تحليلات حول الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت

وكالة أنباء آسيا

2021.08.06 - 04:48
Facebook Share
طباعة

           تناولت العديد من وسائل الإعلام ومراكز الدراسات الأمريكيَّة, لبنان من نقاط تتعلَّق بالحكومة الجديدة وأبرز التوقُّعات, والأزمة الاقتصاديَّة التي يعاني منها لبنان, مع إلقاء تحليلات سريعة حول الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت, حيث تحدّثت "Hanin Ghaddar" في مركز Washington institute"" للدِّراسات عن أزمة الحكومة اللبنانيَّة وكيف حُلَّت القضيَّة, بعد توافق الولايات المتَّحِدة وفرنسا والمملكة العربيَّة السعوديَّة ودول أخرى على نجيب ميقاتي، وتحدَّثت عن مشاكل لبنان, وأسبابها, حيث قالت "Ghadar" المشكلة أنَّ الطبقة السياسيَّة مستمرَّة, في اقتراح الخيارات التي تمثِّل نخبتها الخاصَّة, بدلاً من متابعة الإصلاحات المؤسَّسيَّة الجادَّة التي تحتاجها البلاد, وجاء هذا الاختيار بسبب شاغلان رئيسيَّان يقودان هذا النهج, وهما: عقوبات الاتحاد الأوروبِّي التي تُلوح في الأفق على قادة لبنانيِّين، وآفاق جولة جديدة من الاحتجاجات الجماهيَّرية في الداخل, وقالت: هناك سبب آخر لدفع بعض الأحزاب لترشيح ميقاتي, هو ليتمكَّنوا من استخدام الحكومة الناتجة لإدارة الانتخابات البرلمانيَّة المقبلة في مايو 2022م, وتتابع الباحثة في المركز, أنَّ ميقاتي فاسد, وهناك واستخدم مرارًا وتكرارًا لنفوذه السياسي لتنمية أعماله الخاصَّة, وتَشمل الاتهامات الموجَّهة إليه اتهامه بأنَّه استفاد بشكل غير قانوني من قروض الإسكان, بسبب الصفقات التي أبرمها مع حاكم البنك المركزي رياض سلامة([1]), وشكَّكت بإمكانيَّته, على تخفيف حدَّة الأزمة في لبنان, وإنقاذ الوضع الاقتصادي المنهار.

الوضع الاقتصادي المنهار:
          قال تقرير موقع "japan times" أنَّ لبنان، الذي كان يُعرف فيما مضى باسم "سويسرا الشرق الأوسط"، لديه الآن كل مظاهر الدولة الفاشلة, وأنَّ الأزمة الحاليَّة أصعب من الحرب الأهليَّة التي دارت رحاها من 1975 إلى1990([2]), وتحدَّث David Schenker"" الزميل أوَّل في "معهد تاوب" في معهد واشنطن, ومساعد وزير الخارجيَّة السابق لشؤون الشرق الأدنى, عن الوضع الاقتصادي في لبنان, حيث قال الأرقام تحكي قصَّة المعاناة, ما إن كانت الليرة مثبتة عند 1500 مقابل الدولار، انخفضت قيمتها, وأصبحت اليوم ما يقرب من 25000 ليرة للدولار, وتمَّ القضاء على مدَّخرات الحياة، ولا يمكن الوصول إلى الحسابات المصرفيَّة بالدولار, وأدَّى نقص العملة الصعبة إلى تعقيد قدرة لبنان على إنتاج الطاقة أو استيراد الغذاء والدواء والوقود, وكذلك تجاوزت البطالة 30 في المائة, وفي العام 2020م، انخفض الناتج المحلِّي الإجمالي بأكثر من 20 في المائة عن عام 2019م, وأكثر من نصف اللبنانيِّين يعيشون تحت خط الفقر، ويصف البنك الدولي الوضع بأنَّه ربما يكون من بين "أكثر فترات الأزمات حدَّة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر", ويعزو "Schenker" ذلك لفساد السياسيِّين, والانتماءات الطائفيَّة.
