مؤتمر "استقرار ليبيا" ... مصالح متضاربة ومخاوف من الأسوأ

فادي الصايغ _ موسكو

2021.10.21 - 04:16
Facebook Share
طباعة

 اليوم الخميس سينعقد مؤتمر دولي وزاري لمبادرة "استقرار ليبيا" في العاصمة الليبية طرابلس، بعد أن وصلت الاستعدادات إلى ذروتها لاستضافة البلاد أول مؤتمر دولي حول أزمتها على أراضيها بعد أن طاف الملف على طاولات دولية وعربية عدة خلال الأعوام الماضية، أسهمت في وضع لبنة التفاهمات السياسية التي تقف بالبلاد اليوم على مشارف انتخابات تشريعية ورئاسية.
وبسبب حساسية الوضع الذي تمر به البلاد واحتدام النزاع سياسيًا بين الأطراف الداخلية المتصارعة، يتخوف مراقبون وسياسيون من النتائج التي قد يخرج بها المؤتمر والتي قد تغير المسار المرسوم مُسبقًا لإنهاء أزمة العشر سنوات.
حيث قال رئيس مجموعة العمل الوطني والمحلل السياسي خالد الترجمان إن مؤتمر دعم الاستقرار في ليبيا معد له سلفًا منذ التوافق على حكومة الوحدة الوطنية وخارطة الطريق، معتقدًا أن المؤتمر سيذهب بالمشهد لمسألة هامة جدًا وهي إعادة خلط الأوراق وتأجيل الانتخابات.
الترجمان أشار خلال مداخلة متلفزة إلى أن المسائل عميقة منذ استلام الدبيبة ومن معهم لهذه الحكومة، مضيفًا: “نحن لسنا فاعلين فيما نتحدث به وإن الفعل الحقيقي يقع علينا من كل هؤلاء الذين نراهم في المشهد، وهم عبارة عن كومبارس يقومون بأدوارهم، كل حسب قربه وبعده من مصدر القرار”.
ورأى أن مبادرة استقرار ليبيا ستلغي تمامًا كل الذي قامت به لجنة 5+5 والتي لاقت احترام الخارج قبل الداخل، معتقدًا أن البعض يحاول تفكيكها من خلال هذه المبادرة السيئة والتي ستقسم ظهر البعير وتساهم في إفلاس الليبيين.
كما أشار محللون سياسيون آخرون إلى أن مصالح الدول الخارجية المشاركة في المؤتر مختلفة، ولكل دولة أجنداتها الخاصة، فالبعض لا ينوي لانتخابات ديسمبر أن تُعقد، بالرغم من دعمهم لها إعلاميًا، والبعض الآخر يدفع للتمسك بالموعد المُحدد وإخراج المرتزقة.
وتشارك في المؤتمر جميع دول جوار ليبيا: مصر والجزائر وتونس والسودان والنيجر وتشاد. تضاف إليها دول عربية فاعلة في الملف الليبي: قطر والإمارات والسعودية والمغرب والكويت. علاوة على مشاركة بلدين إفريقيين جنوب الصحراء من خارج دول الجوار وهما: الكونغو، والكونغو الديمقراطية.
الأمم المتحدة ستكون حاضرة في هذا المؤتمر، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية. وأغلب هذه الدول والمنظمات شاركت في مؤتمر برلين الثاني، باستثناء 12 دولة وهي: إسبانيا، ومالطا، واليونان، وهولندا، والسودان والنيجر وتشاد، قطر والسعودية والمغرب والكويت، والكونغو الديمقراطية.
إذ سبق لعدة دول أن غُيبت عن اجتماعات مؤتمر برلين، رغم مطالبتها بالحضور نظرا لتأثرها بشكل أو بآخر بالوضع الأمني في ليبيا، على غرار بعض دول الجوار، لذلك لم يستثن مؤتمر استقرار ليبيا، أيا من الدول المعنية بالملف الليبي مهما كان وزنها أو تأثيرها وتأثرها به.
وفي السياق وبالحديث عن مؤتمر برلين الأول والثاني، الذي دعا إلى إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، شددت آنذاك تركيا على أن وجودها في ليبيا شرعي بطلب من الحكومة الليبية والهدف منه ضمان الاستقرار وتعزيز مسار التسوية السياسية بالإضافة إلى الحد من الهجرة غير القانونية بحسب زعمها، وأنه لايجب السماح بمساواة مدربيها ومستشاريها في ليبيا بالمرتزقة. الأمر الذي أنهى أي دور فعال للمؤتمر، وأبقى قراراته حبرًا على ورق، بل أعطى فرصة لأنقرة للتصريح أمام العالم بأن وجودها شرعي، مما زاد من تعنتها ورفضها الإنسحاب إلى الآن، ومازالت قواتها ومرتزقتها السوريين يجوبون طرابلس ومناطق الغرب الليبي بحرية، في ظل مخاوف من إمكانية تأثيرهم على الإنتخابات المقبلة.
وفي الختام يمكن التنبؤ بنتائج المؤتمر التي ستكون عبارة عن عملية خلط للأوراق وإعادة توزيع للأدوار، فلا مصلحة للدول المتدخلة في ليبيا بأن يعود الإستقرار لها، لتركيا استثماراتها وموضع قدم لها في القارة السمراء، ولفرنسا وإيطاليا مصالح نفطية كبيرة، وقائمة المصالح تطول. وأي رئيس محتمل من شأنه أن يضرب مصالح إحدى الدول على حساب الأخرى، لذلك شدد المراقبون على أن حل الأزمة الليبية يجب أن يكون بيد الليبيين أنفسهم، ولا مؤتمرات أو كيانات سياسية أو غيرها ستعيد الإستقرار لهذا البلد طمعًا بمصالح خاصة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 1