كتبَ عٌثمان فكري: العالم بين هيستيريا بايدن وهدوء بوتين

2022.02.21 - 07:13
Facebook Share
طباعة

 لا شك أن العلاقات الأمريكية الروسية قد وصلت إلى أدنى مستوياتها على الرغم من ارتفاع وتيرة الحوار الثنائي بينهما مؤخرًا بالتزامن مع إعتراضات أوروبا الغربية على تدريبات عسكرية ضخمة تٌجريها روسيا قٌرب حدودها مع أوكرانيا، وتأكيدات بوتين أكثر من مرة بأن روسيا قد تغزو أوكرانيا في أي لحظة، وأنها قد تختلق أي ذريعة أو سببٍ لشن الهجوم، وأنه من حق حلف الناتو وأوروبا الغربية التدخل للدفاع عن كل شبر من أراضيها وأراضي حلف شمال الأطلسي (الناتو).


وقد قامت روسيا خلال الفترة الأخير بحشد أكثر من 100 ألف جندي بالقرب من أوكرانيا رغم نفيها المٌتكرر لوجود أي نية لديها لغزو جارتها أوكرانيا، واتهمت الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بالتصرف بهيستيريا .. 

 المٌتحدث باسم الكرملين "ديمتري بيسكوف" أكد أن قنوات الحوار مفتوحة، وأنه من بين الإيجابيات التواصل بين الرئيس بوتين ونظيره الأمريكي بايدن - في إشارة إلى المٌكالمة الهاتفية التي جرت بينهما واستمرت لمدة ساعة كاملة – وهناك حوار على جبهات أخرى ووصفها بالتطور الإيجابي إذا علمنا أنه قبل عامين فقط لم يكن هٌناك أي حوار، ولم تكن هٌناك مثل هذه الاتصالات بين الرئيس الروسي ونظيره الأمريكي وباقي زعماء أوروبا الغربية.. 

 أما على أرض الواقع فإن روسيا تٌجري حاليًا تدريبات عسكرية مٌشتركة مع روسيا البيضاء، وهي الجارة الشمالية لأوكرانيا يٌشارك فيها مٌقاتلات من طراز سوخوي سو-30 وكذلك مجموعة من السفن المُسلحة بصواريخ كروز وصواريخ أسرع من الصوت في البحر الأسود والبحر المتوسط، وبالقرب من جزر القِرم التي قامت بضمها روسيا في عام 2014، وتأتي هذه المٌناورات في إطار مجموعة واسعة من التدريبات من المحيط الهادي إلى المحيط الأطلسي بمشاركة جميع أساطيلها خلا شهري يناير وفبراير..

 

وهكذا يقوم العالم بأسره بحبس أنفاسه هذه الأيام بسبب هيستيريا الحرب التي ينفخ فيها بايدن وطاقمه من العواجيز الديموقراط، وعلى رأسهم (هنري كيسنجر)، وهم يصبون الزيت على جمرها من خلال حشد الجيوس والأساطيل والغواصات النووية في الجوار البحري والبري الروسي، وطبعًا شن الحملات الدعائية من خلال آلة إعلامية جبارة تتهم بوتين طوال الوقت بأنه قد اتخذ القرار بغزو أوكرانيا وتقسيمها وشن الحرب.. 

 

والتصور الأمريكي للغزو الروسي لأوكرانيا هو أنه سيبدأ بغارات جوية روسية على شرق أوكرانيا يليها زحف بري واجتياح أرضي بالدبابات والمدرعات لمواجهة أي هٌجوم مٌضاد قد يشنه المٌتطرفون اليمينيون الأوكرانيون المدعومون أمريكيًا على إقليم بونباس المٌتمرد في الشرق؛ حيث تتمركز الأقلية الروسية في أوكرانيا.. 

 

وكان بايدن قد حدد سابقًا تاريخ يوم الــ 16 من الشهر الجاري (فبراير) وهو ما لم يحدٌث، في حين يؤكد مٌستشار الأمن القومي الأمريكي (جاك سوليفان) أن هذه الحرب باتت شبه مؤكدة، وأن رٌصاصاتها الأولى ستنطلق قبل يوم 20 من شهر فبراير الحالي؛ ولذلك فإن مٌعظم الدول الأوروبية - وبالطبع الولايات المتحدة - قد طالبوا رعاياهم بٌمغادرة أوكرانيا فورًا ودون تردد، وأجلت دبلوماسييها من العاصمة كييف بناءً على المعلومات التي يُروّجون لها، ويؤكّدون أنه لن يُوجد وقت لإقامة جُسور جويّة لإجلاء هؤلاء؛ على غِرار ما حدث في أفغانستان منذ شهور، وروسيا على وعي بهذا السيناريو الأمريكي المٌرعب، وتؤكد ليل نهار عبر وسائل إعلامها - ضعيفة التأثير - أنها لا تٌريد الحرب.


 وأن كل ما تٌريده هو قُبول أمريكا وحُلفائها بمطالبها الأمنيّة المحصورة في مطلبين أساسيين: الأوّل عدم توسيع (حلف الناتو) بضم دول الجِوار الروسي كانت عُضوًا في الحلف المرحوم والمأسوف على شبابه (حلف وارسو)، وعلى رأسها أوكرانيا، والمطلب الثاني هو عدم نصب منظومات صواريخ إستراتيجيّة نوويّة في هذه الدّول (بولندا ورومانيا وبلغاريا وأوكرانيا) تُهَدِّد الأمن القومي الروسي، ولكنّ هذه المطالب لم تحظ بالقُبول رُغم الجُهود الدبلوماسيّة الكبيرة.. 

 وفي إنتظار الحرب المزعومة وعلى وقع هيستيريا الأزمة الأوكرانية.. للحديث بقية

 

 

 المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3