ارتفاع الأسعار بالأسواق المصرية والحكومة تتدخل

2022.03.27 - 10:56
Facebook Share
طباعة

  لا حديث يعلو على غلاء الأسعار في مصر، مثلها مثل العديد من بلدان العالم، مع اقتراب شهر رمضان الذي يزيد فيه الإنفاق لما للشهر المبارك من عادات وتقاليد خاصة يتعلق أكثرها بالطعام والشراب سواء بالنسبة للأسرة أو الأهل أو الأصدقاء.

استعدت الأسواق في مصر لشهر رمضان منذ منتصف شهر رجب بجميع أصناف "الياميش" مثل قمر الدين والمكسرات والتين والتمور والبلح والمشروبات والمخللات وزيتون المائدة والزينة والفوانيس والأنوار، لكنها كالعادة شهدت زيادة في الأسعار حتى قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

تراوحت الزيادة، بحسب تجار ومستوردين للجزيرة نت، ما بين 15% و20% نتيجة القيود المفروضة على الاستيراد وارتفاع تكاليف الشحن والنقل، وليس فقط لارتفاع السلع ذاتها من الخارج، مشيرين إلى أن مصر تستورد 80% من احتياجاتها الرمضانية من الخارج.

اضطراب الأسعار بالأسواق
وقال مجدي توفيق، في شعبة العطارة التابعة لغرفة القاهرة التجارية، إن الزيادة في الأسعار لا علاقة لها بتداعيات الحرب في أوكرانيا، لأن مستلزمات رمضان تم التعاقد عليها واستيرادها ودخولها المخازن، بل توزيعها على المحلات قبل الحرب، والأسعار معلنة في جميع المحلات منذ أكثر من شهر.

ورغم أن مصر من أكبر الدول إنتاجا للتمور على مستوى العالم، فإنها تستورد أنواعا مختلفة من التمور السعودية والأردنية وعلى رأسها تمور المدينة والسكري والمفتل والخضري والصقعي والمجدول، وتشتهر بالبلح الناشف بأنواعه.

كما تستورد جميع أنواع المكسرات مثل عين الجمل واللوز والبندق والفستق، سواء الأميركي أو الإيراني، والتين وقمر الدين السوري والمشمشية والقراصيا والتمر الهندي وجوز الهند والزبيب الإيراني، والدوم والخروب وغيرها.

وفيما يتعلق بالفوانيس والزينة الرمضانية، قال بركات صفا نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال بغرفة القاهرة التجارية للجزيرة نت إن "الكثير من الورش والمصانع حافظت على مستوى منخفض من الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار مواد الخام"، لافتا إلى أن "الاختلاف في الأسعار هو في سعر الحد الأدنى والأقصى للفانوس وما بينهما توجد أسعار كثيرة بحسب نوع وخامة الفانوس".

تذمر شعبي
واشتكى مواطنون، في تصريحات مختلفة للجزيرة نت، من ارتفاع الأسعار واضطراب ميزانية بيوتهم الشهرية، مؤكدين أن هذه الأيام تبدو أصعب من أي وقت مضىى.

وقال محاسب بشركة خاصة "الظروف الحالية تجبرنا على مراجعة قائمة أولويات المنزل، والبحث عن بدائل أقل سعرا ولكنها ستكون أقل جودة بكل تأكيد، غلاء الأسعار لا يتوقف منذ سنوات".

بدورها، أعربت ربة منزل في حي الهرم بالجيزة عن تذمرها من ضغوط الأسعار على أسرتها، قائلة "ما يجري لم يكن في الحسبان، كنا ننتظر شهر رمضان بفارغ الصبر في أجواء من الفرح والسعادة، واشترينا الفانوس وعلقنا الأنوار، وتبضعنا سلع الشهر الكريم ثم تفاجأنا بجيوبنا خاوية.. لن نأكل ياميش ومكسرات طوال الشهر بالطبع".

مع أول ضربة للجيش الروسي في أوكرانيا قبل شهر، انفجرت بالونة أسعار السلع الأساسية، واتجهت الأنظار إلى الدقيق والزيوت والسمن والسكر والحبوب، والتي تبعتها قفزة في أسعار اللحوم البيضاء والحمراء والسمك، وقفز سعر رغيف الخبز الحر 50% دفعة واحدة، وسط تذمر قطاع عريض من المواطنين.

وجعلت الأسعار الجديدة غالبية المصريين في حيرة وغضب خاصة مع ارتفاع سعر رغيف الخبز الحر، إذ يوجد نحو 27 مليون مواطن لا يعتمدون على الخبز المدعم، وفق شيرين الشواربي أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة وعضوة المعهد القومي للتخطيط، مطالبة بعدم تركهم لصدمة السعر.

