كتبَ حسين خيري: متى تسلب الأمومة أنوثة المرأة؟

2022.03.23 - 09:30
Facebook Share
طباعة

 قالوا: الأمومة تسلب من المرأة حريتها، وتجردها من هويتها الأنثوية، وتفرض عليها قيودًا تحدد دورها، وتكون مسبقًا لها منذ نشأتها، وهو الإنجاب، وفي حال افتقادها لمقومات الولادة، ينزوي دورها في المجتمع، ويكاد يصل بها الأمر إلى أن تصبح طريدة ومنبوذة.

 وهذه الترهات وليدة فرقة مخدوعة ومهوسة بأحاديث مساواة المرأة بالرجل، وبعيدًا عن الشد والجذب، توضح الثوابت الاجتماعية والعلمية أن كلا من الرجل والمرأة لهما دور مختلف عن الآخر، يهدف إلى بناء وتنمية المجتمع.

 ويضفون على ادعاءاتهم شيئًا من المفاهيم المتضاربة بقولهم أن انحسار دور المرأة في الإنجاب من موروثات المجتمعات التقليدية، أو كما يحلو لهم وصفها بالمجتمعات المتخلفة، والمكان هنا لا يتسع للرد على افتراءاتهم، والشاهد أن المجتمعات المتقدمة حاليًا من الصين واليابان شرقًا إلى أوروبا وأمريكا غربًا تحث مواطنيها على الزواج والإنجاب عبر تطبيق حزمة حوافز مادية واعتبارية.

 

ومن ناحية أخرى الإنسان شخص اجتماعي طبقًا لنظريات علم الاجتماع والعلوم الإنسانية الحديثة، وتخبرنا أن الرجل أو المرأة لا يشعران بالاستقرار العاطفي والنفسي إلا في ظل تفاعل أسري واجتماعي، وتُثبت أن الأفراد بحاجة إلى التفاعل الاجتماعي، وهو بمثابة هرم الاحتياجات الإنسانية.

 

ويفند عالم النفس "أبراهام ماسلو" حقيقة هذا الأفتراض بقوله أن الإنسان بحاجة إلى الحب والانتماء، حتى يكون إنسانًا صحيحًا نفسيًا، وتستطرد النظريات المشابهة لكلامه إذا حاول شخص التغيير بالقوة بعيدًا عما ارتضى إليه المجتمع من ضوابط وتقاليد، سيبدو شاذًا، ويحمل نفسه عبء الهروب بصفة دائمة وبأقنعة مختلفة ومزيفة.

 

وعرفت منظومة الحياة أن السبيل إلى حياة يهنأ فيها الإنسان من خلال العيش داخل أسرة صغيرة، تربط أفرادها صلات الدم والرحم، وتتناقض مع مفهوم العلاقات المؤقتة والمنافية للتقاليد والشرع، والتي سرعان ما تنهار وتتفكك، وتفقد المرأة فيها شرف أنوثتها بمنطقه الأشمل، وينحسر دورها في المتعة المجردة.

 

ولا يقتصر دور المرأة على الإنجاب لتصبح أمًا، فالابنة في بيت والدها لها دورها كأم ثانية مسئولة، وكذلك الخالة والعمة، والزوجة سكن يحتوي الزوج، ورباط المودة والمحبة هو الرباط الوثيق بين الزوج والزوجة كانت عقيمة أم لا.

 
والأبناء رصيد استثماري للمرأة الأم، تستثمر فيه أنوثتها بشكل فطري، وتستثمر فيها عواطفها المتغلبة عليها لكونها امرأة حسب ما أثبته العلم البيولوجي والنفسي، وليس طبقًا لتقاليد مجتمعات تقليدية متخلفة.

 

والإنسان بمقتضى أنه أسمى الكائنات، ولهذا يحتاج إلى فترة حضانة أطول بعد ولادته، غير أن كثيرًا من صغار الحيوانات ترغب العيش بمفردها بمجرد ولادتها، أو عقب فترة حضانة لا تستغرق بضعة أيام.

 

وترجع علة طول فترة حضانة الإنسان إلى احتياجه في بداية عمره إلى تشكيل وجدانه وترسيخ مبادئ التفكير السليم، حتى يخرج إلى مجتمعه فاعلا في البناء، ولذا يبرز أهمية دور المرأة كأم حاضنة، ويسوقنا ما سبق إلى أن الأمومة تؤكد أنوثة المرأة، وتسلب منها الأنوثة حينما تفقد دورها كأم.

 

 المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7