مبادرات تطوعية رومانية لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين

2022.03.07 - 04:45
Facebook Share
طباعة

 كان لخبر اندلاع الحرب في أوكرانيا، البلد الجار، وقع الصاعقة على الكثير من الرومانيين خاصة فئة الشباب منهم. الأغلبية العظمى لم تكن لتعتقد بأنها ستشهد حربا مماثلة على حدودها في هذا الزمن، فجأة وجدوا أنفسهم بمواجهة أكبر أزمة لجوء تشهدها القارة الأوروبية في القرن الحالي، حسب مفوضية اللاجئين. الآلاف تداعوا لتقديم المساعدة، إما عبر التبرعات أو التطوع مع إحدى الجمعيات أو المبادرات التي تهتم باللاجئين لحظة وصولهم.


منذ بدء المعارك في أوكرانيا، تداعت الدول المحيطة للإعلان عن استعدادها لتقديم كافة أنواع المساعدات، خاصة للاجئين الفارين من الحرب. رومانيا، إحدى الدول المجاورة لأوكرانيا والتي تتشارك معها بحدود تتخطى 600 كلم، أعلنت عن استعدادها استقبال نصف مليون لاجئ أوكراني، وتقديم كافة المساعدات المطلوبة لهم.


أجهزة الدولة المعنية باشرت أعمالها منذ اللحظة الأولى للمعارك. فرق الإنقاذ والإسعاف والإطفاء والشرطة والجيش ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والصحة، كلها جندت أعدادا كبيرة من فرقها ونشرتها عند النقاط والمعابر الحدودية لاستقبال اللاجئين.


المشهد عند معبر سيريت الحدودي مع أوكرانيا يختصر الواقع. مهندسون وأطباء ومحامون وتجار وحرفيون، الآلاف من الرومانيين اندفعوا لتقديم المساعدة لجيرانهم الفارين من الحرب. منهم من تطوع مع إحدى المنظمات غير الحكومية، آخرون أنشأوا مبادرات تطوعية في المدن والقرى المعنية، في حين ذهب أشخاص لإنشاء أدوات رقمية لتوفير المساعدة التقنية للاجئين.


المصالح الاقتصادية الخاصة دخلت أيضا على خط تقديم المساعدات. متاجر كارفور الرومانية على سبيل المثال تبرعت بعشرات الأطنان من المواد الغذائية. شركات نقل أيضا تبرعت بحافلاتها لنقل اللاجئين إلى مواقع مختلفة في رومانيا أو إلى بلدان أوروبية أخرى. الفنادق خصصت بعضا من غرفها وقاعاتها لاستقبال اللاجئين.


فندق "مانداكي" في مدينة سوتشيافا (40 كلم من الحدود الشرقية مع أوكرانيا) خصص أحد مبانيه لاستضافة المئات من العائلات الأوكرانية.


قاعة ضخمة فرشت بالسجاد الفاخر، على أطرافها مرايا وأرائك فخمة، في الوسط المئات من المراتب المصفوفة على كامل مساحتها. المئات يقبعون هناك، مستفيدين من حفاوة الضيافة ودفئ المكان. صخب الأطفال يتردد صداه بين جدران القاعة الضخمة، أمهات تجلسن على حوافي المراتب يحتضن أطفالهن الرضع أو يتحدثن على الهاتف، كبار في السن يتجولون على غير هدى يحاولون تحريك مفاصلهم وربما الالتهاء عن ضجيج الأولاد والمتطوعين.


في إحدى الزوايا ينشغل متطوعون باللعب مع الأطفال، آخرون يجلسون أمام حواسيبهم يسجلون المعطيات الجديدة والاحتياجات المطلوبة. أسفل القاعة، أنشأ صاحب الفندق مكانا وضع فيه 10 متطوعين، يستقبلون طلبات التطوع من مواطنين رومانيين آخرين، أو يتصلون بمؤسسات تجارية في البلاد لتنسيق وصول تبرعاتها إلى الفندق.


"منذ بدء المعارك، استقبل الفندق أكثر من 1500 لاجئ، معظمهم يبقى لليلة واحدة ريثما يتم تدبر أمرهم لنقلهم إلى مناطق أو دول أخرى"، يقول ستيفان مانداكي صاحب الفندق، "في بعض الأحيان تصل الأعداد هنا إلى 600 لاجئ، يتحول المكان إلى ملجئ كبير".


"لم علينا تحمل كل هذا"


إليانا، لاجئة أوكرانية تبلغ من العمر 33 عاما، تجلس على إحدى المراتب تراقب طفلها ذو الأعوام السبعة وهو يلعب مع أقرانه. "تركت حياتي كلها في خاركوف وجئت هنا، لا أحمل سوى حقيبة صغيرة وبعض الأدوية لجدتي"، تكمل إليانا وهي تغالب الدمع والغصة في حلقها، "زوجي أوصلني إلى الحدود وعاد، ممنوع على الرجال مغادرة البلاد بأمر من الحكومة. طمأنني وقال لي إن الوضع هكذا أفضل، على الأٌقل سيتمكن من حراسة المنزل".


بضع دقائق مرت قبل أن تلتقط الأم الشابة أنفاسها من نوبة بكاء صامت، "لما علينا تحمل كل هذا، أنا وطفلي وزوجي لا علاقة لنا بهذه الحرب. لم أكن أتصور بحياتي أنني سأضطر للهرب بثياب النوم وأصطحب جدتي ذات الأعوام الـ90 بحثا عن الأمان. كنا نعيش بأمان، أين ذهب ذلك".


في مطار مدينة ياش على الحدود الشرقية للبلاد، احتل العشرات من المتطوعين عدة زوايا في قاعة الاستقبال. منهم من يوزع المواد الغذائية على اللاجئين الوافدين أو المسافرين، آخرون ينشغلون بأنشطة للأطفال، كما هناك منهم متخصصون بالترجمة، يساعدون اللاجئين على التواصل مع أجهزة الأمن.


ناتاشا، إحدى المتطوعات الرومانيات في المطار، قالت لمهاجر نيوز إن "المبادرة هنا جاءت بدعوة من عدد من سكان المدينة. أطلقوا نداء على مواقع التواصل فبدأ المتطوعون والتبرعات بالوصول مباشرة".


الشابة التي تبلغ من العمر 19 عاما أوردت أنها شعرت "بضرورة القيام بشيء مع بدء الحرب. في البداية لم نشهد تدفق لاجئين، لكن ما هي إلى أيام قليلة حتى بدأ المساكين بالوصول. ما نقوم به هنا أساسي بالنسبة لي لأعزز القيم الإنسانية التي أؤمن بها ولأثبت بأننا يمكننا القيام بأي شيء للمساعدة".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 2