ابن سلمان يجرّ ماكرون: الأزمة مستمرّة

2021.12.06 - 08:05
Facebook Share
طباعة

 كتبت صحيفة " الأخبار " تقول : لن تعيد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العلاقات اللبنانية ــــ ‏السعودية إلى سابق عهدها، ولن تدفع الرياض إلى فتح "الحنفية" التي ‏اعتاد لبنان أن يعتاش منها مقابل الولاء المطلق. فالبيان المشترك الذي ‏خرج بعد لقاء ماكرون ــــ ابن سلمان ليس سوى اشتباك مع حزب الله، ‏نجح وليّ العهد السعودي في جرّ الرئيس الفرنسي إليه

كيف سيُترجم البيان السعودي ــــ الفرنسي المُشترك بعد زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لجدّة والتي كان لبنان جزءاً ‏من جدول أعمالها؟ وأيّ مفعول سيكون لهذه الزيارة على الأزمة الأخيرة التي افتعلتها السعودية. هذان، وغيرهما كثير ‏من الأسئلة طغت في اليومين الأخيرين على المشهد الداخلي، مع تظهير أن الرياض تعاملت مع استقالة وزير الإعلام ‏جورج قرداحي كبادرة حسن نية من لبنان، وفتحت باب "الرحمة" مجدّداً تجاهه، علماً بأن لا الاستقالة ولا الزيارة ‏ستؤسّسان لعودة العلاقات اللبنانية ــــ السعودية. وليس أدلّ على ذلك من بيان "الانتداب السعودي ــــ الفرنسي" الذي ‏لا يُمكن قراءته إلا من زاوية تسعير الأزمة مع لبنان، بطرحه عناوين سياسية "انقسامية" تصّب كلها في وجه حزب ‏الله، تصفية لحساب قديم ــــ جديد. أما ما قيل "عن مساعدات إنسانية للشعب اللبناني"، فيؤكّد أن استعادة لبنان لعافيته ‏الاقتصادية ــــ المالية ليس من أولويات وليّ العهد محمد بن سلمان‎.‎
أول من أمس، أعلن ماكرون عن مبادرة فرنسية ــــ سعودية مشتركة لمعالجة الأزمة بين بيروت والرياض، ‏مُشيراً إلى أنه تحدّث مطوّلاً مع ابن سلمان عن لبنان، وأنهما اتّصلا معاً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وشدّدا ‏على أن "السعودية وفرنسا ستلتزمان معاً العمل لدعم الشعب اللبناني والرغبة في أن تتمكّن الحكومة اللبنانية من ‏الاجتماع والعمل بسرعة والقيام بالإصلاحات المطلوبة". تلا هذا الإعلان موقف لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ‏أشار فيه إلى الاتصال معتبراً أنه "خطوة مهمّة نحو إعادة إحياء العلاقات التاريخية مع المملكة العربية السعودية" ‏وفقاً لتغريدة نشرها على "تويتر"، ومن ثم اتصالات أجراها رئيس الحكومة مع عدد من القوى السياسية أكد فيها ‏أن ابن سلمان "كان إيجابياً جدّاً" معه، وأنه رحّب به وبزيارته المملكة "في أقرب وقت"، واعداً "بمساعدة لبنان ‏والحكومة". وقد خُيّل لميقاتي، كما لكثيرين، أن المبادرة الفرنسية ــــ السعودية هي خشبة خلاص للبنان من ‏الانهيار الذي يواجهه. وأن الرياض قررّت أخيراً "الصفح" عن لبنان واللبنانيين والعودة الى "فتح الحنفية" التي ‏اعتاد فريقها في لبنان أن يتغذّى منها سياسياً ومالياً. إلا أن تدقيقاً صغيراً في البيان المشترك، كما في المواقف التي ‏خرجت على لسان مسؤولين سعوديين وصحف سعودية، يؤكّد أن "السعودية لم تُغيّر في موقفها قيد أنملة"، بل ‏أكثر من ذلك يبدو أن الرياض نجحت في جرّ ماكرون إلى تبنّي العنوان السياسي الذي تريده، وهو "الاشتباك مع ‏حزب الله"، علماً بأن باريس حرصت بعد انفجار المرفأ ودخولها مباشرة على خط الأزمة على أن تبتعد عن ‏تأزيم العلاقة مع حزب الله‎. 
