التسرب التعليمي… خطر يلاحق المستقبل في سوريا

2022.01.03 - 09:30
Facebook Share
طباعة

 تتفشى ظاهرة التسرب التعليمي في المجتمع السوري، ودقت عدد من المنظمات الدولية ناقوس الخطر حول الأرقام المفزعة التي تشير إلى تزايد عدد الأطفال المتسربين من التعليم، الأمر الذي إزداد سوءا مع انتشار جائحة كورونا.

وظهرت أزمة التسرب التعليمي في سوريا منذ سنوات عديدة، لكنها عززت خلال سنوات الحرب، الأمر الذي ساهم في زيادة عدد الأطفال المتسربين من التعليم، ووفقا لاحصائية أصدرت عام 2019، فإنه يوجد في سوريا أكثر من 2.4 مليون طفل غير الملتحقين بالمدرسة، منهم 40 في المائة تقريبًا من الفتيات . ومن المرجح أن يكون العدد قد ارتفع خلال عام 2020 نتيجة تأثير جائحة "كوفيد-19" التي أدت إلى تفاقم تعطّل التعليم في سوريا. 

لم تعُد واحدة من كل ثلاث مدارس داخل سوريا صالحة للاستخدام لأنها تعرضت للضرر خلال السنوات الماضية. أما الأطفال القادرون على الالتحاق بالمدارس، فإنهم يتعلمون في الغالب في صفوف دراسية مكتظة، وفي مبانٍ لا تحتوي على ما يكفي من المياه ومرافق الصرف الصحي والكهرباء والتدفئة أو التهوية- وفقا لما ذكرته اليونسيف.

وبحسب الأرقام والإحصائيات التي تتنوع مصادرها، يزيد كل عام معدل التسرب المدرسي، ففي العام 2013 زادت نسبة التسرّب بما لا يقل عن 10% عن العام 2012.

وأوضحت مديرية التعليم الأساسي في وزارة التربية، أن نسبة التسرب في المحافظات السورية بلغت في عامي 2012 و2013 حدود 6.2% مع تفاوت في نسبتها من محافظة لأخرى.

وبحسب تقارير مختلفة فقد بلغ عدد الطلاب المتسربين من العملية التعليمية خلال العام الدراسي 2013-2014، نحو نصف مليون تلميذ وتلميذة، مقابل 4 ملايين التحقوا بمدارسهم في جميع المحافظات.

من جانبها تقول إحدى مدرسات المرحلة الإعدادية ن «إن حالة التسرب موجودة في الوطن العربي ككل، وهي منتشرة قبل الأزمة في سورية، لكنها تفاقمت بعدها كثيراً وبشكل محزن تبعاً للظروف التي يمر بها الأهالي من تهجير وطرق عيش صعبة  تؤثر في عقل الطالب فتشتته وتحول دون إكماله دراسته، فيضطر إلى التسرب بعد أن يكون قد قطع شوطاً كبيراً من الدراسة، فيقع الطالب فريسة الأوضاع النفسية والمادية المتردية. وتقف الظروف المعيشية الصعبة عائقاً أمام إكمال الطالب تعليمه، فكل ما كان قبل الأزمة أصبح أضعافاً مضاعفة بعدها، مما ساهم في تفاقم الوضع الاقتصادي والذي يؤثر بدوره في زيادة نسبة التسرب من المدارس».

 وأرجع معلمين ومعلمات  أسباب التسرب إلى أهالي الأطفال يقومون بتشغيل أبنائهم بورشات للعمل من أجل مساعدتهم، كما أن الأطفال الذي يعيشون ضمن الخيم المتفرقة وهي بعيدة عن التجمعات ولا يمكن الوصول إليهم بسبب وعورة المنطقة.

وخلال السنوات القليلة الماضية، سعت وزارتي التربية والشؤون الاجتماعية بالبحث عن حلول سريعة للطلبة المتواجدين داخل سورية. وسعت كذلك وزارة التربية إلى اعتماد الدوام النصفي في معظم المدارس، لفتح المجال أمام الأطفال المهجرين أو في مراكز الإقامة المؤقتة داخل سوريا، ومحاولة استيعاب كافة الطلبة، وإجراء سبر معلومات للطلبة الذين لايمتلكون أوراقاً ثبوتية لوضعهم في المرحلة الدراسية المناسبة لعمرهم، وتسجيل وبث الدروس التعليمية لتعويض الطلبة عما فاتهم لمحاولة الحد من ظاهرة التسرب المدرسي، وتسهيل قبول التلاميذ في المدارس في أي منطقة، إضافة إلى عدم التشدد في اللباس المدرسي، حتى لا يشكل عبئاً مادياً على أهالي التلاميذ.

وتحت هاشتاج" التعليم لا ينتظر" دون عدد من النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مطالبين بضرورة الاهتمام بتعليم الأطفال في سوريا ومعالجة أزمة التسرب التعليمي التي طالت أكثر من مليوني طفل خلال السنوات الماضية.

وثير  تفشي ظاهرة التسرب التعليمي في سوريا قلق منظمات المجتمع الدولي، لما له من آثار كارثية على المجتمع ككل. 

وكانت وزارة التربية قد أصدرت في نيسان/ إبريل من عام 2014، التعليمات التنفيذية للقانون رقم 7 لعام 2012 المتعلق بالتعليم الإلزامي، ونص على إلزام أولياء الأطفال العرب السوريين ذكوراً وإناثا، بإلحاق أطفالهم ممن تتراوح أعمارهم مابين ”6 حتى 15“ سنة بمدارس التعليم الأساسي، وإلحاق العقوبات الجزائية والغرامات المالية على من يتخلّف عن إرسال أبنائه إلى المدرسة.

وبالرغم كل التشريعات التي حاولت الحد من التسرب المدرسي، حتى وصلت لفرض عقوبة السجن والغرامة على ولي التلميذ المتسرب، إلا إن الظاهرة لم تتراجع بالشكل المطلوب.

ويرى متخصصون في علم الإجتماع إن لتسرب يزيد من معدل البطالة وانتشار الجهل والفقر وغير ذلك من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. ويوضح المختصون أن ظاهرة التسرب التعليمي من  الكوارث التي تترك آثاراً مديدة وتمتد إلى أجيال لاحقة لما يترتب عنها من تبعات اقتصادية واجتماعية ونفسية على المديين القصير والمتوسط، وربما على المدى الطويل أيضاً. مؤكدين على أن هذه الظاهرة  ستضع مصير جيل كامل في مهب المجهول، ويضع مصير وطن أمام المزيد من الأزمات المقبلة.

وتابع المختصون أن الاهتمام بالتعليم هو الاستثمار الحقيقي الأمثل القادر على ردم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، وخلق قاعدة صلبة يمكنها المساهمة الفعالة في عملية التعافي وإعادة البناء، وقهر العجز للوصول إلى حالة التنمية المستدامة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 7