إيطاليا وطريق العودة إلى ليبيا.. هل تكون صمام الأمان؟

إعداد - رؤى خضور

2021.04.17 - 08:20
Facebook Share
طباعة

 اختار رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي أن تكون أول زيارة رسمية له منذ توليه منصبه من نصيب ليبيا، والتي التقى فيها بنظيره الليبي عبد الحميد دبيبة في 6 نيسان/أبريل، والأهم من ذلك، أن الزيارة جاءت في وقت تدخل فيه ليبيا مرحلة سياسية انتقالية جديدة، حيث أدى اتفاق وقف إطلاق النار الأخير الموقّع في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020 من قبل الفصيلين الرئيسَين، (حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها والمدعومة من الأمم المتحدة، والجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر ومقره بنغازي)، إلى انتخاب حكومة موحدة.


يبدو أنها خطوة جدية لإعادة بناء صداقة قديمة، وإعادة التعاون الاقتصادي والسياسي طويل الأمد الذي تشترك فيه إيطاليا وليبيا على مر السنين، وبغض النظر عما هو معلن، فمن المرجح أن يتجاوز التعاون بين البلدين ما قاله المسؤولان، حيث يعتقد كثيرون أن إيطاليا ستأخذ زمام المبادرة في إعادة بناء مطار طرابلس، وهو المشروع الذي تم تكليفه لشركة البناء الإيطالية إينيس قبل ثلاثة أعوام، ويشاع أيضاً أن إيطاليا ستتولى بناء طريق سريع على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​الليبي، والذي سيربط تونس بمصر عبر ليبيا.


لا شك أن زيارة دراجي إلى ليبيا هي خطوة كبيرة لتجديد دور إيطاليا في ليبيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، خطوة لا ينبغي إغفالها، وربما تمهد الطريق لتصبح إيطاليا جهة فاعلة مهمة في إدارة الأزمات والتحديات في المنطقة، ففي اجتماع بين وزير الخارجية الايطالي لويجي دي مايو مع دبيبة في 21 آذار/مارس، تحدث دي مايو عن "المصالح الجيوستراتيجية المهمة" التي يشترك فيها البلدان، وسلط الضوء على نية إيطاليا للمساعدة في تحقيق استقرار ليبيا.


الجدير بالذكر، أن دي مايو كان أول وزير من الاتحاد الأوروبي يزور رئيس الوزراء الليبي المنتخب حديثاً، وكانت زيارته إشارة قوية بالفعل على أن إيطاليا مستعدة لأن تصبح شريكاً استراتيجياً في المنطقة، وهو ما أكدته بعد ذلك زيارة دراجي.


لماذا ليبيا؟

إيطاليا لديها أسباباً عديدة لتكون شريكاً حيوياً لليبيا، إذ تجمع البلدين علاقات تاريخية تعود إلى العام 1911، عندما احتلت إيطاليا لأول مرة طرابلس وبرقة، وعلى مدى عقود شهدت العلاقات الإيطالية الليبية وتيرة متذبذبة، لتأتي معاهدة بنغازي عام 2008 بين رئيس الوزراء آنذاك سيلفيو برلسكوني والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وهي الاتفاقية التي وضعت إيطاليا كشريك قوي و"ذي مصداقية" لليبيا، فضلاً عن أن إيطاليا اليوم هي الوحيدة التي حافظت على وجود قوي على الأرض حتى قبل الإطاحة بالقذافي، وبشكل خاص في الأعوام القليلة الماضية خلال اشتداد الحرب الأهلية، إذ لم تغلق إيطاليا أبداً سفارتها في طرابلس، في حين أن عديداً من الدول الأخرى، بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة، فعلت ذلك. 


علاوة على ذلك، تتمتع إيطاليا الآن بمصداقية أقوى بفضل تعيين دراجي رئيساً جديداً لوزراء إيطاليا، صاحب السجل الحافل كسياسي جدير بالثقة استناداً إلى حياته المهنية الطويلة والناجحة في أفضل المؤسسات الدولية في أوروبا، وعلى الأخص كرئيس للبنك المركزي الأوروبي بين عامي 2011 و 2019، هذه المصداقية تضع إيطاليا في موقع استراتيجي في أوروبا لتصبح نقطة مرجعية للولايات المتحدة عند التعامل مع ليبيا ودول أخرى في البحر المتوسط، خصوصاً في الوقت الذي تتنحى فيه الألمانية أنجيلا ميركل وينشغل الفرنسي إيمانويل ماكرون بحملة انتخابية مهمة، فإن إيطاليا هي الأنسب لتولي زمام المبادرة في تعزيز التعاون عبر الأطلسي في البحر الأبيض المتوسط.


أخيراً لايمكن أن نغفل دور الوسيط الذي قد تلعبه إيطاليا، وهي استراتيجية تحرص واشنطن عليها دوماً، خصوصاً بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكين عند لقاء نظيره الإيطالي في 13 نيسان/أبريل، وفي حال كانت إيطاليا ستضع نفسها استراتيجياً كوسيط لحلفائها، فقد تصبح أخيراً لاعباً رئيساً وتساعد في استعادة الاستقرار والأمن في ليبيا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6