التهديدات الروسية في البحر الأسود.. انتصار لبوتين على الغرب؟

إعداد - رؤى خضور

2021.06.26 - 06:13
Facebook Share
طباعة

 

اختلفت روايات لندن وموسكو حول خلاف في البحر الأسود، حيث بدأت الرواية يوم الأربعاء عندما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن سفينتها الخاصة بالدوريات الحدودية أطلقت "طلقات تحذيرية" لردع سفينة HMS Defender التابعة للبحرية البريطانية أثناء إبحارها في البحر الأسود، وقالت موسكو أيضاً إنها نشرت طائرات لإلقاء قنابل على طول طريق السفينة، التي اتهمتها بالتعدي على عمق ثلاثة كيلومترات في المياه الروسية بالقرب من شبه جزيرة القرم، وفقاً لموقع Newsweek.
في المقابل، ردت وزارة الدفاع البريطانية بالقول إنه لم يتم إطلاق أي طلقات، وأن مزاعم موسكو بإلقاء قنابل على مسار السفينة وأن السفينة قد غيرت مسارها، هي مزاعم خاطئة، وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يوم الخميس إن السفينة الحربية البريطانية تعمل بشكل قانوني في المياه الدولية قبالة سواحل شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، وأضاف "النقطة المهمة هي أننا لا نعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، هذه المياه أوكرانية"، وفقاً لموقع NDTV.
وقال كير جايلز، كبير الزملاء الاستشاريين في برنامج روسيا وأوراسيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس بلندن لصحيفة نيوزويك "من الواضح إلى حدٍ ما أن الصورة التي ظهرت بشكل عام تُظهر أن روسيا تصنعها"، ويرى جايلز أن الرواية تناقضت مع تصريحات وزارة الدفاع التي قللت من أهمية الحدث "لقد أخطأت المملكة المتحدة بإطلاق رسالة غير متسقة، وبالتالي تركت نفسها عرضة للشك وجعل الناس أكثر ميلاً إلى الوثوق بروسيا".
وحتى لو فضحت إحدى التحقيقات زيف مزاعم موسكو، فقد حقق الكرملين هدفه المتمثل في الترويج لرواية أمام شعبه مفادها أن روسيا تواجه تهديداً خارجياً معادياً وهو قادر على مواجهته.
وقال جايلز إن روسيا أرادت تصوير أنه كان هناك وضع خطير للغاية ينذر بحسابات خاطئة واحتمال حدوث صدام مباشر يمكن أن يتصاعد.
في حين أن المملكة المتحدة، إلى جانب المجتمع الدولي، لا تعترف بمطالبة روسيا بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في العام 2014، لذلك، على حد تعبير وزارة الدفاع البريطانية، كانت المدمرة تقوم ببساطة بـ "عبور بريء" عبر المياه الإقليمية الأوكرانية.
ومع ذلك ، رفع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، يوم الخميس من حدة الخطاب، مكرراً مطالبة روسيا بشبه الجزيرة قائلا إن موسكو "يمكنها أن تطالب باحترام القانون الدولي، وإذا لم يساعد ذلك، فيمكننا القصف إذا احتاجت إلى حماية حدودها".
وعلق مارك جاليوتي، الأستاذ الفخري في كلية الدراسات السلافية وأوروبا الشرقية في كلية لندن الجامعية على ذلك بقوله "كان هذا تصريحاً قوياً أكثر بكثير مما قلناه من وزارة الخارجية".
وقال لنيوزويك "المشكلة هي أن الروس محاصرون في سباق تسلح خطابي لأنهم إذا كانوا أكثر تشاؤماً، فإن الناس يقرأون ما بين السطور، لذا في بعض النواحي للحفاظ على تأثير تصريحاتهم، يجب أن يكون الأمر أكثر تطرفاً، وأكثر دراماتيكية".
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن إطلاق النار في المنطقة كان جزءاً من مناورة بحرية روسية مخطط لها مسبقاً، وإذا كانت ادعاءات موسكو صحيحة، فستكون هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها روسيا النار على سفينة حربية بريطانية منذ أكثر من قرن، عندما نسفت غواصة بلشفية مدمرة في خليج فنلندا في العام 1919، وفقاً لموقع NDTV.
قال سيرجي رادشينكو، الخبير في الشؤون الروسية وأستاذ العلاقات الدولية في المعهد الوطني للعلاقات الدولية لنيوزويك "منذ الانهيار السوفياتي، وظهور أوكرانيا كقوة في البحر الأسود، والعلاقات المتوترة بين موسكو وكييف، بدت تطلعات روسيا بعيدة للغاية".
كما تلوح في الأفق في حسابات موسكو مناورات Sea Breeze العسكرية بقيادة الناتو والتي بدأت يوم الاثنين، بالرغم من الكلمات الدافئة نسبياً التي قالها الرئيس فلاديمير بوتين لنظيره الأمريكي بعد قمة جنيف.
وقال رادشينكو "من الناحية الخطابية على الأقل، مازالت موسكو تصر على أن البحر الأسود مخصص لدول البحر الأسود، وقد اشتكت مراراً من تدريبات الناتو وجمع المعلومات الاستخبارية في المنطقة"، واصفًا حادثة يوم الأربعاء بأنها "جزء من طقوس مخطط لها، فقد استلزم ذلك درجة مخاطرة من كلا الجانبين".
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة نيوزويك مقالاً للكاتب بريندان كول في 21 حزيران/يونيو قال فيه إن المملكة المتحدة كانت تنوي كسر أنف الكرملين وتأكيد حقها في حرية الملاحة في المياه الدولية، ورفض مطالبات روسيا بشبه جزيرة القرم وإظهار الدعم لكيف.
ومع ذلك، بحسب الكاتب، فإن موسكو حتى لو لم تكن قد أقنعت كثيرين خارج حدودها، فإن رواية الكرملين عن العدوان الروسي لردع أحد حلفاء الناتو قد انتشرت محلياً وداخل مجالات صنع السياسة والأمن في موسكو.
قال جاليوتي "الجميع يعرفون خطوطهم وحدودهم، وطالما أن بريطانيا موجودة في البحر الأسود، فسوف تتحدى مطالبة روسيا بشبه جزيرة القرم، وإن كان البريطانيون قد عبروا الطرف الجنوبي لشبه جزيرة القرم، فمن الطبيعي على الروس أن يتصرفوا، وإلا فإنهم سيعترفون ضمنياً بالقضية الدولية، كان كل منهما يلعب دوره".
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1