مجزرة الفاشر تهز السودان.. نساء وأطفال ضحايا القتل والاغتصاب الجماعي

2025.10.30 - 10:13
Facebook Share
طباعة

مشهد يعيد إلى الأذهان أهوال دارفور في مطلع الألفية، شهدت مدينة الفاشر خلال الأيام الماضية واحدة من أعنف موجات العنف منذ اندلاع الصراع في السودان، حيث قُتل ما يقارب 2000 مدني خلال يومين فقط، وفقاً لتقارير ميدانية وشهادات أطباء ومنظمات إنسانية، وسط تعتيم إعلامي وحصار خانق فرضته قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على المدينة.

حصار دام 18 شهراً ينتهي بمجزرة

سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، جاءت بعد حصار استمر 18 شهراً، أعقبه انهيار أمني كامل داخل المدينة.
المتحدث باسم نقابة أطباء السودان وصف الوضع لـ"العربية والحدث" بأنه "كارثي"، مؤكداً أن عدد الضحايا يتجاوز بكثير ما تم الإعلان عنه، في ظل فوضى شاملة وقيام عناصر الدعم السريع بـسرقة هواتف المواطنين ومنع توثيق الجرائم.

نزوح جماعي وجرائم ضد المدنيين

وفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر، نزح نحو 250 ألف شخص من الفاشر باتجاه مدينة طويلة خلال الأسابيع الأخيرة، وسط انعدام الأمن والمساعدات الإنسانية.
مفوضة العون الإنساني في دارفور، منى نور الدائم، أكدت أن النازحين تعرضوا للقتل والخطف والاغتصاب، فيما تم احتجاز نساء وأطفال كرهائن.
أما ممثل منظمة "يونيسف" في السودان، شيلدون يت، فقال إن المدينة تشهد "انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي" تشمل قتل الأطفال والعاملين في القطاع الصحي والإنساني.

أقمار صناعية تكشف أدلة على تطهير عرقي

تقرير صادر عن مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل الأميركية كشف عن أدلة قاطعة على وقوع عمليات قتل جماعي عقب سيطرة الدعم السريع على المدينة.
وأظهرت الصور الفضائية بقعاً حمراء وأجساماً بطول يتراوح بين متر ومترين قرب السواتر الترابية التي شيدتها القوات أثناء الحصار، ما يشير – بحسب التحليل – إلى وجود جثث بشرية وبرك دماء.
التقرير خلص إلى أن ما حدث في الفاشر قد يرقى إلى جرائم تطهير عرقي، مؤكداً أن العمليات جرت بتخطيط عسكري منظم وبمشاركة وحدات ميدانية تابعة للدعم السريع.

مستشفى التوليد.. شاهد على المأساة

منظمة الصحة العالمية أعربت عن "صدمتها الشديدة" إزاء مقتل أكثر من 460 مريضاً ومرافقاً داخل المستشفى السعودي للتوليد، الذي يُعد آخر المرافق الطبية العاملة جزئياً في المدينة.
وأكدت المنظمة أن الطواقم الطبية تتعرض لعمليات خطف واستهداف مباشر، مما يجعل تقديم الخدمات الصحية شبه مستحيل في الفاشر والمناطق المحيطة.

دعوات دولية وتحذيرات من كارثة إنسانية

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا إلى "وقف فوري للتصعيد العسكري"، محذراً من انهيار الوضع الإنساني في دارفور بالكامل.
كما أدان مجلس السلم والأمن الأفريقي "الأنشطة الإجرامية والانتهاكات الجسيمة" ضد المدنيين، داعياً قوات الدعم السريع إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وفتح الممرات الإنسانية العاجلة.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها تعمل بالتنسيق مع شركائها في "المجموعة الرباعية" لتأمين هدنة إنسانية ودفع المسار نحو حكم مدني في السودان.

عزلة تامة وتحكم رقمي للدعم السريع

تعيش الفاشر اليوم عزلة شبه كاملة، مع انقطاع الاتصالات والإنترنت باستثناء شبكة "ستارلينك" التي تديرها قوات الدعم السريع، ما يجعل الوصول إلى المعلومات المستقلة شبه مستحيل.
وبحسب الأمم المتحدة، فقد نزح أكثر من 36 ألف شخص خلال الأسبوع الأخير فقط، معظمهم إلى مدينة طويلة التي أصبحت أكبر مخيم للنازحين في البلاد وتضم أكثر من 650 ألف شخص.

 

تدل مجريات الأحداث في الفاشر على تحول نوعي في مسار الصراع السوداني، إذ لم تعد المواجهة بين قوتين عسكريتين فحسب، بل باتت معركة بقاء للسكان المدنيين في دارفور.
ويُظهر الصمت الدولي إزاء حجم الجرائم أن السودان يتجه نحو مرحلة جديدة من التقسيم والعنف العابر للحدود، ما لم يتم التحرك فوراً لوقف النزيف الإنساني ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 2