الكنيست يرصد المليارات لترميم ما دمّرته صواريخ حزب الله

2025.10.28 - 09:33
Facebook Share
طباعة

بعد عامين على المواجهة التي هزّت كيان الاحتلال على حدوده الشمالية، ما تزال إسرائيل تبحث عن وسيلة لإخفاء فشلها العسكري والسياسي أمام مقاومة حزب الله. وبينما لم تنجح في إعادة الأمن ولا في عودة المستوطنين، قرّر الكنيست الإسرائيلي رصد 1.2 مليار شيكل (نحو 308 ملايين دولار) في محاولة يائسة لإنعاش ما تبقى من مستوطنات الشمال المنكوبة.

القرار الذي جاء بعد تأجيلات متكرّرة، يعكس حجم التخبط الداخلي في مؤسسات الاحتلال التي لم تتمكن من معالجة آثار الحرب، ولا من استعادة ثقة المستوطنين الذين هجّرهم الرعب من صواريخ المقاومة منذ خريف 2023.

 


أموال لشراء الصمت لا لإعادة الإعمار

وافقت لجنة المالية في الكنيست فجر الثلاثاء على تخصيص المبلغ ضمن ما سمّي ببرامج "إعادة التأهيل والتعافي الاقتصادي"، والتي تستهدف البلدات الواقعة حتى كيلومترين من الحدود اللبنانية، حيث فرّ معظم السكان مع تصاعد القصف. كما سيُوجَّه جزء من التمويل إلى مشاريع تجارية وبلدية داخل نطاق تسعة كيلومترات من الحدود، وهي مناطق تحوّلت منذ الحرب إلى أشباح مستوطنات بعدما شُلّت الحياة فيها تماماً.

تأتي الخطوة في إطار تنفيذ قرارين حكوميين صدرا في يوليو الماضي، لكن التنفيذ تعطّل بسبب خلافات داخل الوزارات الإسرائيلية، ما أدى إلى تجميد مليارات الشواكل من خطة أوسع قيمتها 15 مليار شيكل أُقرت في أكتوبر 2024 لإعادة تأهيل الشمال خلال خمس سنوات.

وبحسب مسؤولين محليين، لم تصل أغلب المخصصات إلى المستوطنات رغم الوعود المتكررة، وهو ما دفع بعضهم إلى توجيه انتقادات لاذعة للحكومة بسبب العجز المالي والتخبط الإداري.
قال تساخي حِن، نائب رئيس المجلس الإقليمي معاليه يوسف:"لقد التزمنا بدفع ملايين الشواكل للمقاولين، ونحن نواجه ضغطاً مالياً كبيراً. يجب أن تصل الأموال فوراً".

 

لكن رئيس لجنة المالية في الكنيست، حنوك ميلفيدسكي، سارع إلى تبرئة اللجنة من المسؤولية، مؤكداً أن التأخير سببه "متطلبات قانونية"، في وقت يرى فيه مراقبون أن السبب الحقيقي هو انقسام الحكومة الإسرائيلية وضعفها السياسي.

 


شمال منهار… وكيان مضطرب

تعكس الأزمة الحالية هشاشة الداخل الإسرائيلي، حيث يعيش نحو 60 ألف مستوطن نازح في مساكن مؤقتة منذ عامين دون أي أفق للعودة. بلدات مثل كريات شمونة والمطلة ومرغليوت تحوّلت إلى مناطق شبه خالية، تغيب عنها الحركة الاقتصادية وتنتشر فيها البطالة والخوف.

الشارع الإسرائيلي، خاصة في الشمال، يرى أن حكومته تخلّت عنه لصالح جبهات أخرى، خصوصاً الجنوب وغزة التي حظيت بدعم أكبر. فيما تحاول حكومة نتنياهو شراء الوقت بالأموال لتهدئة الغضب الشعبي وتجنّب انفجار أزمة داخلية جديدة.

 


رسالة حزب الله ما زالت حاضرة

رغم مرور عامين على الحرب، لا يزال الشمال الإسرائيلي يعيش في ظل صواريخ المقاومة اللبنانية التي غيّرت معادلة الردع وأثبتت فشل منظومات الاحتلال الدفاعية. ورغم توقّف القتال المباشر في أواخر 2024، فإن الحدود بقيت مغلقة، والمستوطنون يرفضون العودة إلى منازلهم التي تحولت إلى أنقاض أو مناطق عسكرية.

ويرى محللون أن رصد 1.2 مليار شيكل لن يغيّر شيئاً في واقع الاحتلال، لأن الخلل ليس اقتصادياً بل استراتيجياً. فإسرائيل التي فشلت في فرض الأمن على حدودها الشمالية، تواجه اليوم أزمة ثقة داخلية وانكشافاً عسكرياً أمام مقاومة لا تزال تحتفظ بمفاجآتها.


كيان يعيد تدوير هزيمته

ما يجري في شمال فلسطين المحتلة ليس "إعادة إعمار"، بل إعادة تدوير لهزيمة مدوّية.
المليارات التي يرصدها الكنيست ليست سوى محاولة لتجميل فشلٍ عسكريٍ وسياسيٍ عجز عن تأمين المستوطنين أو حمايتهم من هجمات حزب الله.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه تل أبيب عن "خطط التعافي"، فإنها في الواقع تتجرّع مرارة الردع الجديد الذي فرضته المقاومة اللبنانية، والتي باتت تملك الكلمة العليا في معادلة الحدود الشمالية.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1