صفقات للقمح غير صالحة للاستخدام البشري بعلم الحكومة السورية

وكالة أنباء آسيا – خاص

2021.06.05 - 10:32
Facebook Share
طباعة

باتت صفقات المتعلقة بالغذاء ، تشغل بال الجميع، بعد تواتر الكشف عن صفقات لتزويد الأسواق بمواد منتهية الصلاحية أو غير مراقبة صحياً، ففي قانون الحرب الهم الكبير جمع المال ولو كان هذا المال على حساب صحة المواطن ... قانون لا شفقة ولا رحمة به ...
سمعنا وقرائنا الكثير عن رجال أعمال استغلوا الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وقاموا بتنفيذ صفقات وبعلم الحكومة أيضاً بهدف تأمين المادة للمواطن، بعض هذه الصفقات تم تنفيذها وهي مخالفة للمعايير والمقاييس المعتمدة للاستخدام البشري ...
حيث لم تردد رئاسة الحكومة السورية السابقة في عام 2014 في مخالفة القوانين والأنظمة فيما يخص صفقات معينة منها إلغاء شرط فحص المواد الغذائية بعد وصولها إلى القطر خلافاً لدفاتر الشروط الخاصة بعقود التوريد بكتابه رقم 243/ بتاريخ 18/3/0214
وبحسب التقرير الذي حصلنا عليه فقد تم استيراد قمح مصاب بفطر الآرغوت السام من قبل شركتي الفوز وغرناطة وبعلم رئيس الحكومة ولأغراض الطحن حصراً وفوراً دون مرورها إلى مستودعات مؤسسة الحبوب وشركة الصوامع.
ما خطورته وبأي الدول؟
"الآرغوت" فطر عبارة عن أجسام حجرية شديدة الخطورة، يلوث شحنات القمح المستوردة من دول أوروبية، ويسبب اضطرابات عصبية للرجال، وإجهاضاً متكرراً للنساء، نتيجة الانقباضات المتتالية لدى الرحم، والصداع المزمن، والتسمم الحاد، ومرض السكري، وأمراض الكبد والقلب والسرطان، إلى جانب تهديده الثروة الحيوانية والداجنة.
وأثبت الدكتور هيثم وليد عباسي استاذ في كلية الطب رئيس قسم الحوامل في تصريحه لـ " وكالة آنباء آسيا" أن قمح الآرغوت يقضي على حياة الجنين لأن سمومه شديدة الثبات، فهو يؤثر على الحمل من خلال امتصاص للسموم على طبقات الجنين التي تؤدي إلى توقف نموه وموته مما يؤدي إلى رفض الجسم له وبالتالي يؤثر على الإنجاب
وأضاف العباسي، الاسقاط من أهم المشاكل للمراءة منها ما يحدث نتيجة سبب فيزيائي أو كيمائي ومنها التلوث نتيجة الفطور وهي تعد من أخطر الأنواع .. ومنها فطر الآرغوت من الفطور التي تنمو على المحاصيل التي تحمل النشويات إضافة لنموها وتكاثرها بسبب سوء التخزين الذي يؤهل لها الظروف المناسبة .
وأشار الطبيب، إلى أن هذه الفطر لا يظهر بشكل عيني من الناحي الطبية فتكون غير مرئية لافتاً إلى أن الفطور لها تأثيرات سلبية على الجسم بسبب المواد الانزيمية يؤثر على صحة المراءة وحين دخوله بطريقة الهضم يحرر مواد تؤدي إلى إسقاط الأجنة إضافة إلى تأثيرات سلبية أخرى
وبحسب معهد أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية قد حدد 15 دولة موبوءة بفطر الآرغوت السام، وهي أمريكا والبرازيل وأستراليا والأرجنتين وكازخستان وبلغاريا وكندا وفرنسا وألمانيا والمجر وتركيا وبولندا ورومانيا وصربيا وأورجواي.
