أوروبا ورحلة البحث عن البديل الروسي للطاقة

2022.02.28 - 10:57
Facebook Share
طباعة

 بدأت التقديرات وفرض الاحتمالات حول الطرق التي من المنتظر أن تسلكها الدول الأوروبية لتجاوز أزمة الغاز والنفط، التي من المحتمل أن تقع فيها الدول الأوربية، حال تطبيق العقوبات المقررة على روسيا، والتي تعتبر المتبع الرئيسي لمد الدول الأوربية بالغاز والنفط.
وفي تقرير لبل ترو في صحيفة الإندبندنت حول احتمال استفادة دول الخليج من التطورات الأخيرة على الساحة الأوكرانية لجهة تصدير النفط.
قالت الكاتبة الصحفية؛ أنه في حال شملت العقوبات التي فرضها زعماء العالم على روسيا بعد غزوها أوكرانيا، قطاع الطاقة، فإن ذلك قد يعود بالفائدة على دول الخليج.
وكانت ألمانيا قد اتخذت حتى الآن الخطوة الأبرز، حيث أوقفت التصديق على مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" بقيمة 11 مليار دولار من روسيا، "كان من المقرر أن يخفف الضغط على المستهلكين الأوروبيين الذين يواجهون أسعارا عالية قياسية"، بحسب التقرير.
وأشارت ترو إلى أن "الدول الأخرى كانت مترددة، كي لا تكون العقوبات على قطاع الطاقة في روسيا، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، وبلد مسؤول عن 40 في المئة من واردات أوروبا من الغاز الطبيعي، أو حتى قيام روسيا نفسها بإغلاق الحنفيات سلاحا مزدوجا".
وقالت "قد يكون لذلك تأثير مدمر على الاقتصاد العالمي في وقت تكون فيه الأسعار عند أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات".
وأضافت أن ذلك "سيعني على الأرجح اعتماد العالم على الدول الأخرى المنتجة للنفط والغاز لضخ المزيد من الإمدادات للمساعدة في الحفاظ على انخفاض الأسعار أو، في أسوأ السيناريوهات، لسد النقص الفوري إذا أوقفت روسيا الإمدادات". واعتبرت الكاتبة أن "هذا هو المكان الذي يمكن أن تستغل فيه دول الخليج أزمة أوكرانيا لصالحها، وربما تصبح واحدة من الفائزين الكبار في هذه الحرب".
وذكّرت ترو بإرسال واشنطن منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريت ماكغورك إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، لمناقشة قدرة الخليج على ضخ المزيد من النفط، بين ملفات أخرى.
وقد رفضت الرياض ذلك وبدلاً منه التزمت باتفاق إنتاج "أوبك +" لمدة خمس سنوات والذي يشمل روسيا، ما أثار اتهامات في وسائل الإعلام الأمريكية بأنها "تتواطأ" مع موسكو. وهنا أوضحت الكاتبة أن السعودية "يمكن أن تستفيد من هذه الحاجة في المستقبل".
فيما قال أندرياس كريغ، المتخصص الأمني في كينغز كوليدج لندن قوله: "يفهم بايدن أن السياسة الواقعية تفرض عليه العمل مع السعودية".
وأضاف كريغ "يمكن للسعوديين أن يطلبوا نوعا من حزمة الصواريخ الشاملة التي يحتاجون إليها لإعادة التخزين أو الحصول على المزيد من الضوء الأخضر في ما يتعلق باليمن. وسيكون من الحماقة ألا يفعلوا ذلك عندما يكونون في مقعد القيادة".
في هذا الصدد، قال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية، سام ويربرج، إن الولايات المتحدة تتواصل مع كل الدول التي لديها إمكانية لتصدير الغاز أو مصادر طاقة أخرى للسوق بشكل عام، بما في ذلك مصر ودول الخليج.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن "مسألة الغاز نقطة مهمة أمام روسيا، فمع تعليق (نورد ستريم 2)، من المحتمل أن نرى في المستقبل الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل أقل على الغاز الروسي، أو استخدام مصادر أخرى من الغاز سواء من أوروبا أو من دول أخرى، وهذا من التأثيرات السلبية على الاقتصاد الروسي على المدى البعيد التي سنراها".
وكان وزير الطاقة القطري سعد الكعبي قد قال الثلاثاء الماضي إنه "لا قطر ولا أي دولة أخرى لديها القدرة على استبدال إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بالكامل - في حال حدوث الأسوأ - بالنظر إلى أنها مسؤولة عن نحو نصف ما تحتاجه القارة". وأضاف إنه يمكن تحويل ما يصل إلى 15 في المئة إلى أوروبا.
وترى كارين إي يونغ، مديرة برنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط، "في حين أن النفط القطري لن يكون كافيا لسد الفجوة التي خلفتها روسيا، إلا أنه سيكون بطاقة قوية يمكن أن تستخدمها الدوحة لتأمين الدعم الغربي والنفوذ في المنطقة، حيث إنها تخرج من حصار تقوده السعودية لمدة أربع سنوات".
لكن في المقابل لفتت صحف أميركية مثل "وول ستريت جورنال" إلى أنّ زيادة إنتاج الغاز ليست العقبة الرئيسية الحائلة دون قدرة الولايات المتحدة، أو غيرها على دعم أوروبا بالغاز، لأنه حتى بفرض زيادة الإنتاج تقنياً، تبقى مشكلة الاختناقات بالنقل والشحن إلى الخارج، حيث لا تملك أميركا، سوى محدود من محطات إسالة الغاز الضرورية لنقله لمسافات طويلة، كما أنّ هذه المنشآت تعمل سلفاً، بطاقتها شبه القصوى.
الجدير ذكره إذاً أنّ المشكلة لا تتعلق فقط بالتصدير، ولكن المشكلة أيضاً لها علاقة بالبنية التحتية للمستوردين من أوروبا، حيث يبدو أنّ القارة العجوز لا تمتلك استراتيجية لحل مشاكل الغاز الطارئة، وفق ما بينته الأحداث الماضية، بحسب الصحيفة الأميركية نفسها.
ويعتمد مفهوم أمن الطاقة الأوروبي على عدة أسس تشمل، ضمان التدفق المستمر لموارد الطاقة بدون انقطاع، وتوفير الطاقة من مناطق إنتاج موثوقة وبالأسعار المناسبة، بالإضافة إلى عدم إلحاق الضرر بالبيئة. هذا مع عدم إغفال تنويع مناطق إمدادات الطاقة لتقليل التبعية لروسيا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 3