هكذا تساعد ألعاب الفيديو على نشر التطرف والكراهية

اعداد رزان الحاج

2021.09.24 - 11:05
Facebook Share
طباعة

في فيلم الخيال العلمي “ريدي بلاير وان” “Ready Player One” للمخرج ستيفن سبيلبيرج، يهربُ البطلُ من الواقعِ القاسي لحياته اليومية، من خلالِ ممارسةِ لعبة الواقع الافتراضي، معتبرًا أن هذه اللعبة هي “المكان الوحيد الذي يشعر فيه بنفسه”، وأنه “المكان الوحيد الذي يمكن لخيالِ المرءِ أن يحدِّدَ واقعه الذي يعيشُه في هذه اللعبة .
يأتي الناس إلى الواحة لكلِّ الأشياءِ التي يمكنهم القيامُ بها، ويواظبون عليها لكلِّ الأشياء التي يمكن أن يستمتعوا بها فيها”. تُقدِّم لعبةُ الواقع الافتراضي ملعبًا تجريبيًّا لبناءِ الهوية والمعنى، ما يوِّفر شعورًا بالهدف ويغمر اللاعبين تمامًا داخل واقعٍ بديل. وفي حينِ أن معظم ألعاب الفيديو والألعاب عبر الإنترنت بعيدة كل البعد عن إعطاء الأولوية للحياة الافتراضية على الواقع، فإنها كانت، ولا تزال، تحظى بشعبيةٍ كبيرة ليس فقط بين الأطفال والمراهقين، ولكن المستخدمين البالغين أيضًا. فعلى سبيلِ المثال، في حين يلعب 60٪ من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا، في الولايات المتحدة، ألعاب الفيديو، فإن النسبةَ المئوية للفئة العمرية التالية، أي بين 30 و49 عامًا، أقل بنسبة 7٪ فقط؛ أي أنَّ أكثر من نصف البالغين، في هذه الفئةِ العمرية، يلعبون ألعاب الفيديو.
بما أنَّ الألعابَ أحدُ العناصر الأساسية للثقافة الشعبية، وبما أن المنظماتِ المتطرفة تسعى باستمرارٍ إلى استخدام المراجع والأدوات المستمدة من ثقافةِ العامة3، فلا غرابة في أن يتم استخدام ألعاب الفيديو من قِبل المنظمات المتطرفة لأغراض مختلفة، بما في ذلك تلقين الأطفال، ومناشدةِ جمهور واسع، وتسهيل التطرف وبناء واقعهم المثالي بشكلٍ تفاعلي.
وجد باحثون على مدى ثلاثة أشهر أمثلة لمعاداة السامية، والعنصرية، على بعض المنصات، من بينها، دي لايف، وأوديسي، حيث يبث المستخدمون ويدردشون خلال بعض الألعاب مثل كول أوف دويتي، و ماينكرافت.
ويقول نشطاء إن تضمين خطاب التطرف في الدردشات اليومية يمكن أن يكون طريقا إلى التشدد.
وتنتقل هذه الدردشات بعد ذلك إلى فضاءات إلكترونية أخرى، مثل قنوات تيلغرام الخاصة.
وقال جو مولهال عضو منظمة "أمل لا كراهية": "بمجرد دخولك هذا العالم يبدأ التطرف في الحدوث".
ويضيف: "عندما تبدأ في الانضمام إلى لقاءات إلكترونية أخرى، أو إلى مجموعات أصغر لا تمارس ألعاب الفيديو بالضرورة، يكون الحديث عن السياسة بشكل أكثر وضوحا".
وقال موقع تيلغرام ردا على ذلك إنه يستخدم "مزيجا من المراقبة الاستباقية للفضاءات العامة مع تقارير المستخدمين" لإزالة المحتوى الذي ينتهك شروط الخدمة.
وتشير سياسات دي لايف وأوديسي إلى عدم التسامح مطلقا مع الكراهية والتطرف العنيف، وتقولان إنهما سباقان في إزالة أي محتوى ينتهك التعليمات.
