هل "إسرائيل" تخرب العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة؟

رؤى خضور

2021.05.03 - 05:47
Facebook Share
طباعة

بعد تعرض المنشآت النووية الإيرانية في نطنز لضربة مدمرة تمثلت في قطع التيار الكهربائي عشية المحادثات غير الرسمية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن العودة المحتملة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، تشير بعض التقديرات إلى أن خطط إيران لتخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة قد تأخرت لعدة شهور بسبب شدة الهجوم، وبذلك تم اختراق الأصول الاستراتيجية لإيران، والأهم من ذلك بالنسبة لإسرائيل، فإن الهجوم خرب نزاهة محادثات محتملة مع الولايات المتحدة، وأثار غضب القيادة في طهران.

ومن البديهي أن المسؤولين الإيرانيين وجهوا أصابع الاتهام إلى إسرائيل، التي تعتبر برنامج إيران النووي تهديداً غير قابل للتفاوض على أمنها، في حين أن الصهاينة لم ينكروا ولم يتحملوا مسؤوليتهم عن الحادث، إلا أن هناك إجماعاً ضمنياً في المجتمع الدولي على أن الهجوم نُفِّذ بإيماءة من إسرائيل، فقد سبق أن استهدفت إسرائيل في الماضي البنية التحتية النووية الإيرانية وهي تمتلك بالتأكيد الوسائل التي أمرت بهذا التدخل الأخير.
من ناحية أخرى، لا ينبغي اعتبار حادثة نطنز حدثاً منفرداً، بل كجزء من استراتيجية أكبر بكثير لعزل إيران وتوجيه السياسة الأمريكية تجاه طهران.

لكن موقف إسرائيل من العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لا هوادة فيه، فقد أفادت تقارير أن مجلس الوزراء الأمني ​​في البلاد يشعر بقلق بالغ إزاء العودة إلى الاتفاق تحت قيادة جو بايدن، ما سيحد من وجود إسرائيل في المنطقة، لذلك فإن وجود المخاوف الإسرائيلية أمام آذان صماء في واشنطن، يجعل احتمال مشاركة إسرائيل في نطنز مرتفعاً للغاية.

فبالنظر إلى تهميشها من قبل الولايات المتحدة وتحويلها إلى مجرد متفرج في مفاوضات واشنطن مع طهران، ومع استنفاد الإدانات العامة والدبلوماسية، لن يكون لجوء إسرائيل إلى تدابير أكثر عدوانية أمراً غريباً عنها، ويبدو أن الولايات المتحدة منزعجة من التدخل الإسرائيلي، لكن هذا لن يغير الموقف الإسرائيلي، ولدى الولايات المتحدة خيارات محدودة لمنع أقرب حليف لها في الشرق الأوسط من تقويض المفاوضات.

ولنكن واضحين، فإن الموقف الإسرائيلي الحالي من إيران هو أن أي صفقة معها تتعارض حكماً مع مصالح إسرائيل، وإن كانت إسرائيل متواطئة بالفعل في هجوم نطنز، فيجب أن تكون هذه رسالة إلى الولايات المتحدة وليس إيران، فقد أظهرت إسرائيل للولايات المتحدة أنها مستعدة لتحدي توجيهات واشنطن وستحافظ على سياسة مستقلة في الشرق الأوسط، لا سيما بعد أن تعززت يد إسرائيل نتيجة لاتفاقات إبراهيم التي وفرت لتل أبيب مجموعة جديدة من الشركاء المحتملين في المنطقة.

لا شك أن جهود إسرائيل لتخريب اتفاق نووي مستقبلي تستمر في استفزاز النهج الإيراني المتمثل في الحفاظ على سياسة "الصبر الاستراتيجي"، ففي العامين الماضيين عانت إيران من سلسلة من الانتكاسات، بما في ذلك مقتل شخصيات بارزة مثل قاسم سليماني ومحسن فخري زاده، ومع ذلك، فقد امتنعت إيران عن أي رد فعل انتقامي، وبالرغم من أن هجوم نطنز هو انتكاسة جديدة، فإن طهران مستمرة في المضي في المفاوضات على أمل العودة إلى الاتفاق.
من ناحية أخرى، تخشى إسرائيل من احتمال العزلة التي بدأت تتسلل بالفعل، إذ إن استفزاز إيران المستمر لإثبات أن القوة الصارمة هي الرادع الوحيد أمام طموحاتها النووية شوه موقف إسرائيل، فوجدت نفسها في مستنقع جيوسياسي من صنعها، وفي حال أصبح الاتفاق النووي حقيقة واقعة في الأسابيع المقبلة، فستكون إسرائيل هي الطرف الغريب، بالتالي خوفاً من العزلة سيكون أسلوب عمل إسرائيل هو عرقلة المفاوضات عند كل منعطف. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10