عباس النوري يصفع السلطة السورية من عقر دارها

2022.01.29 - 08:15
Facebook Share
طباعة

 في تصريحات مفاجئة؛ حمل الممثل السوري، "عباس النوري" الدولة السورية مسؤولية كل شيء، لكونها تحكم جميع القطاعات الإعلامية والثقافية والصناعية والتجارية. معترفا بعدم وقوع أية مسؤولية على المواطن السوري، فهو "من ١٩٦٣ يسمع فقط". مضيفاً أن "الدولة لم تعترف يوماً بأخطائها".


وأضاف النوري في تصريحات صحفية أنه "بيننا وبين الدول العربية فروقات شاسعة، على صعيد الحريات، والدولة يمكن أن تحذف اسم شاعر من الوجود لمجرد اختلافه بالرأي معها".


مؤكدا على أن "من يصف الشعب السوري بأنه لا يمكن أن يستوعب مفهوم الديمقراطية، فهو خاطئ، ويمكن أن تُعلم الشعب الديمقراطية وتجعله هو يخوض تجاربه".


وتابع "سوريا كانت بلد الديمقراطيات بانتخاباتها وأحزابها، خصوصاً في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، إلى أن جاء حكم العسكر وأطاح بالديمقراطية والدستور والثقافة".


وأثارت تصريحات الممثل السوري عباس النوري الذي هاجم خلالها بشكل غير مباشر حزب البعث وطريقة استيلائه على السلطة السورية، وإشارته لرفعت الأسد وطريقة خروجه من البلاد، جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بعد قيام إذاعة “المدينة إف إم” بحذف مقابلة النوري، ما طرح التساؤلات حول علاقة حزب البعث أو رفعت الأسد بحذف المقابلة.


تصريحات النوري فتحت وابلا من الرصاص عليه من بعض الموالين للسلطة والحزب الحاكم، ووصل الأمر إلى أن طالب بعضهم بمحاكمته بتهمة “الخيانة العظمى”، في حين إطلق أخرون تهديدات شخصية للنوري بسبب تصريحاته.


من جانبه أكد حيدرة ابن بهجت سليمان، سفير سوريا السابق في الأردن، بأنه سيتوجه لرفع دعوى قضائية ضد الممثل السوري.


وفي منشور له عبر الفيسبوك قال: ” سأتقدم بصفتي مدعيا بالحق الشخصي ومعي عدة رفاق ورفيقات من الأعضاء العاملين في حزبنا بشكوى ضد المدعو عباس النوري بتهمة الإساءة لكل أعضاء الحزب وتحقيرهم والسب والشتم”.


وأضاف أنه “سيتقدم بالشكوى على اعتبار أنه عضو عامل في حزب البعث ووالده كان أحد قياديه، على اعتبار أن الحزب يرأسه بشار الأسد”.

وتعود رحلة صعود رفعت الأسد وشقيقه حافظ إلى عقد الستينيات من القرن الماضي بعد قيام ضباط ينتمون إلى حزب "البعث" بانقلاب عسكري في مارس/ آذار 1963، ما فتح الباب أمام مجموعة من الضباط للاستيلاء على السلطة في سورية على مراحل.


وعمل رفعت، خريج الكلية الحربية في حمص، في كنف شقيقه حافظ الذي تدرج في المناصب العسكرية وصولاً إلى توليه منصب وزير الدفاع وهو ما مكّنه من القيام بانقلاب في عام 1970 على رفاقه فتولى السلطة لمدة 30 عاماً من دون منازع وبصلاحيات مطلقة تحت رداء حزب "البعث".


تقلّد رفعت، وهو الشقيق الأصغر لحافظ، العديد من المناصب العسكرية والحزبية في سبعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى تشكيل "سرايا الدفاع" داخل الجيش السوري التي جاءت في سياق خطوات عدة قام بها حافظ الأسد لتشديد القبضة على السلطة واحتكارها له ولعائلته. وبعد تسلّم الأسد رفعت قيادة "سرايا الدفاع" أواخر السبعينيات، تحوّل إلى "القائد"، وكان له مطلق الصلاحية في الدولة والجيش والحزب.


عام 1984 تطلع رفعت للسلطة عقب مرض شقيقه الذي شكّل مجلس حكم للبلاد لم يكن رفعت فيه، فحرك الوحدات العسكرية التابعة له للقيام بانقلاب يطيح من خلاله شقيقه، إلا أن حافظ استطاع احتواء الأمر بطريقة عائلية. بعد هذه الحادثة، حاول حافظ الأسد تقليم أظافر أخيه فأبعده عن الجيش، وعيّنه نائباً له، في خطوة سبقت قراره بنفيه عن سورية، فاشترط رفعت الحصول على ملايين الدولارات توضع في حساباته في مصارف سويسرية.


انتقل رفعت الأسد إلى منفاه في أوروبا، ولم يُسمح له بالعودة إلى سورية إلا مرة واحدة في التسعينيات للمشاركة في جنازة والدته في بلدة القرداحة. حاول رفعت الأسد لعب دور المعارض للنظام في منفاه وأسس وسائل إعلام لم يكن لها شديد الأثر. بعد وفاة حافظ الأسد في منتصف عام 2000، ضيّق بشار الأسد الخناق على مؤيدي عمّه التي يقطن أغلب أفرادها في جبال الساحل السوري، ولم يسمح له بالعودة من منفاه.


لم تكن عودة رفعت الأسد، إلى العاصمة دمشق، في أكتوبر/ تشرين أول من العام المنصرم، أي بعد أكثر من 36 سنة على خروجه إلى فرنسا، مفاجئة لقطاع واسع من السوريين، خصوصاً أنه مهّد لهذه العودة في مايو/ أيار الماضي، حين شارك في التصويت في الانتخابات الرئاسية التي أجراها ابن أخيه، وأتبع ذلك برسالة تهنئة لبشار الأسد، بعد فوزه بهذه الانتخابات.


وتشير الوقائع إلى أن رفعت الأسد خطّط لهذه العودة، عندما شعر بأن القضاء الفرنسي جاد هذه المرة في إدانته، فأدلى بصوته في باريس، في الانتخابات الرئاسية التي أجريت أواخر مايو، ثم وجّه لابن أخيه رسالة تهنئة بعد ظهور نتائج الانتخابات.


الجدير بالذكر أن نص الدستور السوري على جملة واسعة من الحريات، كما وقعت سوريا على العديد من اتفاقيات حقوق الإنسان، المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وحرية الانتماء والاجتماع سياسيا وثقافيا واجتماعيا.


لكن على أرض الواقع فلا وجود لأحزاب سياسية إلا أحزاب الجبهة الوطنية بقيادة البعث، والبعث هو الحزب الحاكم بنسبة النصف زائد واحد، مع تهميش للأحزاب داخل الجبهة الوطنية، التي بقي دورها مقتصرا على الشكل لا المضمون، في ظل بلد يعمل بقانون الطوارئ، لستة عقود متواصلة ويعيش أزمات مختلفة في داخله أو أزمات دول الجوار.


بالإضافة إلى الوضع العام الذي يفتقر إلى أبسط مقومات الحرية التي تساهم في تكوين استقلاليته مثل حرية الإعلام والصحافة، فقد تجاوزت عدد الصحف والمواقع الإلكترونية الإعلامية المحجوبة عن الداخل السوري المائتي موقع، بمقابل إعلام حكومي وإعلام خاص بدائي تعود ملكية وسائله إلى شخصيات نافذة في السلطة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8