أرقام خياليّة... إليكم تكلفة التحضير للأعياد على أسرة لبنانية واحدة!

محمد زهوة _ خاص وكالة أنباء آسيا

2021.11.11 - 10:45
Facebook Share
طباعة

قبل حوالى شهر ونصف من قدوم عيدي الميلاد ورأس السنة الميلادية، تُحبس أنفاس اللبنانيين عجزًا من تلبية أدنى احتياجات عائلاتهم لإتمام التحضيرات الدوريّة، وتخوّفًا من أن تمر الأعياد دون سعادة تُغرس في قلوب أبنائهم الذين يُحرمون من أبسط حقوقهم، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وانعدام القدرة الشرائية للمواطن، فكيف ستستقبل الأسر اللبنانية أعياد نهاية السنة مع شدّ الخناق عليها إقتصاديًّا؟
 
 
رئيس جمعية المستهلك في لبنان زهير برو يؤكّد أن "99 بالمئة من الأسر اللبنانية لا تستطيع اليوم إستهلاك ما كانت تستهلكه قبل أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء المحروقات التي أثّرت على ارتفاع اسعار كل السّلع الأساسيّة وغير الأساسية في الأسواق، مما أجبر الأسر على إجراء تعديلات جذرية في نمط حياتها اليوميّة، وتغيير تعاطيها مع المناسبات والأعياد".
 
"المدخول الشهري لموظّف ربّ أسرة كان يقدّر بحوالى المليونين ليرة قبل الأزمة الإقتصادية"، يوضح برّو لـ"وكالة أنباء آسيا"، ويضيف: "هذا الراتب رغم تواضعه كان آنذاك يغطّي تكاليف سلعٍ تحتاج اليوم هي نفسها الى حوالى الـ22 مليونًا لشرائها أو لتحقيق القدرة الشرائية للمليونين ليرة قبل الأزمة، علمًا أن رواتب الموظّفين ما زالت على حالها ولم يتم تصحيحها رغم وصول سعر صرف الدولار الى حوالى 21 ألف ليرة لبنانية في السوق الموازية".
عضو كتلة "الوسط المستقل" في البرلمان اللبناني النائب علي درويش يشير الى أن "التحضيرات لموسم أعياد نهاية السنة منعدمة حتى اللحظة، لأن الأزمة الإقتصادية تلقي بثقلها على الواقع اللبناني، على نمط حياة الأسر اللبنانية، وعلى راتب المواطن الذي يستهلكه بالكامل دون أن يكفي حتى لتأمين القوت اليومي وبالتالي لا مجال للتفكير في تحضيرات العيد".
 
وأمل النائب درويش "أن يكون هناك حد أدنى من الرهجة للأعياد رغم استبعادي هذا الأمر، لأن اللبنانيين يعانون الامرّين اليوم وباتوا بحاجة الى فسحة أمل"، كاشفًا لـ"وكالة أنباء آسيا" عن "مبادرات يحضّر لها عدد كبير من أصحاب الأيادي البيضاء والخيّرين لإحياء شيء من رونق العيد عبر إنشاء باحات مجانية للألعاب، إضافة الى حملات ستجرى على كافة الأراضي اللبنانية لتقديم مساعدات تتضمن الغذاء والألبسة بشكل خاص لأكبر عدد من الأسر المحتاجة".
 
بمقارنة بين مرحلتي ما قبل الأزمة الإقتصادية وما بعدها، يعدّد برّو الحاجيّات والمتطلبّات الإعتيادية لأسرة مؤلفة من 5 أشخاص خلال تحضيرها للأعياد، ويبدأ بـ"الطعام المنزلي أو طلب الوجبات السريعة من المطاعم، أو حتى الذهاب الى المطاعم وكانت تكلّف حوالى 50 ألف ليرة كحد أقصى قبل الأزمة بينما تصل التكلفة اليوم الى نحو 500 ألف ليرة، المواد الأوليّة لصناعة الحلويات في المنازل أو شراء الحلويات من السوّق وكانت تكلّف 40 ألف كحد أقصى بينما اليوم تقدّر بحوالى 300 ألف ليرة، الثياب الجديدة للفرد الواحد في العائلة يبلغ سعرها حوالى 150 ألف ليرة للشخص أي 750 ألف لكامل الأسرة بينما يصل سعر ثياب الفرد الواحد اليوم الى حوالى مليون ليرة أي 5 مليون لكامل الأسرة، الهدايا والعيديّات الماليّة المعتادة تقدّر بتكلفة 200 ألف ليرة لكن اليوم قد تكلّف اكثر من مليون ليرة، مدينة الألعاب والملاهي التي كانت تكلّف 20 ألف ليرة لبطاقات اللعب التي لا تنتهي بيوم واحد فيما تبلغ كلفتها اليوم حوالى 200 ألف ليرة، عدا عن أسعار المحروقات الخيالية بعد رفع الدعم عنها، وتعتبر أساسيّة للتنقّل من اجل زيارة الأقارب أو لضرورات أخرى".
 
 فخلص برّو الى أن "تكاليف تحضير وتمضية العيد لأسرة من 5 أشخاص كانت تقدّر إجمالًا بحوالى المليون ليرة لبنانية، قبل أن يفقد ربّ الأسرة قدرته الشرائية ويصبح عاجزًا عن زرع الفرحة في قلوب أبنائه حيث تبلغ تكاليف العيد اليوم حوالى 7 مليون ليرة لبنانية كحد أدنى".
 
