انتشار ظاهرة "التهريب الذاتي" بين المهاجرين التونسيين

اعداد جوسلين معوض

2021.08.13 - 10:06
Facebook Share
طباعة

افاد تقرير حديث لموقع "دويتشه فيله" الألماني، إن ظاهرة "التهريب الذاتي" باتت تنتشر بين المهاجرين بدلاً من الدفع للمهربين الذين يكدسون العشرات في قوارب صغيرة، ما قد يؤدي إلى تعريض حياتهم للخطر والغرق، وقد تكرّر هذا الأمر مرات عديدة خلال الأعوام الأخيرة.
ويقول أحد الشبان الذين بدوا وكأنهم في رحلة بحرية، في مقطع فيديو بث بشكل مباشر على فيسبوك: "كل ما أريد فعله الآن هو الوصول إلى هناك". فيما قال آخر على متن نفس القارب: "وداعاً للجميع في تونس، وداعاً للمقاطعات الأربع والعشرين، من كل قلبي".
ويقول الموقع الألماني إن الفيديو الذي بُث على فيسبوك ليس الأول من نوعه، هناك الكثير من الفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي لشباب تونسيين يركبون قوارب، حيث يطلق السكان المحليون اسم "الحراقة" على المهاجرين المتوجهين نحو إيطاليا.
لكن ما يُميز هذا الفيديو هو أن الشباب الذين ظهروا في الفيديو يعرفون بعضهم البعض، وينحدرون من الحي نفسه، ويبدو أنهم يهربون أنفسهم بأنفسهم، وهو اتجاه متزايد في تونس بحسب الموقع الألماني.
يرى هؤلاء الشبان أنه بدلاً من الدفع لمهربي البشر لكي يوصلوك إلى أوروبا عليك أن تنظم رحلتك بنفسك، وعادة ما يكون للمهربين الذاتيين خلفية اجتماعية مشتركة، أي قادمون من الحي نفسه أو ربما من عائلة واحدة ممتدة، وبالتالي فإنهم يجمعون أموالهم لشراء قارب ومحرك وديزل، وحتى جهاز GPS إذا كان بإمكانهم تحمل تكلفة ذلك.
وظهر مواطن تونسي يدعى رؤوف الحويج وعائلته على متن قارب، في مقطع فيديو على فيسبوك، يحيطون بابن الحويج المريض، وبعد ادخار المال وجمع التبرعات اشترت العائلة قارباً صغيراً ومحركاً، وسافروا جميعاً معاً، وغادروا مدينة "الشابة" التونسية الساحلية لمحاولة الوصول إلى إيطاليا.
ووفقاً لبحث أجرته منظمات حقوقية تونسية وجماعات أخرى، فإن عدد المهربين أنفسهم بأنفسهم الذين يغادرون تونس نحو أوروبا آخذ في الازدياد.
يقول مات هربرت، الباحث المتخصص في شمال إفريقيا والهجرة غير النظامية ومدير الأبحاث في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، إن "التهريب الذاتي شائع على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط".
ونظراً لأن معظم التونسيين الذين هرّبوا أنفسهم ذاتياً قد وصلوا إلى أوروبا دون أن يتم اكتشافهم، وتخطيط البعض الآخر لرحلاتهم سراً، لا يتحدث هؤلاء المهاجرون إلى الصحفيين أو الباحثين، وبالتالي لا يعرف أحد بالضبط كم عدد التونسيين الذين يختارون التهريب الذاتي، ومع ذلك من الواضح أن الهجرة غير النظامية من شمال إفريقيا نحو أوروبا قد زادت بشكل كبير خلال العام الماضي.
يقول مات هربرت إنه في الآونة الأخيرة ارتفعت عمليات المغادرة من تونس وعادت إلى الانتعاش مجدداً، موضحاً أن هذا يرجع إلى انخفاض قيمة الدينار التونسي في عام 2017، وارتفاع معدلات البطالة، والمشاكل السياسية في البلاد، ثم في النهاية التأثير المدمر لجائحة كورونا.
هناك عوامل أخرى تلعب دوراً أيضاً في زيادة التهريب الذاتي بين التونسيين، رغم حقيقة أنه عادة ما يكون أغلى قليلاً من التهريب عبر الدفع لأرباب شبكات التهريب.
ويفيد الباحثون أن الذهاب مع مهرب بشر محترف يكلف ما بين 1200 يورو إلى 2200 يورو على متن قارب عادي، بينما يقسم المهربون الذاتيون تكاليف أي معدات يجب عليهم شراؤها.
في السياق، يشق الكثير من المهاجرين غير الشرعيين طريقهم إلى جزيرة صقلية الإيطالية، حيث يسهل الهبوط دون أن يتم اكتشافهم، بينما ينتهي الأمر بعدد من المهاجرين في جزيرة لامبيدوزا الأصغر والأقرب.
وبحسب خبراء، فإن انتشار ظاهرة التهريب الذاتي سيرهق الأوروبيين بشكل كبير، وسيمثل تحدياً جديداً لهم، فيما لا تزال تنفق العواصم الأوروبية أموالاً طائلة لمكافحة تهريب البشر. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 5