تفاقمت مأساة الحرب الأهلية في السودان مع انتشار مقطع مصوّر يوثّق اعتداء عناصر قوات الدعم السريع على موظفين ومتطوعين من الهلال الأحمر السوداني في إقليم دارفور، في أحدث حلقات الانتهاكات التي تطال العاملين في المجال الإنساني.
ويُظهر الفيديو، الذي تم تداوله على نطاق واسع عبر منصّات التواصل الاجتماعي، أحد عناصر الدعم السريع وهو يحمل عصا ويقوم بضرب متطوعي الهلال الأحمر، في مشهد أثار صدمة واستنكارا واسعين في الأوساط المحلية والدولية.
ضحايا يرتدون سترات الحماية
أكد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر مقتل خمسة متطوعين أثناء تأدية مهامهم الإنسانية في مدينة بارا بولاية شمال كردفان، بينما لا يزال ثلاثة آخرون مفقودين حتى الآن.
وأوضح الاتحاد في بيان رسمي أن الضحايا كانوا يرتدون سترات الهلال الأحمر ويحملون بطاقات هوية رسمية، وهو ما يُفترض أن يوفر لهم الحماية بموجب القانون الدولي الإنساني.
وحذّر الاتحاد من أن "أي اعتداء يستهدف الفرق الإنسانية يعد أمرا مرفوضا تماما"، داعيا جميع أطراف النزاع إلى احترام حياد العاملين في المجال الإنساني وضمان سلامتهم أثناء أداء واجبهم.
بارا.. مدينة تحت النار
تُعدّ بارا مدينة استراتيجية تقع عند تقاطع طرق رئيسي يربط الخرطوم بإقليم دارفور، وتشكّل موقعًا محورياً في السيطرة على طرق الإمداد بين الغرب والعاصمة.
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت السيطرة مجددًا على المدينة قبل أيام، ما فاقم من حدّة الاشتباكات ورفع مستوى المخاوف الإنسانية، خاصة مع ورود تقارير عن عمليات قتل ونهب واستهداف للمرافق المدنية والطبية.
وتشهد ولاية كردفان الغنية بالنفط تصاعدًا في المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ مطلع الشهر الجاري، وسط انهيار شبه تام للخدمات الأساسية ونزوح آلاف المدنيين نحو مناطق أكثر أمانًا.
تحذيرات دولية من تصاعد الانتهاكات
تأتي هذه الحادثة في سياق أوسع من الانتهاكات الموثقة ضد العاملين الإنسانيين في السودان منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الهجمات ضد فرق الإغاثة تصاعدت بشكل مقلق، ما دفع العديد من المنظمات إلى تعليق عملياتها في ولايات دارفور وكردفان، بسبب انعدام الأمن واستهداف موظفيها.
ويخشى مراقبون من أن استمرار الإفلات من العقاب سيؤدي إلى تصعيد أوسع ضد المؤسسات الإنسانية، في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
يشهد السودان منذ أكثر من عامين صراعا داميا بين الجيش النظامي بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد ملايين المدنيين داخليًا وخارج البلاد.
ويحذر محللون من أن تكرار الهجمات على المنظمات الإنسانية قد يعجّل بانهيار الجهود الدولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح في مناطق النزاع، خاصة في دارفور وكردفان اللتين باتتا مسرحًا مفتوحًا للانتهاكات.