الفرار من لبنان… محاولة للبحث عن الأمان والحياة

2021.12.22 - 01:45
Facebook Share
طباعة

تزايدت رقعة الفقر وضيق اليد في لبنان نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها البلاد، والناجمة عن تخبط الوضع السياسي، الأمر الذي جعل الكثير من اللبنانيين يرون أن في الفرار من البلاد نجاة، سواء عن طريق الهجرة الشرعية أو غيرها، على أمل أن تتحسن أوضاعهم المعيشية.
وبحسب مؤسسة غالوب البحثية فإن 9 من بين كل 10 لبنانيين يجدون صعوبة في تدبير أمورهم، وأكثر من النصف (53%) لا يملكون المال لشراء الطعام، و31 بالمئة إنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف السكن.
ويأتي هذا في الوقت الذي لا تزال لبنان تعاني من انقطاعات في التيار الكهربائي وأزمة في الوقود وتدهور في جودة الحياة بشكل عام.
وأشار التقرير إلى أن 63٪ من المواطنين، 6 من بين كل عشر أشخاص -يقولون إنهم سيغادرون البلاد إذا استطاعوا ذلك، وتعد كندا وألمانيا أكثر الوجهات المرغوبة لهم.
وقال 85٪ من اللبنانيين إنهم يجدون صعوبة شديدة في تدبير دخل شهري، بما في ذلك 62٪ قالوا إنه "صعب للغاية." تضاعف الرقم الأخير تقريبًا منذ عام 2019، عندما قال 32٪ الشيء نفسه.
ومع ارتفاع حدة الصعوبات التي تواجه المواطنين في لبنان، سجل عام 2021 أرقامًا قياسية جديدة للمشاعر السلبية، حيث يقول 3 من بين كل أربعة أشخاص (74%) إنهم يعانون من الإجهاد، فيما يقول أكثر من 50٪ إنهم يشعرون بالحزن الشديد 56% والغضب 49%، وهي ما تعتبر مستويات جديدة تسجلها استطلاعات "غالوب" على مدار 16 عامًا.
وبهذه الإحصائيات انضمّ لبنان، رسميّاً، إلى قائمة الدول المصدّرة للاجئين، ‏إذ تحوّل إلى «نقطة أساسيّة لانطلاقهم باتجاه أوروبا»، وتنعكس هذه الموجة بالأرقام والنسب على مختلف المؤسسات والقطاعات، وتظهر علناً على شكل طوابير انتظار طويلة لآلاف المواطنين، يتنقلون بين مراكز الحصول على جوازات سفر، وأماكن تخليص الأوراق والمعاملات، كذلك الأمر أمام السفارات التي باتت المواعيد في بعضها مؤجلة إلى العام 2022 بسبب حجم الطلبات، وصولا إلى المطار الذي يغص بالمغادرين يومياً.
وحول هذه الظاهرة، أعد "مرصد الأزمة" التابع للجامعة الأميركية في بيروت، تقريراً يرصد ما وصفه بـ "موجة الهجرة الثالثة"، لافتا إلى أن البلاد دخلت هذه الموجة (Exodus) بالفعل، حيث تشهد منذ أشهر ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الهجرة والساعين إليها، ومحذراً من عواقبها طويلة الأمد على مصير لبنان.
في المقابل، أكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العجز عن تلبية جميع طلبات الحصول على جوازات السفر، والتي بلغت نحو 8 آلاف جواز يوميّاً، وفق تأكيده، متجاوزةً قدرة المديريّة العامّة للأمن العام على طباعة الجوازات.

وشهد لبنان موجتين سابقتين للهجرة، الأولى أواخر القرن 19 وحتى الحرب العالمية الأولى (1865 – 1916)، حيث هاجر خلالها نحو 330 ألف شخص. أما الموجة الثانية فكانت خلال الحرب الأهلية (1975 – 1990)، التي سجلت هجرة حوالي 990 ألف شخص.
وخلال موجات الهجرة كانت قبلة اغلب اللبنانيين بين قارة إفريقيا والأمريكتين، وتشير بعض الإحصائيات إلى أن 350 ألف لبناني على الأقل منتشرون عبر القارة الإفريقية، وتمثل ساحل العاج والسنغال ونيجيريا أهم أقطاب الجاليات اللبنانية المقيمة في أفريقيا. وغالبا ما أشاروا إلى أنفسهم على أنهم حلقة الوصل بين الأوروبيين والأفارقة في غرب أفريقيا.

وفي وقت سابق، كشف وزير الخارجية والمغتربين اللبناني سابقا جبران باسيل أن عدد اللبنانيين - المهاجرين ذوي الأصول اللبنانية- فى أمريكا اللاتينية يبلغ 14 مليون شخص يشكلون نحو ثلاثة أضعاف سكان لبنان.

ويرى خبراء أن سوء الأوضاع السياسية وحالة الفصام التي يعيشها أهل السلطة عن المواطنين، واستمرار الأزمات هو ما تسبب في حالة التفكير الجماعي للكثير من اللبنانيين للفرار من بلادهم، فلا تكاد تنطفئ أزمة حتى تشتعل أزمة أخرى. وبين كلّ هذه الفراغات، تغرق البلاد بين أمواج الميثاقية وهجرة الأدمغة.
وحول هذا الأمر يرى المشرف على " مرصد الأزمة"، أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت، ناصر ياسين في تصريحات صحفية، أن موجات الهجرة "ترتبط أكثر في العادة بالأوضاع الاقتصادية والفوارق بالدخل بين البلد الأم والبلاد المقصودة للهجرة في الخارج، وبينما يمثل الأمن جزءاً من العوامل الضاغطة، لكن قرار الهجرة يقوم على أسباب اقتصادية بالدرجة الأولى وتردي الخدمات العامة وعدم الشعور بالأمان، إضافة إلى وجود الروابط العائلية والمعارف في الخارج، وهو أمر مساعد يتوفر لمعظم اللبنانيين".
وتجدر الإشارة إلى أنّ منظمة «الإسكوا» كانت دقت ناقوس الخطر، إذْ قدّرت أنّ نسبة 82 % من اللبنانيين فقراء، كما خسرت الليرة اللبنانية 95% من قيمتها. وأصبح معدل التضخم في أسعار الغذاء عند نحو 400%.وقبل الأزمة، كان الحد الأدنى للأجور يعادل 450 دولارا في الشهر، إلا أنه أصبح حاليا يعادل 34 دولارا فقط. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 5