجه المصير نفسه - وهو الخوف الذي تفاقم بسبب رحيل المبعوث الخاص ديفيد براونشتاين في كانون الأول/ديسمبر الماضي بعد شغله هذا المنصب أقل من عام واحد.

وبناء عليه ترى تقارير صحفية وبحثية بأنه إذا كانت الحكومات الغربية ترغب فعلاً في دعم الحكم الذاتي في شمال شرق سوريا، فعليها طمأنة السكان المحليين من خلال اتّباع سياسة طويلة الأمد تقدّم في الوقت نفسه فوائد ملموسة على أرض الواقع.

وتتمثل تلك السياسية بحسب باحثون في الأتي:"  أن يعلن التحالف الدولي صراحةً أن قواته لن تغادر منطقة "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" قبل أن توافق دمشق على اتفاق سياسي بشأن الحكم الذاتي، وبخلاف ذلك، قد تشعر السلطات في شمال شرق البلاد بأنها مضطرة لطلب الحماية الروسية أو حتى الإيرانية ضد تركيا".

جدير بالذكر أن  القوات الروسية تتمركز في قواعد مؤقتة ولا تخرج إلا ضمن قوافل ترافقها «قوات سوريا الديمقراطية».  وفي حالة رغبة أمريكا بالتواجد على المدى البعيد فإن هذا يعني احتمالية عزلة هذه القوات الروسية، خاصة إذا رأت «قوات سوريا الديمقراطية» أنها لم تعد بحاجة إلى روسيا.

لكن لتحقيق ذلك على واشنطن وحلفائها إقناع تركيا بوقف تهديداتها عبر الحدود وإخلاء المنطقة بين تل أبيض ورأس العين.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 8