في لبنان، أصبحت الحياة اليومية للمواطنين مليئة بالتحديات نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، كثير من الأسر تتبع ما بات يعرف بسياسة البدائل، حيث تضطر إلى استبدال المنتجات التي اعتادت شرائها بسلع أرخص لتتناسب مع إمكانياتها المالية المحدودة.
هذا التوجه أصبح أمراً واقعياً يعكس مدى ضغوط التضخم المستمر على القدرة الشرائية للأفراد والعائلات.
التضخم وانخفاض القدرة الشرائية:
تشير المؤشرات الاقتصادية إلى أن أسعار الغذاء ارتفعت بنسبة تجاوزت عشرين في المائة خلال الأشهر الماضية، في حين تراجعت الأجور إلى أقل من نصف قيمتها السابقة، هذه المعادلة أدت إلى زيادة العبء على الأسر اللبنانية، خاصة في ظل استقرار سعر الصرف للدولار الأميركي، ما يعني أن الغلاء الحالي مرتبط بعوامل هيكلية في السوق وعدم كفاءة آليات التسعير والرقابة.
تحولات في المائدة اليومية:
أدى التضخم المستمر إلى تغييرات واضحة في عادات الاستهلاك الغذائي، حيث باتت المائدة اللبنانية تفتقر للتنوع وتعتمد على الحد الأدنى من العناصر الأساسية، ارتفاع أسعار اللحوم والدجاج والبيض والخضروات المستوردة دفع الكثير من الأسر إلى البحث عن بدائل محلية أو أرخص سعراً لتقليل النفقات اليومية.
المخاطر الصحية والاجتماعية:
يؤدي ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية إلى تفاقم مشاكل التغذية، خصوصاً بين الفئات الأكثر فقراً. هذا الوضع يهدد مناعة الأطفال والبالغين على حد سواء، ويزيد من احتمالات الإصابة بأمراض سوء التغذية. كما أن الفقر المتزايد ينعكس على الجوانب الاجتماعية، حيث يرفع معدلات الجرائم الصغيرة مثل السرقة والنشل نتيجة الضغط الاقتصادي على الأسر.
الحلول المتاحة لمواجهة الأزمة تتطلب تعديل الأجور لتواكب معدلات التضخم، وتحسين الرقابة على الأسعار، ودعم الإنتاج المحلي لتوفير سلع بأسعار معقولة، إذا استمر الوضع الحالي دون تدخل فعّال، فإن لبنان سيكون أمام مرحلة خطرة تتسم بتدهور مستوى المعيشة وزيادة الاحتقان الاجتماعي، مما يضع الأمن والاستقرار في البلاد تحت تهديد حقيقي.