أحداث قطر الأخيرة.. هل تنذر بربيع خليجي؟

إعداد - رؤى خضور

2021.08.16 - 02:06
Facebook Share
طباعة

تسري عبر الفضاء الإلكتروني و وسائل الإعلام عشرات من التحليلات السياسية حول التغير الأخير في الموقف الأمريكي تجاه أفغانستان والتطورات المتسارعة على الأرض، والغريب في الأمر أن متابعة الإعلام العربي حول هذه القضية تجعل التصور الناجم كأن هناك حدثاً مفاجئاً يجري على الأرض، فما هي حكاية أفغانستان وما الحقيقة القادمة شرق-أوسطياً؟
اعتراف أمريكي واتفاق سلام
لقراءة هادئة عقلانية للحدث الأفغاني لا بد من البدء بالاتفاقية الموقعة بين الجانبين الأمريكي والأفغاني في آذار/مارس 2020 في الدوحة، والتي نصت على اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بحركة طالبان، وحملت في مضمونها أيضاً التمهيد لوقف التصعيد وخطة سلام أمريكية لأفغانستان، ليظهر إلى السطح سؤال تداولته مختلف وسائل الإعلام الأمريكية بالصيغة الفيتنامية "ماذا حققنا في أفغانستان؟"

الثورة القطرية والانفتاح السعودي
في ضوء التطورات الجارية في المنطقة هناك تحولات تشير إلى تحضير أفغانستان مجدداً لتكون معقل التنظيمات الإسلامية المتشددة في الشرق الأوسط، فالأتراك قاموا بترحيل مئات السوريين من عفرين وإدلب إلى أفغانستان لتسليمهم مطار العاصمة كابول ومهمات خاصة هناك، في المقابل تقوم قطر، حليفة تركيا، حالياً بدور في رعاية المفاوضات بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا وبعد إضافة أن قطر أُدرجت كأول حليف للناتو بل كأول حليف عربي خارج منطقة الناتو، يبدو من الجلي أن حلف الناتو قرر فتح المجال لقيام الإمارة الإسلامية بالمال القطري و تفويض صلاحيات تنظيم تلك الإمارة لتركيا.
وبالتزامن مع ذلك ومنذ توقيع اتفاق الدوحة العام الماضي أصبحت إجراءات الانفتاح السعودي في المملكة علامة فارقة، وهي بالتأكيد لا تشبه ما تراكم داخل ذاكرة المجتمع السعودي لأعوام، وتتعارض مع القيم التي رسخها تاريخ من الدعوة للتحفظ في كل شيء، وحيثما وقع هذا كانت النتيجة انفجاراً متطرفاً والبرهان ماثل في تونس والجزائر حتى هذه اللحظة.
من ناحية أخرى، يبدو أن ما يحدث في قطر لا يعدو كونه محاولة تأثير على الوعي الجمعي الخليجي للبدء في وضع خميرة الاحتجاج في عجينة المجتمع الخليجي، فالمحتجون في قطر لم يتطاولوا على شخص أميرهم ولكنهم استخدموا كل ما هو ممكن من الحنكة على الشاشات وكل سيناريوهات الديمقراطية الممكنة في الشرق ما عدا مهاجمة أميرهم، وهذا ما يدفع للتساؤل هل فعلاً شطب جنسية مواطن لا يدعوه للاحتجاج على واضع القرار شخصياً؟ وحتى إن حدث احتجاج فردي يقوم الشخص ذاته بمناقضة احتجاجه في المقطع المصور أو المنشور والدعاء لولي الأمر بسداد الرأي؟
إذاً مع اكتمال مشهد وجود إمارة تجذب التنظيمات الإسلامية وتمويل لتلك الإمارة، ثم ضغط للمجتمع السعودي باتجاه يخالف اتجاهه الأصلي و زرع خميرة الاحتجاجات عند خاصرة السعودية يبدو الأمر أقل تعقيداً لجهة التكهن باقتراب حدوث ربيع خليجي.

ماذا لو حدث الربيع الخليجي فعلاً؟
إن الربيع الخليجي لن يكون، إذا وقع حقاً، إلا دعوات لفرز ما بقي من بيئات متحفظة أو متطرفة وسبر نسب تطرفها داخل المجتمعات الخليجية أولاً وخصوصاً في السعودية، ثم توفير البيئة الجاذبة لها في أفغانستان تمهيداً للتطبيق الفعلي لمشروع الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة التي يبدو أن الخرائط التي تم وضعها لها باتت حقيقة على الأرض.
وكما هو واضح سوف يتم في النهاية إنشاء ما يشبه (فاتيكان إسلامي) لتعطيل عمل الإسلام السياسي فترة من الزمن تحاشياً لكثير من الأزمات التي تؤرق الاقتصاد المحكوم بالأوليغارشيا العالمية، والتي كما هو معروف ليست على خلاف مع من يحضّرون لذلك الربيع الخليجي (إن حدث) ولا تتعارض مصالحهم معها، وكل ما قد يحدث تباعاً لن يؤثر على أمان منابع الطاقة إطلاقاً، وهو ما أثبتته الحرب اليمنية التي تم توجيه دفتها بما لا يؤدي إلى الإضرار بتلك المنابع لدرجة تحالف حركة أنصار الله مع الإخوان المسلمين ممثلين بحزب الإصلاح اليمني في مفارقة تاريخية سنشهد مثيلات كثيرة لها في أفغانستان مستقبلاً .
في المحصلة، إن الهدف ينحصر في التحضير لربيع الخليج العربي بتمويل قطري وتدريب تركي من خلال خرق عذرية الخليج باحتجاجات قطر الأخيرة، وقد تكبر كرة الثلج لتشمل السعودية لاحقاً. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6