"مما لا شك فيه أن مع فقدان القدرة الشرائية اليوم باتت الأعياد وكل ما تستهلكه خلال الأعياد من الكماليّات نظرًا الى وجود أمور أساسية أكثر أهمية لحياة الأسرة في ظل الأزمة الراهنة"، يلفت الخبير الإقتصادي د جاسم عجاقة، ويعتبر أنه "في احسن الاحوال، سيكون التوجه نحو استبدال السهرات الخارجية والذهاب الى المطاعم بالاحتفال داخل المنازل".
 
وذكر عجاقة أن "السهرات التي كانت تكلف في المطاعم 150 ألف ليرة قبل الأزمة الإقتصادية، أصبحت اليوم تكلّف أكثر من مليونين، لذلك ستكمن الحلول في تعاضد أكثر من أسرة3 في تكاليف التحضيرات الأساسية وإجتماع كل 4 أُسر مثلًا مؤلفة من حوالى 15 شخصًا في منزل واحد".
 
من جهتها، تقول الإختصاصيّة في علم النفس الإجتماعي د. نسرين نجم في حديث لـ"وكالة أنباء آسيا" أنه "في الماضي ورغم الغلاء الذي لا يقارن ولا بنسبة واحدة بالمئة مما هو عليه اليوم، كنا نجد العروضات، الاعلانات، والتزيين قبل شهر من الأعياد، وكانت العائلات تحتار قبل أسبوعين في اختيار الهدايا والملابس ومكان السهرة، حتى أن الحجوزات على الحفلات كانت تقفل قبل شهر ونصف من موعدها، أمّا الآن فالأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن ارتفاع سعر الدولار والاحتكار والفساد وفجور وجشع بعض التجار، إضافة الى البطالة وانعدام فرص العمل نتيجة اقفال عدد كبير من الشركات لأبوابها، كل هذه العوامل مجتمعة أدت الى أن يكتفي المواطن اللبناني بأن يسعى ليؤمن ربطة الخبز التي أصبحت وكأنها ممنوعة على الفقراء نتيجة ارتفاع سعرها أيضًا، أو ليؤمن أجار بيته كي لا يطرد منه او يأتي بقوت أطفاله، وتحولت ساعات الإنتظار من محلات الهدايا والثياب والألعاب والحلويات الى إنتظار على مدى الشهر ليجمع ثمن دواء لطفله، أو قرطاسية إبنته".
 
المواطنة سناء.م وهي أم، موظفة، ومعيلة لثلاثة أطفال، تعتبر أن "العيد بالنسبة لها من التراث القديم الذي نتمنى أن يعود يومًا بأبهى حلّة"، مشيرة الى أن "الراتب الشهري بالكاد يكفي لتأمين القوت اليومي ومصاريف المدرسة، لذلك لن أتمكن من شراء ثياب جديدة أو هدايا لأطفالي، وهو لأمر محزن ان تشاهد هذا الجيل لا يستمتع بالأعياد كالأجيال السابقة، وأعتقد انه سيشكّل ثغرات في الشخصية والتركيبة النفسية لهذا الجيل المحروم من السعادة مع مرور الوقت والعمر، وهذا ما أتخوّف منه، لكن ما باليد حيلة".
 
فيما يتحسّر المواطن ماهر.ش وهو ربّ لأسرة من 5 أشخاص، لعدم قدرته على اصطحاب أولاده الى مدينة الملاهي كما كان يفعل في السنوات الماضية، لكنه يلفت الى أنه "سيحاول شراء الثياب لهم حتى لو كانت من محال بيع الثياب المستعملة ذات الأسعار المدروسة والمقبولة، بهدف الحفاظ على أجواء العيد في عيونهم بأقل الإمكانات".
 
أما العسكري حسان.ع فلا تقل معاناته عم معاناة سناء وماهر، إذ يؤكد أن "راتبه الذي لا يتجاوز المليون ونصف المليون ليرة لبنانية أي ما يعادل 70 دولارًا شهريًا لا يكفي لأكثر من أسبوع بين طعام لزوجته وطفله وتكاليف المحروقات للتنقل بين البيت والعمل، ولولا بعض المساعدات التي يرسلها أقارب لي في الخارج لكنت اليوم أنا وأسرتي في خبر كان، وبالتالي أصبح العيد الذي تكلف تحضيراته الملايين في آخر سلّم إهتماماتي".
 
الكثير من الأسر اللبنانية هذه السنة ستكتفي بالسهر داخل بيوتها و"وستجود بالموجود" من ناحية الطعام، تلفت د. نجم، وتشير الى أن "عددًا كبيرًا من الأسر تتوجّه نحو محلات الألبسة المستعملة لشراء الثياب، لكن التوجّه الأكبر اليوم لدى اغلب العائلات نحو الخياطة، لذلك نلاحظ زحمة كبيرة عند الخياطين، إضافة الى توجّه من استطاع سبيلًا من الأمهات ولكي لا تمضي الأعياد دون وهجها الى صناعة الحلوى في المنزل بأقل تكلفة ممكنة".
 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1