تركيا والإمارات.. من التنافس إلى التقارب

إعداد - رؤى خضور

2021.08.23 - 08:25
Facebook Share
طباعة

الرحلة الطويلة

استغرق الأمر عدة شهور من المفاوضات السرية والمكالمات الهاتفية رفيعة المستوى وعديد من الإيماءات والتلميحات لمستشار الأمن القومي للإمارات، طحنون بن زايد آل نهيان، قبل ولادة لقاء رسمي أخيراً مع خصمه السابق، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أنقرة مؤخراً.

فعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية كان البلدان في صراع إقليمي، حيث اعتبرت أبو ظبي الحكومات التي يقودها الإخوان المسلمون، بما فيها تركيا، بأنها إسلامية خطيرة تهدد الاستقرار في المنطقة، في حين ألقت أنقرة باللوم علناً على الإمارات في تمويل مخططي الانقلاب في تركيا عام 2016 وتقويض المصالح التركية في ليبيا.


بدأت التلميحات في كانون الثاني/يناير عندما صرّح وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية آنذاك، أنور قرقاش، بأن العلاقات بين الخصمين يمكن "إعادة ضبطها"، في مقابلة له مع قناة سكاي نيوز عربية.
وخففت الإمارات بعد ذلك الضغط على رجال الأعمال الأتراك وأعادت استئناف الرحلات بين اسطنبول وأبو ظبي ودبي.

ثم في نيسان/أبريل، اتصل وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو لتبادل المعايدات خلال شهر رمضان المبارك، وكان ذلك أول اتصال مباشر بين البلدين منذ خمسة أعوام.

في غضون ذلك، اتخذت تركيا مؤخراً خطوات ضد جماعة الإخوان المسلمين، من بينها مطالبة قنوات المعارضة المصرية بإلغاء بث البرامج السياسية.


وفي هذا السياق، ذكر إسماعيل نعمان تلكسي في مقاله لموقع TRTWORLD عدة أسباب للتحول في الموقف الإماراتي من بينها جهود التطبيع بين تركيا ومصر وقطر والسعودية، فضلاً عن تغيير القيادة في الولايات المتحدة والآثار الاقتصادية السلبية لـ Covid-19، ويبدو أن القدرة العسكرية المتزايدة لتركيا لعبت دوراً حاسماً في هذا التغيير السياسي، وتغيير مصر والسعودية، أقرب حلفاء الإمارات، سياساتهما تجاه تركيا، ما أثر أيضاً على موقف أبوظبي تجاه أنقرة، واعتُبرت التعليقات الأخيرة حول تركيا من قبل بعض الشخصيات الإماراتية، الذين كانوا يشنون حملات ضد تركيا، مؤشراً لهذا التحول.

التحولات الجيوسياسية

من ناحية أخرى، فإن الدافع الرئيس للإمارات إلى التطبيع المحتمل مع تركيا هو زيادة عزلة أبو ظبي في المنطقة خصوصاً مع استمرار موقفها غير الودي تجاه قطر، وخلافها الأخير مع حليفها الأهم في المنطقة، السعودية، والذي بدا أكثر وضوحاً في الحرب على اليمن حين خالفت أبو ظبي حليفها وقررت إنهاء مشاركتها العسكرية في البلاد دون استشارة السعودية، ما أغضب الأخيرة، ليزداد التوتر بين البلدين تدريجياً لاحقاً ظهر في عديد من القضايا.

علاوة على ذلك، فإن خفض الولايات المتحدة تدريجياً انخراطها السياسي والعسكري في المنطقة، دفع حلفاءها، بمن فيهم الإمارات، إلى عدم الثقة بواشنطن، والبحث عن تعاونات جديدة مع لاعبين إقليميين جدد، فظهرت الحاجة على ما يبدو إلى إعادة النظر في توتراتها مع تركيا.

لكن بالرغم من مبادرات كلا الطرفين ومواقفهما الإيجابية حالياً تجاه بعضهما، إلا أن التقارب لن يكون سهلاً، بحسب الكاتب، فالضرر في العلاقات كان جسيماً على غرار العلاقات الإماراتية مع قطر، وبناء الثقة سيستغرق وقتاً، وسيتعين على إدارة أبو ظبي بذل جهود جادة لإقناع تركيا وقطر اللدودين في السابق بتطبيع العلاقات.

في المحصلة، تتوقع أنقرة من الإمارات اتخاذ مبادرات ملموسة لإظهار التزامها بالتطبيع، في المقابل على تركيا المحافظة على علاقات إيجابية مع الإمارات بما يتماشى مع رؤاها السياسية في المنطقة من جهة الكف أو التخفيف من دعم الإخوان، وتنفيذ آليات يمكن أن تقلل من ظهور خلافات مختلفة للقضايا الإقليمية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 1