ادلب وشرق الفرات تثبيت المشهد الحالي كأمر واقع لسنوات قادمة

عمر قدور

2022.01.10 - 02:22
Facebook Share
طباعة

يعيش الشمال السوري سواءً في ادلب وريف حلب، حيث الفصائل المدعومة من تركية أو تنظيم تحرير الشام، أو في شرق الفرات حيث قسد المدعومة امريكياً، في هذه المرحلة تطورات داخلية لافتة، قد تُعتبر إشارةً إلى سعي كل جهة ومعها الدول التي تقف ورائها لتثبيت مكانها كأمر واقع في سورية لفترة طويلة قادمة، ما قد يعني إطالة أمد الحل السوري، أو على الأقل خلط الأوراق .
الاستثمارات مشروع الجولاني القادم
رغم كثرة الحديث والتسريبات عن ملف تنظيم تحرير الشام الإرهابي، ومطالبات موسكو بالقضاء عليه ، وتضارب ذلك مع توجه أمريكي جديد يتمثل بما يشبه الانفتاح على زعيم ذلك التنظيم، إضافةً لوجود تنسيق بينه وبين أنقرة ، يتم الحديث عن تحويل ادلب وريفها إلى منطقة استثمارات ، فتحت باب الأسئلة والتكهنات، عن مشاريع الجولاني القادمة ومغزى ذلك سياسياً على الخارطة السورية.
في الوقت الذي تسيطر به الأوضاع الداخلية السيئة بادلب، حيث انتشار الفقر وانعدام الخدمات، وحصول عدة تطورات كان أبرزها خلال اليومين الماضيين قيام تحرير الشام بإيقاف مشروع إقامة مخيم للنازحين الحلبيين في بابسقا، وذلك بعد طلب الهيئة أن تمتلك ثلث الأرض المشتراة منهم، ما دفعهم لرفض ذلك فقامت الهيئة بوقف مشروعهم، بحسب ما أكدته مصادر محلية لوكالة آسيا نيوز.
فيما قالت مصادر تنتمي للعائلات التي اشترت تلك الأرض، أن مسؤولي الهيئة في المنطقة طلبوا رشاوي لتسهيل أمورهم، وكان الطلب الأكثر استفزازاً هو رغبة الهيئة باستملاك ثلث الأرض، وأضافت المصادر لمراسل آسيا: هناك تمييز واضح في معاملة النازحين الحلبيين من قبل الهيئة، حيث بدأ كثير منا يعتبرها حرب علينا ، ولقد قالها أحد مسؤولي الهيئة بأن الحلبيين كانوا بنسبة كبيرة منهم عوناً للحكومة السورية، هذا يعكس نظرة الهيئة لنا كنازحين من حلب وفق تعبيرهم.
بالتوازي مع ذلك تفاعلت المصادر الأهلية في ريف ادلب، وكذلك بعض المتواجدين في المخيمات، مع ما قاله زعيم الهيئة الجولاني مؤخراً، حيث أفصح إن جماعته تخطط لتحويل المناطق الخاضعة لحكمها، إلى بيئة استثمارية كبيرة، عبر وضع خطة استراتيجية في البناء والتنمية الاقتصادية.
مصدر خاص يقيم في اسطنبول علق على إعلان الجولاني بالقول ان ادلب ليست زاهرة كما تصور الهيئة، فالناس يعانون من النزوح والفقر والضرائب الرهيبة التي يفرضها الجولاني ،و أضاف المصدر لآسيا نيوز: إن إعلان الجولاني هو رسالة سياسية مفادها بأنه حصل على الضوء الأخضر من أمريكا وتركيا لفرض الأمر الواقع المتمثل بسيطرته المطلقة على ادلب ، وبالتالي القول أن تحرير الشام لن تكون بعيدة عن مشهد الحل السوري في حال حان وقته بحسب اعتقاده، خاتماً بالقول: إن الاستثمارات لا تقوم إلا بالاستقرار ، ولا يمكن أن تكون استثمارات سريعة تنتهي عوائدها بفترة قصيرة، الاستثمارات في منطقة ما هي كناية عن المدة الطويلة ، فهل قصد الجولاني من تسريباته تلك أن الهيئة أمر واقع لا يمكن التخلص منه لا حالياً و لا في السنوات القادمة؟.
