كتبَ حسام الإمام: عزيزي الرجل.. الزم حدودك

2022.02.05 - 08:05
Facebook Share
طباعة

 أتعجب كثيرًا عندما أرى هؤلاء الرجال الذين يغضبون من مناداة المرأة بحقوقها، ومساواتها مع الرجل، ويصرون على التمسك بكلمات فارغة مثل الرجولة وتحمل المسؤولية....إلخ. 


نساء كثيرات يتحملن المسئولية أكثر من الرجال، مسئولية العمل وتربية الأولاد ورعاية هذا الرجل نفسه، عن أي شيء إذن يتحدث الرجال؟
 

 عزيزى الرجل، من أنت لتقارن نفسك بالمرأة التي تتعب وتشقى وتضحي بنفسها من أجلك وأجل أسرتها دون كلل أو ملل؟ من أنت لتتحدى وجودها وتأثيرها ودورها في حياتك وحياة أولادك الذي لا يمكنك أن تقوم به ولو أوتيت على عمرك آلاف السنين؟

 لا تقول لي إنك ذلك الشخص الذي يعمل دائمًا في صمت، يخرج من بيته قاصدًا وجه رب كريم، داعيًا الله أن يرزقه برزق أسرته، راجيًا إياه بقلبه وعقله ولسانه أن يمنحه القدرة على إرضاء زوجته وتوفير احتياجات أبنائه. 

 

أعلم أنك تتحمل في سبيل ذلك الكثير من التفاهات والرذالات من هذا وذاك، تتحمل في صمت وربما تبكي وتنزف من الداخل دون أن يراك أحد، لكنه واجبك يا عزيزي، وأعلم أنك قد تقضي يومك في أعمال إضافية لتوفير متطلبات أولادك وزوجتك، لا تستطيع أن ترتاح ولا دقيقة واحدة، وقد تكون أعمالًا لا تناسب مؤهلاتك ولا قدراتك.

 

أعرف من يعمل بالنهار معلمًا فاضلًا وبعد الظهر يعمل كحارس أمن في إحدى الشركات ليعامله كل من هب ودب وكأنه خادم لديهم، لكنه لا يلتفت إلى ذلك، هو يعلم فقط ضرورة توفير المال اللازم لأسرته.

 

ولا تتحجج بأن عملك يتطلب ذهنًا خاليًا من المشكلات حتى تؤديه على أفضل وجه وتستحق عنه راتبك، لأنك لابد أن تشارك في حل مشكلات المنزل، ولابد أن يكون لك وجود كأب وزوج، وفي نفس الوقت لابد أن تذهب إلى عملك وأنت خالي الذهن تمامًا، وقادر على الجلوس لمناقشة شئون العمل بمنتهى التركيز وإلا فقدت راتبك، أعلم أن ذلك قد يسبب لك ارتباكًا وتشوشًا وعدم القدرة على التركيز، لكنه واجبك.. لا أعذار يا سيدي.

 

ويجب أن تتعلم يا عزيزي أن كل ما يحدث لك على مدار اليوم من هم وغم لابد أن تلقيه جانبًا بمجرد أن تفتح باب شقتك وتدخل على أسرتك، أين الابتسامة التي عهدوها؟ ارسمها على وجهك حتى ولو كنت تتقطع من الداخل، اجلس واستمع إلى حكاياتهم مع أصدقائهم ومشكلاتهم التي تحتاج خبرتك وحكمتك، أنصت إلى زوجتك وهى تحكي ما قالته فلانة في حق علانة وضايقها كثيرًا، والنظرة غير اللائقة من زميلتها فلانة إلى زميلة أخرى والتى جرحت مشاعرها، ولون الفستان الذي كانت ترتديه فلانة والذي لا يليق بواحدة في سنها. 

 

لا تمل من الاستماع فالمرأة تحب أن تحكي من البداية إلى النهاية، لا تقل لها كفى، ولا " طيب إيه إللي حصل في الآخر" فهذا يزعجها كثيرًا، وليس من واجبك أن تضايقها بعد يوم طويل قضته في خدمتك أنت وأولادك.

 

أعلم أنك سوف تجتهد في تحقيق رغبتها ولن تضايقها، ربما لن تنصت لها؛ لكنك سوف تتقن دور المستمع الشغوف وربما تبدى علامات الفرحة أو الانزعاج حسب الحديث، لكن احذر وانتبه لأنها قد تطلب رأيك فيما قالته، عندئذ سوف تتلقى درسًا قاسيًا حول الفرق بين الإنصات والاستماع، واحذر أيضًا أن يكون رأيك مخالفًا لرأيها، فهو أمر لو تعلمون عظيم.

 

أما مسألة شكرك على جهودك فأنصحك ألا تجعلها حلمًا يراودك بين الحين والآخر، ولماذا نشكرك على واجب هو فرض عليك؟ لا تقل إن الجميع يشكرون المرأة على جهودها وتضحياتها في سبيل أسرتها، هذا طبيعي، هي المرأة يا عزيزي. 

 

عندما تعمل المرأة وتشارك براتبها في نفقات المنزل، لا تندهش عندما تجدها تذكر ذلك في كل وقت وحين، ولا تغضب عندما تجدها تطلب باستمرار العرفان بفضلها وجهودها في سبيل استمرار الحياة.

 

ولا تأمل أو تنتظر أن نشكرك على عملك وجهدك، ولماذا نشكرك؟ أنت رجل وهذا دورك ومكانك في الحياة، فلا تحاول القفز على أماكن ليست لك، الشكر والعرفان بالجميل لم يخلقا للرجال يا عزيزي، واعلم أنك في لحظة واحدة قد تسمع أنك سبب كل البلاوي والمصائب التي حدثت والتي سوف تحدث إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.

 

اذهب إلى الجحيم ولا تتدخل فيما لا يعنيك، لا تبدي رأيًا يغضب زوجتك أو أولادك، هم دائمًا على صواب، ولا تغضب أو تجعل صوتك يعلو في المنزل مهما كانت الضغوط التي تتعرض لها من الخارج، ولا حتى من الداخل، فهذا يغضب الجميع. 

 

إذا ارتفع صوت الزوجة أو الأبناء عليك لا تبدي غضبًا أو امتعاضًا، ليس من حقك، هم يعانون طوال اليوم ولديهم الكثير والكثير من الهموم والمسئوليات، وواجبك أن تتحمل ذلك، لا تنتقد أحدًا من أفراد أسرتك.. بأي حق تفعل ذلك؟

أنت مجرد ماكينة لضخ المال اللازم لاستمرار مسيرة تلك الأسرة، مهما كانت مشاركتك في تربية أولادك أو تفاعلك مع زوجتك أو تضحياتك من أجلهم، اعرف مكانك والتزم به من فضلك، وجرب أن تتغيب عن منزلك يومًا أو بعض يوم، وسوف تعلم أن الأمور تسير على ما يرام طالما أن هناك مالًا يكفي لسد الاحتياجات، ولن يسأل عنك أحد ولن يقول لك أحد أين أنت؟!

 

ببساطة لأنك الرجل.. قدرك أن تعمل في صمت من وراء الكواليس ولا تبدي غضبًا من أي شيء.. عزيزي الرجل اعرف حدودك والتزم بها.

 

 

 المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 4