ذكرى مرور 65 عاماً على العدوان الثلاثي على مصر

2021.11.08 - 12:45
Facebook Share
طباعة


 

     خمس وستون عاما مرت على بدء العدوان الثلاثي البريطاني - الفرنسي - الإسرائيلي على مصر، واتُخذ يوم 23 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام عيداً قومياً في مصر بمناسبة جلاء قوات العدوان، الذي وقع يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1956، وقد بررت دول العدوان الثلاث اشتراكها في العدوان: فقال "الكيان الإسرائيلي" إن الهجوم جاء "نتيجة توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي تقضي بتزويد مصر بالأسلحة المتقدمة الرادعة"، ومبرر فرنسا هو دعم مصر للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وإمدادها بالمساعدات والتدريبات، أما بريطانيا شاركت بسبب قيام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس في يوم 26 تموز/ يوليو 1956 الأمر الذي يعني حرمان إنجلترا من التربح من القناة، التي كانت تديرها قبل التأميم.

تصدت للعدوان مقاومة مسلحة ترابطت فيها قوى الشعب مع الجيش المصري، فكان من بين أبرز نتائج فشل العدوان، هو انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد فى 23 ديسمبر عام 1956م، ولذلك تحتفل محافظة بورسعيد فى ذلك اليوم من كل عام بعيد جلاء العدوان، انسحاب الصهاينة من قطاع غزة ومن سيناء.

واختار عبد الناصر منبر الجامع الأزهر فى اليوم التالي للعدوان ليلقي خطابه الشهير، الذى أعلن فيه الجهاد المقدس ضد جيوش المعتدين، وانطلقت صيحة مدوية مجلجلة فى أسماع العالمين وانتفض الشعب المصرى انتفاضة كبرى على إثر هذا الإعلان.

وذكر العلامة الديني العراقى محمد حسين فضل الله، فى كتاب «محمد حسين فضل الله: العقلانية والحوار من أجل التغيير»، أن العراقيين كسائر العرب، رأوا فى العدوان عملا غادرا، ووفقًا لكتاب «أوراق شامية من تاريخ سورية المعاصر» فإن الرئيس السوري الأسبق شكرى القوتلى، اتصل بـ«ناصر» وأبدى استعداد سورية لتنفيذ الدفاع المشترك ولأي عمل تكلفه به القيادة المتشركة، وبادرت بالفعل الجبهة السورية في تشكيل مجموعة مكونة من لواء مشاة ولواء مدرع وثلاثة أفواج مدفعية وأرسلتها إلى الأردن، بالإضافة إلى قيام الجانب السوري بقطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومتي فرنسا وبريطانيا، احتجاجًا على العدوان، وقام الرئيس شكري القوتلي بزيارة موسكو لطلب مزيدًا من الدعم لمصر فى مواجهتها للعدوان.

 

مشاهدة صورة المصدر

 


وحسبما جاء فى كتاب « جمال عبد الناصر وعصره» فإن الشعوب العربية أضربت إضرابًا عامًا إبان العدوان، فقد دمر المواطنون فى سوريا أنابيب البترول المارة بأراضيهم التي تحمل البترول للدول الغربية، وضحت سوريا بالموارد المالية التى كانت تدخل خزانتها لتعلن تضامنها مع مصر، وفى نفس الوقت رفض العمال العرب فى كثير من الموانئ العربية التعاون مع السفن البريطانية والفرنسية، كما رفضوا القيام بعمليات الشحن والتفريغ لها، ودمر العمال العرب فى ليبيا أحد المطارات البريطانية العسكرية هناك.

وجاء فى كتاب «حرب التواطؤ الثلاثي» تأليف كل من حسن أحمد البدرى، فطين أحمد فريد، أن موقف الشعب العربي كان واحدًا فى بغداد و عمان ودمشق أو بيروت والخرطوم وطرابلس، فكل وقف ضد العدوان الثلانى، ووقفت الحكومات إلى إعلان تأييدها لمصر، فقامت المملكة العربية السعودية فى نفس السياق حذو سوريا، بإعلانها قطع العلاقات مع فرنسا وإنجلترا، كما قامت المملكة بإعلان التعبئة العامة وأبلغ الملك سعود الرئيس عبد الناصر استعداد بلاد الحرمين الشريفين لتنفيذ اتفاقية الدفاع المشترك، وقامت الأردن أيضًا بقطع علاقتها مع الدولتين، وفى لبنان خرجت المظاهرات الصاخبة وألقى المتظاهرون المتفجرات على النوادى البريطانية.

ويشير الكاتب عمرو سنبل فى كتابه «عدوان يناير الثلاثى»، إن بريطانيا أرادت ضرب التيار القومى فى سوريا ومصر باستخدام الإخوان، لافتا إلى أنه بعد فشل العدوان، خططت بريطانيا للإطاحة بعبد الناصر واغتياله عقب حرب السويس، بالتعاون مع الإخوان.

مشاهدة صورة المصدر

 


وكان هناك عدة أسباب وراء تراجع قوات العدوان الثلاثي ووقف العمليات العسكرية، فإلى جانب المقاومة من الشعب المصري، والضغط الدولي خاصة من جانب الاتحاد السوفيتي، كانت هناك أسباب تتعلق بفشل تلك القوات فى فرض سيطرتها على الأراضى المصرية، وبحسب كتاب "حرب التواطؤ الثلاثي" تأليف حسن أحمد البدرى وفطين أحمد فريد، فإن ضعف التنسيق بين قيادات العدوان، واختلاف المرامي التي تسعى كل حكومة إلى تحقيقها، إلى جانب اختلاف المذاهب العسكرية والتنظيم والتكتيك، أدت جميعها إلى التخبط والانهيار.

كما حدثت عدة مشاحنات و تعارض في الآراء بين قادة قوات العدوان، بحسب وصف المؤلفين، حتى أوشكت إحداها على أن تحل رباط التعاون بينهم، بينما كانت المواقف السياسية تتطور بسرعة على الساحة المحلية والدولية في مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة بما جعل دينامية المساعي السياسية والدبلوماسية وقراراتها تسبق دينامية القتال في المسرح، فتكشف عن خبيئة التواطؤ للعالم أجمع رغم ما بدلته الأطراف الثلاثة من جهد لإخفائه، فترتب على انكشافه دمغ هذا العدوان باللا أخلاقية، واجتماع الكلمة على ازدرائه وتجريمه، مع الإصرار على وقفه وإزالة كل آثاره. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 10