استثمار قطر في طالبان وشراء النفوذ الدولي

إعداد - رؤى خضور

2021.09.18 - 10:13
Facebook Share
طباعة

 "إذا كان هناك بلد واحد فقط استفاد من التحول الأخير في أفغانستان فهو بلا شك قطر".

تصدرت قطر عناوين الصحف العربية والعالمية منذ الانسحاب الغربي من أفغانستان، إذ أثبتت الإمارة الخليجية الصغيرة أنها المُحاور الأكثر أهمية في الملف الأفغاني، مع إمكانية وصولها ليس فقط إلى أصحاب المصلحة الدوليين، ولكن مع طالبان نفسها، التي بدورها تعتبر قطر بوابة لها إلى العالم.

ويبدو أن استضافة طالبان وتسهيل المحادثات بينها وبين الولايات المتحدة والأفغان، كان أفضل استثمار دولي قامت به قطر، فلا شيء يحدث في كابول حالياً دون مشاركة الدوحة، التي كان لها دور كبير في تقوية شوكة طالبان باحتضان أعضائها وفتح مكتب لها فوق أراضيها، ومساعدتها في العمل على تحسين سمعتها من عصابة متمردة إلى حركة سياسية معترف بها دولياً.

وفي هذا السياق، كتبت داكشينا مورثي في صحيفة The Federal، أن قطر توصف اليوم بأنها دولة "تتفوق على وزنها"، فعلى مدى العقدين الماضيين تمكنت الأسرة الحاكمة في قطر من وضع استراتيجية لجعل وجودها حاضراً وملموساً من خلال التدخلات المدروسة بعناية، والتي تضمنت دوراً نشطاً في دعم المتمردين المدعومين من الغرب في سورية، والإخوان المسلمين في مصر، وغيرها من الحركات الإسلامية في المنطقة. 

وحقيقة أن البلاد من بين أغنى الدول في العالم مكنتها من الاستفادة من تأكيد مزاياها، فضلاً عن حجمها غير المهدد وأجندتها السلمية، ما جعلها مقبولة لجميع أطياف اللاعبين السياسيين، 

وفي السياق ذاته، يرى مراد سوفوغلو في مقال له لموقع TrtWorld، أن قطر ستستمر في لعب دور المحاور بين العواصم الغربية وطالبان، وربما تكون واحدة من أولى الدول التي تعترف بالحكومة، لكن المحللين يؤكدون أيضاً أن هذا الدور سيكون صعباً لعدم القدرة على التنبؤ بطالبان والتعقيدات في أفغانستان. 

ومن المرجح أن تساعد الدوحة في تسهيل اعتراف بعض الدول بطالبان، كما يقول يوانيس كوسكيناس، الزميل البارز في برنامج الأمن الدولي لمؤسسة أمريكا الجديدة.

وقال ميتات ريندي، السفير التركي السابق في قطر لـTRT World  "ستعترف الدولة القطرية بحكومة طالبان بالتأكيد من أجل ضمان استمرار العلاقات بينهما". 

ويقول المحلل السياسي عمر دوران إن روابط قطر "المتجذرة" مع طالبان تُظهر أن العلاقة ليست "مؤقتة"، وإن علاقاتهما ستستمر في المستقبل بمنحى قوي، وهذه العلاقة ليست خطوة تكتيكية، بل هي قرار واعٍ من قبل قطر للعب دور أكثر أهمية في مستقبل المنطقة، غير أنها ستكون بالطبع مهمة شاقة.

وبحسب دوران، فإن الغرب سيزيد من ضغوطه على الدوحة لإقناع المجموعة الحاكمة في كابول بالتصرف وفقاً للمصالح الغربية. 

لكن بالنسبة لقطر، فإن ظهورها الدولي ومكانتها له أهمية أكبر من أي شيء آخر، لذا سيستمر الدعم الفني الذي تقدمه قطر للحكومة الأفغانية الجديدة.

ونظراً لأن عديداً من الأفغان المتعلمين يفرون من البلاد، فإن كابول تحتاج إلى كثير من المهنيين المهرة، وقد تساعد قطر في سد هذه الفجوة، وسيكون للدوحة نصيب من حيث تطوير بعض قطاعات الاقتصاد الأفغاني، وتزويد البلاد ببعض المواد الخام، كما يرى دوران.

ويقول إن قطر قد رسمت أيضاً "موقعاً إقليمياً" مهماً من خلال سياستها تجاه طالبان، ويضيف "ستسعى إلى زيادة دورها الإقليمي"، سواء في الخليج أو الشرق الأوسط الكبير، فقد عزز دور الوساطة القطري الحاسم بين الولايات المتحدة وطالبان الصورة السياسية للبلاد، ووضع بعض الردع ضد أي محاولات مستقبلية لعزل الدوحة في الخليج، بحسب دوران.

في المحصلة، لا يمكن لأحد أن يتجاهل مكانة قطر المكتسبة كحكومة لها نفوذ على نظام طالبان الجديد، لكن السؤال الذي يطرحه معظم المحللين اليوم هو ما مدى التأثير الذي سيحدثه موقع قطر الاستراتيجي في ملف أفغانستان؟

يبدو أن مزيداً من المفاجآت تنتظر العالم من هذه الدولة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7