روسيا تتطلع إلى توسيع دورها في عملية السلام في الشرق الأوسط

إعداد - رؤى خضور

2021.05.25 - 09:44
Facebook Share
طباعة

 

 
تشير التصريحات الروسية الرسمية حول القتال الأخير بين "إسرائيل" والفلسطينيين إلى أن موسكو تبحث عن دور دبلوماسي أكبر، فبعد إعراب وزارة الخارجية الروسية عن دعمها لوقف إطلاق النار دعت إلى عقد اجتماع عاجل للجنة الرباعية للشرق الأوسط لمنع العودة إلى الصراع، وسبق ذلك تصريحات أخرى في وقت سابق على لسان الرئيس فلاديمير بوتين أن الصراع بين إسرائيل وغزة يهدد أمن روسيا، وفي 19 أيار/مايو، حذرت وزارة الخارجية الروسية الكيان الصهيوني من أن وقوع مزيد من الضحايا المدنيين في غزة سيكون "غير مقبول"، كما أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما الروسي، ليونيد سلوتسكي، على استعداد روسيا لاستضافة مفاوضات حول تسوية فلسطينية إسرائيلية.
كل تلك التصريحات تعكس رغبة روسيا في توسيع دورها الدبلوماسي في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، لكن ذلك ليس فقط في الأحداث الأخيرة، ففي 31 آذار/مارس، أبدى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف رغبة موسكو في استضافة محادثات سلام إسرائيلية فلسطينية، وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره الفلسطيني محمود عباس عبّر كلاهما عن رغبتهما في قبول الوساطة الروسية.
وخلال الصراع، انغمست روسيا في دبلوماسية مكوكية مع الأطراف المتحاربة وأصحاب المصلحة الخارجيين لتسهيل وقف إطلاق النار، وبعد أن أبلغ نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في 12 أيار/مايو أن حماس ترغب في وقف إطلاق النار، تشاورت روسيا مع مصر والأردن ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس بشأن إنهاء الصراع.
لا شك أن تطلعات موسكو إلى القوة في الشرق الأوسط هي التي شكلت جهود الوساطة التي تبذلها، فمع انتهاء الحرب الأهلية السورية، حاولت روسيا تعزيز مكانتها كقوة عظمى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال لعب دور دبلوماسي في مسارح ليبيا والخليج العربي وإسرائيل وفلسطين.
يسود اليوم في أوساط المحللين الروس تفاؤل بشأن التعاون الأمريكي الروسي في دفع عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ويمكن لروسيا، إلى جانب الولايات المتحدة، لعب دور في استئناف المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين دون أن تعيق الحالة السيئة للعلاقات الأمريكية الروسية هذا التعاون، فقد سبق أن تفاوضا على حدود منطقة خفض التصعيد في جنوب سورية في العام 2017 بالرغم من العلاقات الثنائية المتوترة للغاية آنذاك.
ولكن حتى إذا تحقق التعاون الأمريكي الروسي بشأن إسرائيل وفلسطين فمن غير المتوقع أن يسفر مؤتمر السلام الذي تستضيفه موسكو بين إسرائيل وفلسطين عن نتائج ملموسة، وقال أندريه باكلانوف، الذي شغل منصب سفير روسيا لدى المملكة العربية السعودية إنه يشكك في استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة، وبرر باكلانوف تقييمه المتشائم من خلال التذكير بالصفقة التي قيمتها 735 مليون دولار من مبيعات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل حتى مع اشتداد الصراع في غزة.
وبالرغم من أن روسيا تقدم نفسها على أنها حيادية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتبرر دورها الدبلوماسي من خلال تسليط الضوء على قربها الجغرافي من الشرق الأوسط، ينظر المسؤولون الإسرائيليون والفلسطينيون إلى طموحات روسيا الدبلوماسية بشك، وقال ميكي أهارونسون، الزميل البارز في معهد القدس للأمن والاستراتيجية إن "روسيا تحاول إحياء اللجنة الرباعية للشرق الأوسط لأنها تريد الانضمام إلى منتدى دولي مرموق بعد طردها من أخرى منذ العام 2014".
في المقابل، أيد سفير فلسطين في روسيا، عبد الحفيظ نوفل، علناً ​​دعوة موسكو لاستئناف اللجنة الرباعية للشرق الأوسط بالرغم من تشكيك خبراء ومسؤولين فلسطينيين آخرين في قدرة الرباعية على خدمة قضيتهم، فقد ذكر أمجد عراقي، المحلل السياسي في مركز الأبحاث الفلسطيني "الشبكة" أن سعي اللجنة الرباعية للشرق الأوسط لحل الدولتين مطروح منذ حقبة التسعينيات، لكنه لا يعكس الحقائق على الأرض، وزعم العراقي أن الرباعية تفرض شروطاً صارمة على الجانب الفلسطيني في حين لا تضغط كما يلزم على الكيان الصهيوني، فأصبحت مجرد مؤسسة تستخدمها القوى العظمى لإظهار أنها تتخذ إجراءات جماعية.
في الوقت الذي تجاهد فيه روسيا لتحقيق حضور دبلوماسي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لا يعوّل المعنيون في الصراع الآمال على هذه الجهود، ولا ينتظر الفلسطينيون عصاً روسية سحرية تخرجهم من مأزقهم، لكن بغض النظر عن نجاح أو فشل مناورات موسكو الدبلوماسية، فإن روسيا طرف معني يجب مراقبته في هذا الصراع.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4