هكذا واجه الفلسطينيون قيود فيسبوك

اعداد سامر الخطيب

2021.06.25 - 12:42
Facebook Share
طباعة

بدأ حذف المحتوى الفلسطيني -حسابات أو منشورات- من منصة فيسبوك لأول مرة في عام 2016، وسرعان ما حذت منصات أخرى مثل تويتر وإنستغرام حذوها بذريعة قانون مكافحة الإرهاب الأميركي. علما انه كل 66 ثانية هناك منشور تحريضي واحد ضد العرب والفلسطينيين ينشره إسرائيليون، لكن فيسبوك لا يفعل شيئا.
بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من تلك النقطة، طُلب من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين، وخاصة الصحفيين والشخصيات العامة، إعادة النظر في بعض المنشورات لتجنُّب حذف المحتوى أو حظره، لا سيما المحتوى الذي يشمل القضايا والمشاعر الوطنية. في الواقع، وثَّق مركز صدى الاجتماعي خلال العام الماضي فقط أكثر من 950 انتهاكا للمحتوى الفلسطيني عبر الإنترنت في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب 2020، منها 641 انتهاكا على وسائل التواصل الاجتماعي، معظمها على موقع فيسبوك، وسجَّل شهر مارس/آذار أعلى معدل بواقع 226 مخالفة.
يسعى الفلسطينيون إلى استعادة حساباتهم والتعبير عن احتجاجهم بطرق مختلفة، وتمكَّن مركز صدى الاجتماعي من استعادة عشرات حسابات فيسبوك بعد مساعدة المستخدمين في تقديم استئناف للشركة، ولا يزال المركز ينتظر استجابة فيسبوك لأكثر من 400 طلب آخر".
هل هذا الأمر ناتج عن مجرد اضطراب في طبيعة الخوارزميات على منصة فيسبوك أم أنه مُتعمَّد؟
نعرف أن هناك تعاونا وثيقا لفيسبوك مع السلطات الإسرائيلية، نعرف كذلك أن فيسبوك يستجيب لنحو 85% من الطلبات الإسرائيلية لحذف المحتوى الذي يعتبرونه "مسيئا أو مرتبطا بالإرهاب"، وقد ارتبطت الدفعات الأخيرة من الحذف وحظر الحسابات بقيود على المنشورات التي تحتوي على كلمات شائعة تتعلَّق بمقاومة الاحتلال.
كان فيسبوك قد اندفع في عام 2016 إلى توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة الإسرائيلية لمكافحة "معاداة السامية"، لكنه في هذه الحالة تحديدا توسَّع وشُحِذ لمنع انتقاد الممارسات الجائرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي وتقويض شعب يبحث عن حريته، يكفيك أن تعرف أن كلمة "صهيونية" تُعتبر محمية بموجب سياسات خطاب الكراهية، وبالتالي يُحظر المحتوى المعادي للصهيونية والمنتقد لإسرائيل على جميع تطبيقات فيسبوك الفرعية على أساس أنه "مُعادٍ للسامية".
تقول ضيا كيّالي، المستشارة والكاتبة المستقلة في مجال حقوق الإنسان: "فيسبوك يَعُدُّ معظم الفلسطينيين من حماس، وهذه هي الطريقة التي يتعاملون بها مع المحتوى القادم من المنطقة. عليهم أن يُخصِّصوا المزيد من الموارد لهذا الأمر".
كما أثار موظفو فيسبوك بالفعل مخاوف تجاه الشبكة بشأن تحيُّزها ضد العرب والمسلمين، بحجة أن "أعدادا كبيرة من السكان يُعتبرون إرهابيين". كان موظف سابق آخر قد أشار إلى محاولات فيسبوك إزالة وصف "الأراضي المحتلة" عن المناطق التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية.
في مواجهة كل هذا التضييق، تولّى المستخدمون في فلسطين زمام الأمور بأيديهم عن طريق بعض المبادرات الاحتجاجية. خلال الثمانينيات والتسعينيات، حين منعت الحكومة الإسرائيلية الفنانين الفلسطينيين من استخدام ألوان العلم الفلسطيني في أعمالهم، فإنهم استخدموا البطيخ رمزا للمقاومة. هناك طريقة مماثلة من المقاومة الرقمية تتبلور الآن في صورة إجراءات مبتكرة، مثل منح تقييمات منخفضة لتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي في متاجر التطبيقات، وبالأخص فيسبوك ، لتقليل ظهورها والحد من التفاعلات، وتوصيل رسالة إلى العالم حول قدر الانحياز الذي تمارسه هذه الشركات.
"الحملة أثَّرت على فيسبوك، وكان هذا واضحا في شكلين؛ الأول هو اهتزاز قيمة سهم فيسبوك في هذه الفترة بسبب التراجع الحاد في تقييم التطبيق على متاجر التطبيقات، لدرجة دفعت فيسبوك لتقديم طلب لحذف التقييمات "السياسية" الداعمة لفلسطين كما قالوا، ولكن شركة آبل رفضت الطلب". هكذا يجيب عُمر الشال، الكاتب التقني والمقدم الإعلامي بقناة الشرق، على سؤال لـ "ميدان" حول ذلك الأمر، قبل أن يتابع قائلا: "الشكل الثاني هو تقديم فيسبوك اعتذارا للسلطة الفلسطينية وتعديلهم بالفعل للخوارزميات وتخفيف الإجراءات ضد المنشورات الداعمة لفلسطين".
داخل فيسبوك، يُتعامَل مع الحملة على محمل الجد، وصُنِّفت خطورتها بالدرجة "SEV1″، التي تعني "الخطورة 1″، وهو وصف يُستخدم داخليا عند وجود مشكلة كبيرة في موقع الويب، يُعَدُّ "SEV1" ثاني أعلى حدث ذي أولوية بعد "SEV0″، الذي يُستخدم عندما يكون موقع الويب نفسه معطلا. الأمر الآخر الذي أظهر اهتمام فيسبوك بالتقييمات هو إنشاء "مركز عمليات خاص" يعمل على مدار 24 ساعة في اليوم لتخفيف خطاب الكراهية والمحتوى العنيف المتعلِّق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر.
لكن في النهاية، يبدو إلى الآن أن وعود الديمقراطية الغربية، تلك التي تُحلِّق في آفاق مثالية يمكن فقط أن تجدها على الورق في كتب الفلسفة السياسية، قد خذلت الفلسطينيين، فأصبح التعبير عن الرأي والتمثيل العادل للحقوق يواجه معضلة هائلة، الأغرب أن هذه الظاهرة ليست فريدة من نوعها، حيث تواجه المجتمعات المضطهدة والمُهمَّشة في جميع أنحاء العالم تحيُّزا ورقابة مماثلة! 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10