في سياق متصل تحدثت تقارير إعلامية عن قيام ضباط أتراك بتدريب المئات من عناصر الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة في معسكر المسطومة بادلب، وهو ما اعتبره مصدر وصف نفسه بالمطلع دليلاً على نية تركيا تثبيت المشهد الميداني الحالي في الشمال السوري كأمر واقع خلال المرحلة القادمة من المفاوضات بين المعارضة والحكومة السورية وفق قوله لآسيا نيوز.
تطورات حاسمة لتثبيت الأمريكي والإدارة الذاتية
لم تختلف التطورات الأخيرة في شرق الفرات حيث يسيطر تنظيم قسد، عما يحدث في ادلب، فالإشارات هنا وهناك تشي بأن كل طرف يريد تثبيت وضعه الميداني والسياسي والاقتصادي، من أجل فرض أمر واقع على المشهد السوري وبالتالي على أية مفاوضات وحلول قد تلوح في الأفق.
في هذا السياق عزّزت القوات الأميركية قدرات تكرير النفط في حقل الرميلان النفطي، الذي تحتله في محافظة الحسكة عبر تركيبها مصفاة تكرير جديدة، تمهيداً لرفع وتيرة استثمار النفط في تلك المنقطة، وفي المعلومات أن طاقة المحطة الجديدة تصل إلى 3000 برميل يومياً.
حول ذلك قال مصدر محسوب على ما يُسمى بالجيش الوطني المدعوم من تركيا لوكالة آسيا بأن قيام واشنطن ببناء مصفاة جديدة للنفط، ليس العنوان العريض له هو كما يروج إعلام دمشق او حتى جزء من إعلام المعارضة، بل إن الهدف الجوهري من تلك الخطوة هو رسالة مباشرة لروسيا تتضمن القول بأن واشنطن لن تنسحب من شرق الفرات بل تعمل لتعزيز تواجدها، مما ينتج عنه تعزيزاً لفكرة الإدارة الذاتية التي يسعى إليها مظلوم عبدي ورفاقه، وبالتالي ستكون أمراً واقعاً لن تستطيع دمشق ولا المعارضة أن تتجاوزه وفق اعتقاده.
بعد الإعلان عن ذلك الخبر، عبر وسائل إعلام قسد، بدأت مظاهر الاستياء تنتشر بشكل أكبر بين سكان تلك المناطق، إذ اعتبر بعض هؤلاء في تصريحات لهم لآسيا نيوز بأن بناء أمريكا لمصفاة جديدة لقسد يعني أن هذا التنظيم الكردي سيحصل على زخم أمريكي أكبر، كما أنه يعني تغولاً أكبر لديكتاتورية قسد على حساب الناس وآلامهم ، إذ لن يشعر الناس بفوائد تلك المصفاة كون ريعها وفوائدها ستكون للتنظيم الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي.
إلى ذلك قال مصدر محسوب على المجلس الوطني الكردي لمراسل آسيا بأن قيام واشنطن ببناء تلك المصفاة، لم يغضب الأهالي فقط، بل أثار المخاوف في المجلس الكردي، لأن هذه الخطوة الأمريكية ستعني بأن واشنطن اعتمدت حزب الاتحاد الديمقراطي كممثل ووكيل حصري للأكراد السوريين، وهو ما يرفضه المجلس، كما أن هذا الدعم الأمريكي سيدفع قسد والاتحاد الديمقراطي للتمسك بالسلطة وعدم مشاركة الأحزاب الكردية بها في شرق الفرات . 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1