قرارات وإجراءات حكومية
وفي محاولة لمواجهة انفلات الأسعار، قررت الحكومة المصرية إلزام الفلاحين بتوريد القمح لمخازن وزارة التموين مع صرف حافز نقدي 65 جنيها للأردب (يساوي 150 كلغ) وسط مطالب بمضاعفة الحافز بعد ارتفاع أسعار القمح والدولار أمام الجنيه.

كما حددت الحكومة، في قرار نادر، سعر بيع الخبز الحر بما يشمل الخبز المميز والخبز الفينو، وبإلزام المتاجر والأفران السياحية كافة به وغيرها من منافذ البيع، لمدة 3 أشهر، وتغليظ العقوبة للمخالفين بالسجن والغرامة.

وتزامن ارتفاع أسعار المواد الغذائية مع قرار الحكومة المصرية المفاجئ رفع أسعار أسطوانات البوتاغاز المنزلي والتجاري للمرة الثانية خلال 3 أشهر فقط، لتصبح 75 جنيها و150 جنيها على التوالي بزيادة قدرها 5 جنيهات و10 جنيهات عن آخر مرة زادت فيها الأسعار في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي (الدولار يعادل 18.50 جنيها).

والمتضرر من ارتفاع أسعار أسطوانات البوتاغاز هم أهل الريف في الدلتا والصعيد، الذين ليس لديهم غاز طبيعي في المنازل، وتسببت تلك الخطوة في ارتفاع جميع أسعار الوجبات الشعبية على رأسها الفول والطعمية، ولكن الحكومة تقول إنها لا تزال تدعم أسعار الغاز رغم زيادة سعر أسطوانات الغاز، وإن على المواطن مساعدة الدولة في تحمل جزء من الأعباء.

وحذر الدكتور عبد التواب بركات مستشار وزير التموين سابقا من مغبة ترك الخبز لأسعار السوق الحر، لأنها "سلعة إستراتيجية، وتمثل الوجبة الرئيسية لغالبية المصريين، لذا كان من الضروري أن تتدخل الدولة لتوقف حمى ارتفاع أسعار الخبز".

وتوقع، في تصريحات للجزيرة نت، أن تحافظ الدولة على سعر الخبز المدعم الذي يتم صرفه على بطاقات التموين ويستفيد منه نحو 70 مليون مواطن، رغم اعتزامها تحريك سعره البالغ حاليا 5 قروش بدعوى زيادة التكلفة على موازنة الدولة، ولكن حماية الخبز وحده لا تكفي، فالتضخم سيطال كل شيء.

وسعت الحكومة للتخفيف من آثار الغلاء، فقامت قبل أيام بإطلاق معارض "أهلا رمضان" ومبادرة "كلنا واحد" و"المجمعات الاستهلاكية" في القاهرة والجيزة وعدد من المحافظات، وأعلنت طرح مختلف المنتجات والسلع الغذائية والرمضانية بأسعار مخفضة تتراوح بين 20% و30%، وذلك بمشاركة العديد من الشركات الغذائية الكبرى.

كما قامت القوات المسلحة المصرية بتجهيز مليون كرتونة سلع غذائية لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين في شهر رمضان لتوزيعها بالأسواق بأسعار مخفضة بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، مما يعكس حجم أزمة الغلاء في الأسواق.

وتمتلك القوات المسلحة 202 منفذ ثابت و1187 منفذا متحركا، وتساهم وزارة الداخلية بـ740 منفذا ثابتا و190 منفذا متحركا ضمن جهود الدولة لتوفير متطلبات المواطنين من السلع، حسب ما نشر الإعلام المحلي.

تحذيرات وتضخم
في غضون ذلك، حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" (FAO) من أن الأسعار العالمية للأغذية والأعلاف قد ترتفع ما بين 8% و20% نتيجة الحرب على أوكرانيا، مما سيؤدي إلى قفزة في عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في شتى أنحاء العالم.

وحذرت المنظمة من تعرض نحو 9.6% من السكان في مصر لخطر عدم القدرة على توفير طعام صحي لو تراجعت قدراتهم الشرائية بنسبة الثلث، خاصة على الطبقات الأكثر فقرا في العالم والتي تنفق معظم دخلها على الغذاء، مع اضطرابات عروض الأغذية في السوق العالمي.

وارتفع معدل التضخم السنوي الإجمالي في مصر خلال فبراير/شباط الماضي للشهر الثالث على التوالي ليسجل 10% مقابل 8% في يناير/كانون الثاني السابق، في أعلى ارتفاع له منذ منتصف عام 2019، بحسب بيان للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

المصدر : الجزيرة

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8