وقالت كول أوف ديوتي: "الإجراءات التي اتخذناها لمواجهة السلوك العنصري تشمل حظر اللاعبين بسبب الأسماء الموحية بالعنصرية والكراهية، واستخدام تكنولوجيا جديدة، وتسهيل الإبلاغ عن السلوك العدواني في اللعبة بالنسبة إلى اللاعبين".
لكن الباحثين وجدوا أيضا أن سيناريوهات "لعب الأدوار" المتطرفة داخل بعض الألعاب على منصات مختلفة تتيح للاعبين إنشاء خرائطهم وبيئاتهم الخاصة ومشاركتها مع الآخرين.
وشملت هذه معسكرات الاعتقال النازية، ومعسكر اعتقال الويغور في ألعاب مثل روبلوكس وماينكرافت.
ودعت إحدى ألعاب روبلوكس المنتشرة اللاعبين إلى "أن يصبحوا عنصريين"، وأن يحاكوا قتل الأشخاص المنتمين إلى أقليات عرقية عن طريق دهسهم بسيارة.
وقال جاكوب ديفي الذي يعمل في معهد الحوار الاستراتيجي: "هذه ألعاب صغيرة ولا يلعبها عدد كبير من الناس، لكن ما يفعلونه هو السماح للمتطرفين بخلق تجارب لعب الأدوار ... لتعيشوا خيالات متطرفة على الإنترنت".
وقالت منصة روبلوكس: "نحن نعمل بلا كلل لضمان أن تظل منصتنا مكانا آمنا ومدنيا، ونراقب السلامة بمزيج من برامج التعلم الآلي وفريق تقني يضم أكثر من 2000 مشرف، يعملون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لاكتشاف أي محتوى غير مناسب أو سلوك والتصرف بسرعة بشأنه."
وقالت ماين كرافت: "المحتوى الإرهابي أو المتطرف العنيف محظور تماما وفقا لمعايير مجتمعنا، ونتخذ إجراءات لإزالة هذا المحتوى إذا ظهر على أنظمتنا".
لكن المتطرفين ربما لجأوا إلى أماكن الألعاب بعد أن زاد عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي من تطبيق قواعدهم، بحسب ما يقوله الباحثون.
وقال ديفي: "من المحتمل أن يجد اليمين المتطرف ملاذا آمنا لبث أيديولوجيته، أو الانخراط في دعاية أكثر تقليدية، أو أي من الأشياء التي كانوا يفعلونها قبل بضع سنوات على فيسبوك ويوتيوب وتويتر.
وأضاف: "تشكل الألعاب عبر الإنترنت أساسا وسيلة للأشخاص للتواصل عبر ممارسة هواية مشتركة عبر الإنترنت، ويشمل هذا المتطرفين".
ويقول: "إنها طريقة للتواصل مع الأفراد ذوي التفكير المماثل، وللتواصل الاجتماعي، وفي نهاية المطاف لتكوين روابط اجتماعية أقوى، وهي أمور قد تكون مهمة فعلا، بالنسبة إلى تعزيز الحركات المتطرفة على مستوى العالم."
وقال مولهال: "تجلس في المنزل بعد المدرسة وتمارس الألعاب، وقد يخلق عنصر اللعب إحساسا بأن ما يحدث أمر طبيعي، وليس تطرفا، أو خطيرا".
ومعهد الخدمات المتحدة الملكي جزء من فريق خبراء مكافحة التطرف، الذين بدأوا تحقيقا واسع النطاق بشأن الألعاب عبر الإنترنت.
وقالت دكتورة جيسيكا وايت، التي تعمل في مركز الأبحاث الدفاعي: "فضاءات الدردشة عبر الإنترنت التي يقل فيها الاعتدال، يتعدي المتطرفون عليها بشكل متزايد. لكننا بحاجة إلى الحصول على أدلة واسعة النطاق على حجمها." 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 10