          وقالت "Carmen Geha" في مركز pomed للدراسات أنَّ مشكلة الحكم الأساسيَّة في لبنان تتمثَّل في سيطرة أمراء الحرب السابقين والميليشيات والسياسيِّين الطائفيِّين الفاسدين على النظام السياسي, والإفلات من العقاب الذي يتمتعون به([3]).
          وقالت "Angélique Mounier Kuhn" في تقرير على "monde diplo" أنَّه وفقًا للبنك الدولي، تُعد الأزمة الاقتصاديَّة في لبنان, واحدة من أسوأ ثلاث أزمات في العالم في زمن السلم منذ القرن التاسع عشر, وربما يتَّجه لبنان على الأرجح إلى أزمة ماليَّة خطيرة، والتي ستتَّخِذ شكل انخفاض في قيمة العملة، والأهم من ذلك، زعزعة استقرار القطاع المصرفي, كما يَرى اللبنانيُّون أنَّ استجابة سلامة للأزمة, هي الخطأ الأخير الذي دمَّر قوَّتَهُم الشرائيَّة, وهم يلومونه على عدم فرض ضوابط رسميَّة على رأس المال, عندما بدأت الليرة بالانخفاض، ما مكّن الأثرياء من أخذ أموالهم إلى الخارج, كما يَلُومونه على تأخير عمليَّات التدقيق التي تهدف إلى تسليط الضوء على حسابات مصرف لبنان وأساليبه، وهو شرط من شروط صندوق النقد الدولي للتفاوض على حزمة إنقاذ مالي, وتصاعد الاستياء مع تزايد الاتِّهامات بأنَّ الحاكم ورفاقه يكدِّسون الأموال بجيوبهم، على الرغم من أنَّ سلامة نفى ذلك بشدة, لكنَّ هذا الموضوع الآن موضوع شكاوى قانونيَّة في لبنان وفرنسا والمملكة المتَّحدة وسويسرا([4]).
          وكان "توفيق غاسبار"، المستشار السابق لصندوق النقد الدولي, من أوائل الذين شكَّكوا في تصرُّفات مصرف لبنان، قبل أكثر من عامين من الأزمة, وكتب في آب / أغسطس 2017م في دراسة نشرتها "ميزون دو فيوتشر للأبحاث" ما ملخَّصه: "من المرجَّح جدًا أن يتَّجه لبنان نحو أزمة ماليَّة خطيرة، والتي من شأنها أن تأخذ شكل انخفاض قيمة العملة، والأهم من ذلك، زعزعة استقرار القطاع المصرفي".
          ونشر محلِّلون اقتصاديُّون وماليِّون أنَّ مصير لبنان قد حُسم عندما اختار ربط عملته بالدولار، بشكل غير رسمي منذ العام 1992م، ثم رسميَّاً في العام 1997م، عند 1507.5 ليرة لبنانية للدولار, وكان الدافع وراء هذا القرار هو الحاجة إلى تعزيز الاحتياطيات النقديَّة بالدولار, ويقول المحِّل المالي "سيدريك تيل"، أستاذ الاقتصاد الدولي في مركز الدراسات العليا للدراسات الدوليَّة والتنمويَّة في جنيف: "الدولة التي تتراكم عجزًا في الميزانيَّة, وتعتمد على البنك المركزي لتمويلها, يمكن أن تعيش لفترة من الوقت على سعر صرف ثابت, لكن في النهاية ينهار النظام.
