لقاء بايدن وأردوغان اختبار لنوايا الرئيس التركي

إعداد - رؤى خضور

2021.06.05 - 10:19
Facebook Share
طباعة

يلتقي جو بايدن في أول رحلة خارجية له بصفته رئيساً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بروكسل في 14 حزيران/يونيو خلال قمة الناتو، أي بعد أقل من شهرين من إعلان بايدن أن القتل الجماعي للأرمن على يد الأتراك العثمانيين في الحرب العالمية الأولى عمل إبادة جماعية، والذي أثار غضب أنقرة، وفقاً لوكالة رويترز.

وقال البيت الأبيض إن بايدن وأردوغان سيناقشان "مجموعة من القضايا الثنائية والإقليمية" في القمة.

كانت العلاقات بين بايدن وأردوغان متوترة وتوترت أكثر في أواخر نيسان/أبريل عندما اعترف الرئيس الأمريكي رسمياً بقتل ما يصل إلى مليوني أرمني في تركيا العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى كإبادة جماعية.

بايدن، الذي انتقد أيضاً سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان لا سيما فيما يتعلق بالأكراد، انتظر حتى نيسان/أبريل للتحدث إلى أردوغان عبر الهاتف، بعد ثلاثة أشهر من تنصيبه.

وقال المتحدث باسم أردوغان لصحيفة حريت اليومية التركية إن أردوغان يعتزم مناقشة العقوبات الأمريكية على تركيا بسبب شرائها نظام دفاع جوي روسي، بالإضافة إلى قضايا تتعلق بسورية والكيان الإسرائيلي.

ورداً على وصف بايدن قتل الأرمن بأنها إبادة جماعية، قال أردوغان إن الولايات المتحدة بحاجة إلى "النظر في المرآة"، في إشارة إلى المعاملة الوحشية للأمريكيين الأصليين من قبل المستوطنين الأوروبيين، وفقاً لموقع المونيتور الإخباري.

ولنكن واضحين، فإن صراعات بايدن مع أردوغان تعود إلى أوائل العام 2020 عندما وصف المرشح الرئاسي آنذاك بايدن الزعيم التركي بأنه "مستبد"، وتعهد بدعم جهود المعارضة التركية للإطاحة بأردوغان، وهذا الموقف مبني في أساسه على الغضب الأمريكي وحلفاء آخرين في الناتو من شراء تركيا لنظام الدفاع الجوي S-400 من روسيا، ما دفع الرئيس السابق دونالد ترامب إلى فرض عقوبات، ووصف ذلك بأنه تهديد لأمن الحلفاء، كما تصاعدت التوترات الثنائية بشأن الدعم الأمريكي للقوات الكردية في سورية، والمحاكمة الأمريكية لبنك تركي عام لمساعدة إيران على التهرب من العقوبات، ورفض واشنطن تسليم فتح الله غولن، الداعية المقيم في بنسلفانيا المتهم بتدبير محاولة الانقلاب عام 2016 في تركيا، والخلافات الإقليمية بين أنقرة واليونان في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط.

في المقابل، انتقد أردوغان بايدن لدعم الولايات المتحدة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الحرب على غزة التي أودت بحياة أكثر من 260 شخصاً، واتهم أردوغان الولايات المتحدة بالمساعدة في العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

لذلك تشكل علاقة تركيا بالولايات المتحدة أصعب اختبار لأردوغان في الفترة المقبلة، وقد تؤثر في سياسته الخارجية وتحالفاته السياسية في الداخل.

وهناك دلائل على أن أردوغان قد يقترح صيغة جديدة لبايدن تتمثل بنشر صواريخ إس -400 تحت السيطرة الأمريكية في قاعدة إنجرليك الجوية في جنوب تركيا، دون أية مشاركة روسية في تشغيلها وصيانتها، وذكر وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو هذا الأسبوع على أن أنقرة سيكون لها "سيطرة بنسبة 100٪" على الأنظمة ولن يكون هناك خبراء عسكريون روس في تركيا، وفقاً لوكالة رويترز.

ومع هذا قد يكون التوتر سيد الموقف في المرحلة المقبلة، فعلى سبيل المثال يجادل محمد كوجاك، كاتب في صحيفة Yeni Akit اليومية الإسلامية الموالية للحكومة التركية، بأن العلاقات الثنائية محكوم عليها بالتدهور أكثر، مشيراً إلى أن بايدن في مقابلة قبل انتخابه دعا إلى دعم المعارضة التركية لهزيمة أردوغان.

ويطرح وزير الداخلية سليمان صويلو حججاً لعدم التعويل على هذا اللقاء، فقد ذكر الأسبوع الماضي أن تهم الفساد الصارخة التي وجِّهت له مؤخراً كانت جزءاً من مؤامرة تقودها الولايات المتحدة للإطاحة بحكومة أردوغان.

لذلك من المرجح أن يبذل هذا الفريق من خصوم الولايات المتحدة قصارى جهده لتقويض جهود أردوغان في التقارب مع واشنطن، بالاعتماد على الادعاء بأن بايدن عازم على الإطاحة بأردوغان.

ومن المحتمل أن يضع بايدن على أردوغان شرطاً صارماً لتحديد موقفه واختيار جانب محدد يتماشى مع الناتو، ليس فيما يخص الشراكة العسكرية فحسب، بل يشمل تعاوناً اقتصادياً إلى جانب التعاون السياسي.

وفي هذه الحالة، فإن ضغطاً مماثلاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيؤدي إلى تعميق مآزق أردوغان مع تزايد ضغوطه في الداخل والخارج، خصوصاً بعد إعراب الروس في الأسابيع الأخيرة علانية عن عدم رضاهم عن التعاون الدفاعي التركي مع أوكرانيا وبولندا، لهذا السبب تعتبر عروض بايدن المعلقة لأردوغان (لإصلاح العلاقة الاستراتيجية) وصفقته مع بوتين بالغة الأهمية.

من ناحية أخرى، يجادل بعض الأشخاص في واشنطن وبروكسل بأنه يجب تأجيل التطبيع مع تركيا إلى ما بعد العام 2023، وتستند وجهة نظرهم إلى ادعاءات متعددة، من بينها أن التطبيع سيخدم مصالح أردوغان، وأن الضغط على الاقتصاد التركي سيساعد المعارضة وأنه سيكون من الأسهل القيام بذلك، وقد يكون من الممكن تقوية ائتلاف أحزاب المعارضة بدون سياسة خارجية مشتركة.

في كافة الأحوال، إن أقوى ورقة يمكن أن يلعبها أردوغان لكسر الجليد مع بايدن هي الترويج لتركيا كأفضل شريك إقليمي في الجهود الأمريكية لاحتواء روسيا وإيران، لكن حتى هذه الورقة قد لا تهم اللاعب الغربي الذي يمكن أن يلعب على فكرة أن الولايات المتحدة معادية لتركيا، والتي تحظى بشعبية كبيرة بين ناخبي المعارضة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 9