في الشق المتعلق بلبنان، جرى التشديد على "ضرورة حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية، وألّا يكون لبنان منطلقاً ‏لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، ومصدراً لتجارة المخدّرات"، كما "على ضرورة تطبيق ‏القرارات 1559 و1680 و1701، وأهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن لبنان واستقراره، ‏وإنشاء آلية سعودية ــــ فرنسية للمساعدة الإنسانية في إطار يكفل الشفافية التامة"، والعزم على "إيجاد الآليات ‏المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني‎".‎
‎ 
مصادر سياسية قرأت في البيان "عودة إلى فترة عام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكان عنوانها ‏آنذاك أيضاً تطبيق القرار 1559". واعتبرت المصادر أن "ما يُحكى عن انفتاح سعودي على لبنان غير صحيح، ‏بل إن البيان يؤكد أن الرياض نجحت في دفع فرنسا إلى تبنّي مشروعها السياسي الذي يثير انقساماً حاداً". فهي ‏من خلال "ما جرى التشديد عليه في البيان تطلب مجدداً أن يقوم فريق لبناني بمواجهة فريق لبناني آخر، كما ‏سعت دائماً ولم تنجح‎". 
ثم إن ماكرون الذي حاول دفع اللبنانيين الى الاعتقاد بأنه "نجح في إقناع الرياض بإعادة وصل ما انقطع من خلال ‏تفعيل التعاون الاقتصادي، وإعادة التمثيل الدبلوماسي وفتح خط الصادرات ليس صحيحاً". حتى الآن، لم تقدم ‏المملكة على خطوة تؤكّد نيّتها المساعدة. فضلاً عن أن كل ما يتعلق بالمساعدات "سيأتي الى لبنان ليس عبر ‏الحكومة، وإنما سيقدّم للجمعيات عبر باريس"، وبالتالي "لا وعود مثلاً بمساعدات مالية كبيرة للخزينة أو ‏لمصرف لبنان". واعتبرت المصادر أن "ماكرون الذي قبِل بحكومة الحدّ الأدنى لأسباب انتخابية داخلية، وافق ‏على الشروط السعودية في ما يتعلق بلبنان من أجل تحصيل مكاسب أخرى عشية البدء بالحملات الانتخابية في ‏المعركة الرئاسية الفرنسية التي يسعى فيها إلى الفوز بولاية جديدة‎". 
ومهما حاول الرئيس الفرنسي الإيحاء بإيجابية المبادرة، إلا أن الموقف الحقيقي للمملكة يُمكن رصده في ما قالته ‏صحيفة "عكاظ" السعودية التي اعتبرت أن "من الساذج اعتبار تصريح مسيء للسعودية من مسؤول لبناني هو ‏لبّ المشكلة وكلّ القضيّة، وأنّ خروجه من التركيبة الحكوميّة سيحلّها ويعيد العلاقات إلى ما كانت عليه". وأشارت ‏إلى أن "التركيبة السياسية الراهنة اختارت الرضوخ لهيمنة حزب الله والخروج من الفلك العربي، والإساءة إلى ‏أكبر الداعمين للبنان وأخلصهم، وعندما يصرّح الرئيس الفرنسي ماكرون بأنّه سيبحث بعودة الدعم الاقتصادي ‏للبنان من الدول الخليجية، فإنّ ذلك ليس بالسهولة الّتي يتصوّرها، ولن يتحقّق لمجرّد أنّه طلب من الحكومة اللبنانية ‏إقالة قرداحي (...) المشكلة أعمق بكثير من هذه الشكليّات، فلبنان أصبح خطراً على نفسه وعلى محيطه العربي، ‏بتحوّله إلى بؤرة تحتضن واحدة من أخطر الميليشيات الإرهابيّة، التي تصدّر كوادرها للإخلال بأمن دول الخليج، ‏تنفيذاً لتعليمات إيران، وقد أصبح هذا الحزب الشيطاني هو المسيطر الحقيقي على كلّ شيء في لبنان، وبالتالي لن ‏ينجو هذا البلد إلّا بعلاج الداء الحقيقي الذي يعانيه‎".‎
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1