من يستورده؟
تبرر الدولة استيراد القمح الملوث بالآرغوت من خلال السماح بإدخاله ولكن ضمن نسبة محدودة حيث أكد مدير عام المؤسسة العامة للحبوب المهندس يوسف قاسم في تصريحه لنا أن فطر الآرغوت مسموح به عالمياً 5 بـ 10 ألف وهي إصابة حجرية لا علاقة لها بالنسبة لموضوع الإنتاج لأن مرحلة انتاج الطحين التمويني يمر عبر العديد من الخطوات ومنها الغربلة ولا يطحن إلا القمح الصافي 100% اما الأقماح المصابة بهذا الفطر تغربل ويتم إتلافها
وأشار، إلى أن أي باخرة أقماح ترد إلى سورية يوجد لجنة من هيئة الطاقة الذرية لتأكد من نسبة الشعاع النووي ومطابقة للنسبة العالمية المسموح بها ، من ثم تمر عليها لجنة للحجر الصحي النباتي لأخذ عينة لتحليلها من أجل الآفات الحجرية مثل الفطر الآرغوت، حيث لا تتم عملية دخول أي كميات من القمح عبر المعابر البرية أو الموانئ البحرية إلا و يتم فحصها من قبل هيئة الطاقة الذرية فيما يخص نسبة الإشعاع ويتم إصدار شهادة من قبل الهيئة بهذا الخص تؤثر أنها محصورة جداً
لافتاً أنه بالنسبة لسورية مسموح أن يكون 2 بـ 10 ألف من هذه الآفات ضمن أي باخرة ترد لصالح المؤسسة العامة للحبوب كونها هدفها إنتاج وتأمين الطحين ضمن هذه الظروف .
عقود مخالفة ....
أصبح من المعروف أن العقوبات الاقتصادية آثرت على الجميع بشكل سلبي ومنعت الكثير من الشركات التعامل معنا خوفاً من فرض عقوبات بحقهم.
مصدر من اللجنة الاقتصادية أكد في تصريحه لـ وكالة آنباء آسيا" إدخال المواد الغذائية " قمح، طحين" ملوث بفطر الآرغوت من قبل شركتي الفوز وغرناطة لافتاً، أن ذلك ما كان ليحدث لولا إصدار رئيس مجلس الوزراء السابق لعدد من القرارات المخالفة للقوانين فيما يخص الصفقات المعنية.
وبحسب المصدر، بعد كل إرساليات عقود توريد الطحين أو القمح المصابة بفطر الآرغوت كان يتم إصدار قراراً بالموافقة على إدخالها وفق نسبة إصابة بالفطر تكون أعلى من النسب التي ظهرت بتحليل العينة، علماً أنه يتم التأكيد على سحب العي
نة مرة واحدة عند دخولها الأراضي السورية.
وأشار المصدر، تم إدخال شحنة من القمح الطري المصاب بالمرض بناءاً على تحليل محايد وذلك بعد موافقة رئيس الحكومة حيث قدم تسهيلات كبيرة للشركتين وصلت إلى درجة مخالفة القوانين وقد تم توريد أول باخرة محملة بالطحين قبل توقيع العقد ودون شركة مراقبة صحية وقبل فتح الاعتماد المستندي والاكتفاء بسحب عينة للتحليل لمرة واحدة فقط .
وكانت الحكومة السورية قد ألغت مؤخراً مناقصات لتوريد القمح بسبب عدم قبول التجار الدوليين توريد القمح لسورية بسبب خوفها من عدم الحصول على أثمان وارداتهم أو بسبب الصعوبة البالغة في ضمان وصول القمح وتسليمه في ظل الحرب والحالة الأمنية السيئة
وختم المصدر، أن الأقماح المصابة تكون منخفضة الأسعار، حيث تلجأ مافيا الاستيراد إلى إدخال هذا القمح بسب انخفاض سعر الطن، وهو ما يحقق لها أرباحا طائلة، ويضر في الوقت ذاته بالأرض والمحاصيل الزراعية السورية الخالية تماما من هذا الفطر.
