يجادل محللون، في ظل التوترات الأخيرة بين تركيا والولايات المتحدة، بأن أنقرة على وشك خسارة حليفها الرئيس، فقد أثبتت التطورات أن لعبة أردوغان المتمثلة في تأليب روسيا والولايات المتحدة ضد بعضهما جاءت بنتائج عكسية في واشنطن.
في غضون ذلك، يجتمع وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس اليوم في واشنطن مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، الذي وصف تركيا بأنها "حليف غير موثوق به".
ويأتي الاجتماع في أعقاب قرار جو بايدن تمديد حالة الطوارئ في شمال شرق سورية، وكتب بايدن في رسالة إلى الكونغرس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، أن الإجراءات التركية "تهدد بتقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وما زال يشكل تهديداً للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة".
وبدوره أعرب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن أسفه للرسالة، وبدلاً من إلقاء اللوم على تركيا، يجب على الولايات المتحدة تغيير سياساتها الخاطئة.
وقبل كافوس أوغلو، اتهم أردوغان بريت ماكغورك، منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بدعم الإرهاب، وجاء اتهام أردوغان في 30 أيلول/سبتمبر، بعد يوم من لقائه مع فلاديمير بوتين في سوتشي، لتأتي رسالة بايدن بعد ذلك تأكيداً للجفاء بين واشنطن وأنقرة.
وفي الوقت ذاته، ما زالت تركيا تطلب شراء 40 طائرة F-16 جديدة بعد استبعادها من برنامج الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس F-35 كردّ فعل على شرائها نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400، وقد بدأت بعض مجموعات الضغط والمنظمات غير الحكومية في واشنطن حملة "لا طائرات لتركيا" للضغط على إدارة بايدن والكونغرس لإيقاف العملية.
وحتى إذا استمرت العملية، فسوف يطالب الكونغرس الإدارة بضمان تقديم تركيا تنازل بشأن S-400، وهذا ما يرفضه أردوغان الذي صرح سابقاً أنه لن يكون هناك أي تراجع في هذا الشأن، في المقابل، في حال أوقف الكونغرس مبيعات طائرات F-16 الجديدة سيزداد الاضطراب في العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
في الواقع، إن مساحة المناورة لدى أردوغان تجاه بايدن هي أقل مما لديه مع بوتين، ومع ذلك، استخدم ورقة التهديد بعملية جديدة ضد الجماعات الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سورية، فكانت النتيجة الفورية هي مزيد من تدهور الليرة التركية، وهذا يشير إلى أن الطموحات التركية في سورية لا يمكن أن تكون مستدامة، ويبدو أن سياسة أردوغان الخارجية التنقيحية محصورة بين سندان شرق البحر المتوسط والمطرقة السورية، وقد يكون لدبلوماسية الزوارق الحربية في شرق البحر الأبيض المتوسط والتأكيد العسكري في سورية عواقب جيوسياسية واقتصادية قاتلة على تركيا ومن خلفها أردوغان، وحتى رغم محاصرته ، لا يمكن استبعاد الرد المغامر تماماً في إحدى مناطق الصراع ، سواء في شرق البحر الأبيض المتوسط أو في المسرح السوري.