          ويقول "جيروم موكورانت"، الخبير الاقتصادي بجامعة "جان مونيه" في "سانت إتيان"، على أنَّ سعر الصرف الثابت في لبنان كان "المكوِّن الرئيسي للكارثة الحاليَّة", ففي مقال شارك في تأليفه مع "فريديريك فرح"، الاقتصادي والباحث في جامعة باريس، كتب: "في نهاية الحرب الأهليَّة, اختار الاقتصاد اللبناني نموذجًا تنمويًا يتبع توصيات إجماع واشنطن، أي توسيع انفتاح الاقتصاد، والسعي إلى المزيد من رأس المال الخارجي، وتوسيع التجارة الحرَّة, وبهذه الطريقة، أضعفت ذلك بنية الاقتصاد اللبناني, من خلال تعريضه بوحشية لأشكال المنافسة غير المشروعة وغير العادلة, وقد تأثَّرت بشكل مباشر قطاعات مثل الأخشاب والأحذية والملابس, لذلك، ليس من المستغرب نشوء عجز فادح في الحساب الجاري, وبالتالي الحاجة إلى جلب الدولار لمصرف لبنان، كل ذلك للدفاع عن سعر الصرف الثابت([5]).
بايدن ولبنان:
          أشارت التحليلات الغربيَّة "أنَّ سياسة إدارة بايدن تجاه لبنان تمثِّل استمراريَّة مع سابقتها", وتواصل تقديم مساعدات إنسانيَّة, من خلال دعم الإدارة للبنك الدولي, الذي قدَّم في كانون الثاني (يناير) 2021 مبلغ 246 مليون دولار, لتمويل برنامج شبكة الأمان الاجتماعي للمعوزين, وبرنامج الغذاء العالمي، والذي يقدِّم المساعدة إلى ما يقرب من 1.5 مليون مقيم في الشهر, كما تواصل إدارة بايدن دعمها للجيش اللبناني، الذي تعتبره مؤسَّسة ذات أهميَّة متزايدة في لبنان, وسط تدهور الأمن العام, وفي مايو، أعلنت الإدارة أنَّها ستزيد من منحة التمويل العسكري الأجنبي السنويَّة "FMF" بمقدار 15 مليون دولار، ليصبح المجموع 120 مليون دولار في السنة الماليَّة 2021م([6]).
          وأشارت مراكز الأبحاث أنَّ إدارة بايدن تواصل النظر في تنفيذ الإصلاحات التي هي شرط لا غنى عنه لدعم الولايات المتَّحدة لبرنامج صندوق النقد الدولي, حيث كان لبنان في مواجهة ضائقة اقتصاديَّة عدَّة مرَّات من قبل, ليتم إنقاذها من خلال مؤتمرات المانحين الدوليَّة المتتالية، وأشارت التحليلات أنَّه في حين أنَّ إدارة بايدن تسعى بلا شك إلى الاستقرار في لبنان، إلَّا أنَّها غير مستعدَّة لدفع ثمن ذلك دون قيد أو شرط, وبالتالي ستستمر الولايات المتَّحدة في تقديم المساعدة الإنسانيَّة للشعب اللبناني, وستُساعد في نهاية المطاف الحكومة اللبنانيَّة، ولكن "فقط" إذا اتَّخذت بيروت الخطوات الأولى لمساعدة نفسها, وبالتالي هناك نقاط تتعلَّق بدعم الولايات المتَّحدة لذلك, وترتبط بتنفيذ الحكومة لالتزاماتها, وبذل الجهود لاستعادة الأموال التي سُرقت بسبب الفساد.
          وأشار الدراسات, أنَّ الجيش اللبناني يمثِّل مشكلة لواشنطن لكنَّه مع ذلك مهم بالنسبة لها, فحسب التقارير, فإنَّ دعم الولايات المتَّحدة للجيش اللبناني موضوع مثير للجدل في واشنطن, وتَصف القيادة المركزيَّة للجيش اللبناني بأنَّه من بين أكثر شركائه الإقليميِّين قُدرة، لا سيما فيما يتعلَّق بمكافحة الإرهاب, وفي حين أنَّّ القوَّات المسلَّحة اللبنانيَّة, ملتزمة بالفعل بمحاربة الإرهابيَّين، إلَّا أنَّ التنظيم يفكِّك بشكل دوري, ويتعاون وينسِّق مع "حزب الله", ويَشغِل المتعاطفون مع حزب الله أو النشطاء, المناصب الرئيسيَّة في الجيش, مع ذلك، فإنَّ الجيش اللبناني هو واحد من المنظَّمات القليلة التي لا تزال تساعد في الحفاظ على مظهر من مظاهر النظام العام في الدولة, لكن وحسب التقارير, يجب حل مسألة "حزب الله" ومعالجتها.
