الطفيل بين الطين والمخدرات: الهوية ضائعة

خاص آسيا – عبير محمود

2021.04.30 - 07:00
Facebook Share
طباعة

 
 
"يذكروننا في حملات الانتخابات وملاحقة مروجي المخدات"، يختصر أهالي بلدة الطفيل معاناتهم بتناسي الدولة اللبنانية لوجودهم على الخارطة لولا هذا الأمرين "التصويت والتهريب"، بحسب ما ذكروا، معتبرين أن "الخروج عن القانون" يكون تهمة لمن يحميه القانون وينظر في حاله على عكس واقعهم المنسي من جميع الجهات في بلدهم.
 
الطين الأعلى
القرية البعلبكية الواقعة على ارتفاع 1720 متراً عن سطح البحر كأعلى موقع لبناني مأهول بالسكان، شاءت الجغرافيا أن تكون متداخلة بين الأراضي اللبنانية والسورية بعمق نحو 24 كيلومتراً، جميع الخدمات فيها سوريّة من الكهرباء إلى المياه والتعليم، وما يربطها بلبنان.. الهوية فقط، إذ تُحسب الاتصالات الهاتفية من الطفيل إلى بعلبك بأجور مكالمة دولية.
 
لا يتجاوز سكان البلدة الأصليين 5 آلاف نسمة، اضطر 80 % منهم للهجرة منها باتجاه بيروت ودمشق، بسبب الظروف المعيشية والخدمية المعدومة فيها، الطرقات ترابية وتنتظر منذ عام 1950 شق طرقات رئيسية تربطهم بالداخل اللبناني، ورغم تعاقب عشرات وزراء الأشغال العامة والوعود الكثيرة إلا أن الطرق لا تزال ترابية في معظمها. 
 
في الشتاء تُحاصر القرية الجبلية بالثلوج وتنعدم فيها الحركة وتنقطع عنها جميع الطرق كونها ترابية طينية وتعتمد على الجرارات الزراعية لتأمين ما يلزم للعائلات القاطنة فيها، لتشكل حصاراً خانقاً يتكرر كل عام ويزيد الضيق على كل من فيها.
 
 
أين القانون؟
يبرر أبناء من القرية انخراطهم مع مجموعات سوريّة لبنانية تعمل في التهريب، بأنه السبيل للعيش، في حين أن معظم السكان يعتمدون على الزراعة والإنتاج المحلي الذي يبيعونه في المناطق السورية المحاذية لهم كعسال الورد والقلمون.
 
وتشكل طفيل معبراً غير شرعي لعصابات تهريب البشر والسلاح وترويج المخدرات بين الجانبين السوري واللبناني، بدءاً من جرود القلمون الغربي حتى سهل البقاع، ليبدأ الطريق الأشهر للتهريب من رأس الحرف في البقاع إلى الجوزة في الجرود الحدودية حتى عسال الورد السورية.
 
في الحرب السورية
انخرطت طفيل بالحرب السورية منذ اندلاعها عام 2011 ، لتشكل محطة ومعبراً مزدوجاً للمجموعات المسلحة التي كانت تتنقل بين رنكوس السورية وجبال القلمون والقصير ويبرود حينما اشتدت المعارك في السنة الخامسة للحرب السورية.
 
وأشارت مصادر إلى انخراط عدد من أبناء البلدة في مجموعات إرهابية ساهمت في دخول عدد من السيارات المفخخة إلى الداخل اللبناني، واعتبرت منطقة استراتيجية لفصائل مسلحة نظراً لعدم وجود قوات عسكرية نظامية فيها، ساهمت بتشكل بؤر حدودية لتنظيمات داعش والنصرة ما أدى لاندلاع معارك عنيفة في القلمون بين الجيش السوري وحلفائه من جهة والتنظيمات المسلحة من جهة أخرى وذلك في خريف عام 2013.
 
الفلتان الحدودي حينها في طفيل وجرود عرسال عموماً، أسفر عام 2014  عن أسر تنظيم داعش لـ11 عسكرياً لبنانياً، ليتدخل الجيش اللبناني في معركة أطلق عليها "فجرالجرود"، تمكن خلالها وبظرف تسعة أيام، الجانب اللبناني من تحرير جرود عرسال من داعش والجيش السوري وحلفائه جرود القلمون من التنظيمات الإرهابية الأخرى، وذلك بعمليات عسكرية كبرى أدت لفرض السيطرة على المناطق الحدودية وقطع اوصال السلسلة الشرقية على المنطقة الممتدة من الطفيل إلى حدود عرسال حتى رنكوس وكامل القلمون.
 
 
بسط السلطة في طفيل؟
بذلت ولا تزال مخابرات الجيش اللبناني من بسط سيطرتها كقوة شرعية في طفيل، عبر ملاحقة الخارجين عن القانون وجميع العصابات التي تقوم بعمليات تهريب السلاح والمخدرات وغيرها عبر لبنان إلى الدول الأخرى أهمها سورية والخليج العربي وصولاً على أوروبا.
 
وخلال الفترة الماضية نفذت الأجهزة الأمنية 11 عملية ملاحقة لمصنعي وتجار المخدرات في طفيل، ونجحت في تفكيك عدد من معامل إنتاج الحبوب المخدرة فيها.
 
وفي مطلع الشهر الجاري، تمكنت قوات المخابرات من القبض على أخطر المطلوبين في ملف المخدرات المدعو حسن دقو، وذلك في عملية دهم محكمة في شقة له في منطقة الرملة البيضاء بقلب بيروت، بتهمة التورط في شحنة الكبتاغون العملاقة التي تم نقلها إلى ماليزيا عبر أوراق مزورة لتحويلها فيما بعد إلى السعودية.
 
من هو حسن دقو؟
ظهر حسن دقو "السوري الأصل - لبناني الجنسية"، صيف العام الماضي بشكل مفاجئ في قرية طفيل بشرائه 27 عقاراً (600 سهم من أصل 2400 سهم، ليبقى 1800 سهم مرهوناً لصالح مصرف لبنان بعد إفلاس البنك الذي كان مالكاً لها.
 
بدأ يظهر نشاط دقو، في لبنان على أنه تاجر عقارات وسيارات ومخدرات ويتعامل مع جهات لبنانية وسوريّة عدة، ما جعله يتمتع بنفوذ غير مسبوق أدى لإطلاق سراحه من السجون اللبنانية بعد توقيفه بجرم الخطف نهاية العام الماضي وتم إخلاء سبيله  بتدخل شخصيات لبنانية نافذة بملف بشكل شخصي.
 
كش ملك
"ملك الكبتاغون"، لم يفلت هذه المرة من قبضة مخابرات الجيش اللبناني، ليقع في كمين الرملة البيضاء، ويسقط عن "عرشه"، خاصة مع أنباء عن تخلي الجهات التي تدعمه عن حمايته مع وصول معلومات عن تورطه بشحنة "الرمان الملغوم" بالكبتاغون المرسلة من لبنان وتم ضبطها في السعودية.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 8