قضي الأمر...
إن "السماح باستيراد قمح ملوث بفطر الآرغوت هي جريمة كبيرة تضاف لجرائم بحق الشعب وصحة السوريين، وهي للأسف يجب ألا تمر" بحسب ما أشار إليه المحامي أمجد بركات الذي أكد في تصريحه لـ " وكالة انباء آسيا" أن مكافحة الفساد مشروع قديم وهناك قوانين ولكن للأسف هي لا تطبق على أرض الواقع وخاصة ضمن ظروف الحرب
وأشار المحامي أن الفساد الأخطر هو الفساد الخفي الذي تتم تغطيته بأوراق وأختام قانونية ويتضمن التفافا على القانون مثل استلام مشاريع بكاملها على أنها جاهزة ولكنها تكون خلاف ذلك مشيرا إلى قضايا الفساد التي لا تصل إلى المحاكم مثل الحوادث الوهمية التي تسفر عن خسائر مالية كبيرة
نبه إلى أهمية إعادة النظر في الثغرات الموجودة في بعض النصوص القانونية التي من شأنها أن تكون منفذا للفساد داعيا إلى اعتماد معايير شفافة وعروض واضحة ولاسيما في عقود الدولة ومنح فرص متساوية لجميع المتقدمين والعارضين والمحاسبة من صلاحية الترخيص ونوعه وجودتها والتي يتوجب عليها ومحصها التقصي والبحث مطابقة أم غير مطابقة
أوضح أنه "أياً كان المستفيد من السماح بإدخال القمح المصاب بالفطور، سواء الحكومة أو شركتي الفوز وغرناطة، على القانون أن يتدخل لأن المواطن السوري هو المهدد في صحته تهديدا لم يسبق له مثيل".
مضيفاً أن "الخاسر الوحيد هو شعب تسمح حكومته باستيراد أقماح مضرة بالصحة، وتهدد البيئة والزراعة السورية الخالية من الفطر السام.
حاجة سورية ...
بالمقابل كانت قد كشفت رئاسة مجلس الوزراء أن “إنتاج سورية من القمح بلغ قبل الأزمة مليوني طن تكفي حاجة القطر من الاستهلاك مع تصدير الفائض منه، أما اليوم فإن 90% من القمح الذي نحتاجه يتم تأمينه من خلال الاستيراد، أي أن الانتاج هو 10 % من حاجة البلد”.
وبلغ متوسط إنتاج القمح في سوريا خلال الفترة 1995-2009 “نحو 4 ملايين طن شكل إنتاج القمح المروي منها 2.8 مليون طن، أي ما نسبته 70٪ من إجمالي الإنتاج، والبعل 1.2 مليون طن ما نسبته 30٪ من الإنتاج الإجمالي”.
ومن الجدير بالذكر أن أعلى إنتاج إجمالي من القمح تم تحقيقه كان في 2006 بمقدار 409 ملايين طن، وأعلى إنتاج في الزراعة المروية كان في 2006، ومقدار 3.6 مليون طن وأعلى إنتاج في الزراعة البعلية تم تحقيقه في 2001 بمقدار مليوني طن.‌‏
في النهاية ...
يثير الكشف عن حالات الفساد في صفقات الغذاء وعمليات الإنتاج، مخاوف كبيرة لدى السوريين، ليرى الكثيرون أن ضعف أجهزة الرقابة والقوانين الرادعة في هذا المجال تساعد على التلاعب بصحة المستهلكين وسلامتهم.
ويعتبر المهتمون بالوضع الاقتصادي، أن الفساد وتفشي الرشاوى والعمولات يقود إلى مثل هذه الممارسات دون أي اعتبار لما قد يخلفه انتشار المواد الغذائية الفاسدة من مخلفات وخيمة على صحة المستهلكين. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8