تركيا تخفف لهجة العداء تجاه روسيا

إعداد _ رؤى خضور

2021.05.31 - 03:48
Facebook Share
طباعة

خففت تركيا مؤخراً من لغة تصريحات حلف شمال الأطلسي التي تدين روسيا، كجزء من نمط أوسع من عرقلة استعراض العضلات في إطار الاتفاق الأمني ​​الغربي، وانقلاب زملائها في الناتو، وظهر أحدث مثال على ذلك في بيان صدر في 26 أيار/مايو عن التحالف المؤلف من 30 عضواً شجب إجبار بيلاروسيا على إسقاط طائرة تابعة لشركة ريان إير لاعتقال صحافي منشق، وذكرت وكالة رويترز أن البيان المكون من فقرتين لم يتضمن أي إجراءات عقابية بسبب رفض تركيا لذلك.

وأكدت المصادر الدبلوماسية رواية وكالة الأنباء، حيث قالت تركيا إنها ستستخدم حق النقض ضد أي لغة تدعو إلى دعم العقوبات الغربية على بيلاروسيا، والإفراج عن السجناء السياسيين، وتعليق تعاون الناتو مع الدولة السوفيتية السابقة المتحالفة مع روسيا.

وقالت مصادر دبلوماسية إن تركيا تبنت موقفاً مماثلاً خلال صياغة بيان صدر في 15 نيسان/أبريل عبر عن تضامنه مع الولايات المتحدة بشأن الهجمات الإلكترونية الروسية على وكالات حكومية أمريكية، وتكرر الميل المؤيد لروسيا في صياغة بيان 22 نيسان/أبريل عندما قالت تركيا مقدماً إنها لن توافق على أي إعلان يذكر أوكرانيا التي احتشدت القوات الروسية على حدودها الشرقية.

وهذا يتعارض مع دعم تركيا الثابت والصريح لأوكرانيا، بما في ذلك دعم منحها عضوية الناتو، وهذا ما يثير التساؤل حول سبب شعور أنقرة بأنها مضطرة لمضاربة موسكو، ولماذا لا تفعل ذلك الولايات المتحدة، العضو الأكثر نفوذاً في الناتو.

هناك عدة تفسيرات، أحدهما هو الأهمية الجيوستراتيجية التي لا جدال فيها لتركيا، وهذا يتفوق على أية مخاوف بشأن سلوكها العدواني والتخريبي المتزايد في ظل حكم رجب طيب أردوغان، لا سيما في شرق البحر المتوسط ​​حيث تقترب من اليونان حليفة الناتو، وقال أحد المصادر إن لا أحد يريد أن "يخسر" تركيا، وأنقرة تستغل ذلك إلى أقصى حد لتصل إلى طاولة المفاوضات قائلة "هذه هي شروطنا".

وتدافع تركيا عن موقفها تجاه روسيا على أساس أنه يتعين على أنقرة إدارة علاقتها مع جارتها القوية في الشمال الشرقي، والحفاظ على علاقتها الخاصة معها حتى لو كانت على حساب القيم التي يمثلها الناتو، لكن موقف تركيا من بيلاروسيا موقف محير ومثير للاستغراب.

وقد أبدى أردوغان رغبته مراراً فتح صفحة جديدة مع واشنطن، ومن المقرر أن يعقد أول اجتماع مباشر له مع بايدن منذ أن أصبح رئيساً على هامش قمة الناتو الشهر المقبل، ويأمل منتقدو تركيا داخل التحالف أن يوجه بايدن رسالة صارمة إلى الزعيم التركي بأن عليه الالتزام بالقواعد.

من الواضح أن العلاقات العسكرية المتنامية بين تركيا وروسيا، والتي تجلت من خلال حيازتها صواريخ إس -400، قد فرضت على تركيا ثمناً باهظاً، إذ تم طردها من الكونسورتيوم الذي ينتج طائرات مقاتلة حديثة من طراز F-35، ومنعت من الحصول على أسلحة عسكرية أمريكية بموجب قانون "مكافحة أعداء أمريكا".

وقد عُرض على تركيا عدداً من الخيارات لفك ارتباطها بصفقة إس-400، لكنها رفضت قائلة إن الحصول على الأسلحة الروسية صفقة منتهية وتتحدث عن شراء مقاتلات سوخوي روسية الصنع إذا ظلت طائرة F-35 محظورة، وقالت الولايات المتحدة إن أي خطوة من هذا القبيل ستؤدي إلى مزيد من العقوبات.

مع استمرار توتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، يبرز الناتو باعتباره المؤسسة الوحيدة التي تبقي البلاد ضمن المدار الأمني ​​عبر المحيط الأطلسي، لكن مشكلة إس -400 لم تتم مناقشتها مطلقاً في الناتو على الرغم من أن الولايات المتحدة متمسكة بالقول بأن النظام الروسي يهدد أمن الناتو.

لكن التاريخ يخبرنا عن العداء التاريخي بين الأتراك وروسيا، والذي كان سبباً رئيساً لانضمام تركيا إلى الحلف الأطلسي والسماح للولايات المتحدة بإقامة العشرات من القواعد البحرية والبرية والجوية لمنع "الدب الروسي الشيوعي من الوصول إلى المياه الدافئة"، وها هي تركيا اليوم تعود لتخبرنا أنها تجيد سياسة اللعب على الحبلين، فهل تحميها هذه السياسة من مواجهة قادمة؟ 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 7