كتب طارق السنوطي: طالبان.. الوجه الآخر

2021.09.08 - 10:37
Facebook Share
طباعة

 عشرون عامًا تفصل بين طالبان ٢٠٠١ وطالبان ٢٠٢١.. وخلال تلك السنوات العشرين تغيرت ملامح الحياة في أفغانستان كثيرًا؛ بل وتغيرت ملامح حركة طالبان نفسها؛ سواء من حيث تكوين الحركة وقادتها، أو من حيث فكر الحركة نفسه والذي تطور كثيرًا مقارنة بنشأتها في سبتمبر عام ١٩٩٤ على يد مؤسسها الملا محمد عمر في ولاية قندهار جنوب غرب أفغانستان؛ حيث كان عدد أعضائها ٥٠ طالبًا فقط، ووصل خلال فترة قصيرة إلى ١٥ ألفًا، والآن يبلغ عدد قوات طالبان فقط حوالي ٨٠ ألف مقاتل.


 بسبب تنوع وزيادة مصادر تمويلها، والتي تشمل ثلاثة مصادر رئيسية تتصدرها التبرعات التي تأتي من الخارج؛ سواء من دول أو جمعيات أهلية في بعض الدول العربية أو عدد من الدول الأوروبية وأمريكا والتي بلغت حصيلتها أكثر من ٤٠٠ مليون دولار سنويًا، ثم تأتي تجارة وزراعة المخدرات وبالتحديد الأفيون لتمثل المصدر الثاني من مصادر تمويل حركة طالبان؛ حيث تفرض الحركة لتحصيل الضرائب على تجار المخدرات، خاصة وأن أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم، والذي يمكن استخدامه لإنتاج الهيروين؛ حيث تشير التقديرات إلى أن ما تحصل عليه طالبان من تلك التجارة يتراوح ما بين ١٠٠ و٤٠٠ مليون دولار سنويًا؛ حيث تقدر صادرات أفغانستان من الأفيون سنويًا بما يتراوح بين ١.٥ إلى ٣ مليارات دولار.

 أما المصدر الثالث من مصادر تمويل الحركة فهو يتمثل في الرسوم التي تفرضها على الطرق ومشاريع التنمية، والبنية التحية التي كان الغرب يقوم بتمويلها إلى جانب قيام أنصار طالبان بتحصيل فواتير الكهرباء في بعض المناطق التي كانوا يسيطرون عليها منذ سنوات.

 وهناك الكثير من التساؤلات التي تطرح نفسها على كافة طاولات البحث الدولية وفي مقدمتها.. هل تغير فكر الحركة خلال هذه السنوات؟ وهل ستواجه الحركة العالم بفكر جديد؟ وكيف ستتعامل مع المتغيرات الدولية؟ وكيف ستتعامل مع الأوضاع الاقتصادية الحرجة في البلاد ؟.. وغيرها من التساؤلات التي باتت حديث العالم كله، خاصة أن أفغانستان من الدول التي ينظر إليها العالم على أنها نقطة إستراتيجية مهمة في وسط آسيا، وتمثل محطة انتقال وربط للكثير من دول تلك المنطقة التي تضم اقتصادات مهمة وكبرى مثل الصين وروسيا والهند.

 

و في اعتقادي أن فكر قادة طالبان تغير كثيرًا، ولم يعد ذات الفكر والتوجهات التي أطلقها مؤسس الحركة الملا محمد عمر – والذي تلقى تعليمه في مدرسة "سنك حصار"؛ في قرية "مايواند" شمال غرب قندهار - من أكثر من ٢٦ عامًا، فقد بات هناك متحدث رسمي باسم الحركة يعطي إفادات صحفية ويتلقى أسئلة الصحفيين والإعلاميين وهي صورة جديدة على الحركة إلى جانب توجهات قادة الحركة بالتعاون مع كافة الفصائل الأفغانية؛ سواء البشتون أو الطاجيك أو الهزارة وباقي الطوائف والاستعانة برموز سياسية لها وزنها وثقلها في الشارع الأفغاني مثل الرئيس الأفغاني السابق حامد كرازي والرئيس التنفيذي السابق عبدالله عبدالله وهو ما ينظر إليه الكثير من المراقبين بأنه إشارات إيجابية مهمة من قبل حركة طالبان للعالم.

 

ويبقي الرهان الحقيقي الذي ينتظره العالم هو رهن بتصرفات قادة طالبان وسياساتهم تجاه العالم وكيفية تعاملهم مع القضايا الشائكة في المجتمع الأفغاني خاصة ما يتعلق بحقوق الأقليات ودور المرأة في المجتمع واحترام الحركة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة من قبل حكومات كابل السابقة وعلاقات الحركة بالبعثات الدبلوماسية المعتمدة في البلاد وأيضا علاقات الحركة بدول الجوار سواء الصين أو باكستان أو إيران وأيضًا كل من أوزباكستان وطاجيكستان وتركمانستان.. وهي تساؤلات سوف يكشف عن إجاباتها أسلوب تعامل قادة طالبان مع تلك الملفات المهمة خلال الشهور القليلة المقبلة، وبالتالي فإن اعتراف العالم بطالبان سوف يتوقف على كيفية تعاملها مع تلك الملفات الشائكة.

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط 


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 6