          وأشارت بعض التحليلات أنَّه يجب على الولايات المتَّحدة العمل على الانخراط في عمليَّة زيادة التمويل الأمريكي, لاستبعاد كبار الضبَّاط الموالين لحزب الله, ويجب أن يضغط بايدن في منع المؤسَّّسة العسكريَّة ومحاكمها, من معاقبلة ومحاسبة من يدين حزب الله في الداخل والخارج, لكن يقول المحلِّل السياسي "مارتن كرامر" أنَّه عند إضعاف الجيش اللبناني وإخراج العناصر وموالين لحزب الله, فإنَّ ذلك سيؤدِّي إلى زيادة ما يسمِّيه الباحث نمو ظاهرة "الشباب غير الضروريِّين"، أي البطالة, بالتالي البحث عن وظائف في "الميليشيات الطائفيَّة", وحسب التقرير يجب أن تعمل الولايات المتَّحدة على عدم ترك لبنان لإيران, كما هو الحال مع العراق، ويجب على واشنطن أن تواصل الانخراط مع الجهات الفاعلة المحليَّة ودعمها "إلى أقصى حد ممكن" أولائك الذين يتشاركون القيم الأمريكيَّة, ويطمحون إلى ممارسة السيادة, وينبغي أن تستمر في استهداف حزب الله ماليَّاً, ومنعه من أن يستفيد أكثر من الأزمة, كما يجب عليها أن تتعاون مع الشركاء الأوربيِّين لدعم حلفائها في لبنان لتعزيز سلوك أكثر إنتاجيَّة.
الذكرى السنويَّة لانفجار بيوت:
          تحدَّث مركز hrw"" للأبحاث, عن تورُّط مسؤولين لبنانيِّين كبار في انفجار 4 أغسطس/ آب 2020م في بيروت، لكنَّ المشاكل المنهجيَّة في النظامين القانوني والسياسي تسمح لهم بتجنب المساءلة, وبعد مرور عام، لا تزال آثار الانفجار، الذي أودى بحياة 218 شخصًا، وجرح 7000 وتشريد أكثر من 300000، محفورة في المدينة، وما زالت عائلات الضحايا تنتظر الإجابات([7]).
          وفي الذكرى السنويَّة الأولى للانفجار, وقال "Tom Perry" الباحث في مركز تنمية الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس بمركز "the world news": إنَّ كارثة الميناء هي حالة فظيعة لسوء الإدارة، ونقص في الإنفاذ، وفساد كبير([8]).
          وقال المحلِّلون: "أنَّ الخلط بين الهويَّة والسياسة, يمزِّق نسيج المجتمع اللبناني, وإنَّه يُضعف الهويَّة الوطنيَّة، ويضع الهويات المجتمعيَّة في منافسة مع بعضها البعض، حيث يجب إرضاء جميع المجتمعات من خلال إعطائها "قِطعة من الكعكة" أو "مقعد على الطاولة" في الحكومة لكي تعتبر "شرعيَّة"([9]).
 
 


[1]- https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/mikati-government-will-not-save-lebanon
[2]- https://www.japantimes.co.jp/news/2021/08/01/world/beirut-blast-one-year-on/
[4] - https://mondediplo.com/2021/08/04lebanon
[5]- https://theworldnews.net/us-news/the-lebanese-canary-in-the-identity-coal-mine
[6]- https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/assessing-lebanons-political-paralysis-economic-crisis-and-challenges-us-policy
[7]- https://www.hrw.org/video-photos/interactive/2021/08/02/lebanon-evidence-implicates-officials-beirut-blast-targeted
[8] - https://www.theamericanconservative.com/articles/the-lebanese-canary-in-the-identity-coal-mine/
[9] - https://theworldnews.net/us-news/the-lebanese-canary-in-the-identity-coal-mine
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 9