لماذا تخشى إسرائيل إطلاق مروان البرغوثي؟
في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدرسيان أن صفقة تبادل الأسرى لن تشمل القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي، في خطوة تُظهر تمسّك تل أبيب بإبقاء أبرز رموز المقاومة الفلسطينية خلف القضبان.
ورغم أن الصفقة، التي تتم بوساطة مصرية وقطرية وبتنسيق مع واشنطن، تتضمن إطلاق سراح نحو ألفي أسير فلسطيني مقابل الإفراج عن محتجزين إسرائيليين، تصر إسرائيل على استبعاد البرغوثي، الذي تعتبره “رمزاً خطيراً على الأمن الإسرائيلي” نظراً لشعبيته الواسعة داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها.
مطالب حماس ودلالات الموقف الإسرائيلي:
حركة حماس طالبت بإدراج البرغوثي ضمن قائمة المفرج عنهم في المرحلة الأولى من الاتفاق، معتبرة أن وجوده الحر يشكل “رسالة سياسية قبل أن يكون مطلباً إنسانياً”.
لكن استثناءه يعكس حسابات إسرائيلية أعمق تتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية نفسها، إذ يُنظر إلى البرغوثي داخل حركة فتح كأبرز من يمكن أن يخلف الرئيس محمود عباس، وهو ما يثير مخاوف من أن عودته قد تُعيد خلط الأوراق في الضفة الغربية وتفتح الباب أمام قيادة جديدة أكثر قرباً من نبض الشارع الفلسطيني.
البرغوثي... الرمز الذي يخيف إسرائيل:
البرغوثي، الذي اعتُقل عام 2002 خلال الانتفاضة الثانية، يقضي خمسة أحكام بالسجن المؤبد بتهمة قيادة عمليات مسلحة ضد الاحتلال. ومع مرور أكثر من عقدين على اعتقاله، تحوّل إلى رمز وطني يتجاوز حدود حركة فتح نفسها، ويُنظر إليه كصوت وحدوي قادر على جمع أطراف المشهد الفلسطيني المنقسم.
وفي ظل تراجع شعبية القيادة الحالية، فإن بقاء البرغوثي في السجن يبدو – بحسب مراقبين – خياراً إسرائيلياً متعمداً للحفاظ على الانقسام الداخلي الفلسطيني وإبقاء التوازن السياسي قائماً على ضعف متبادل بين غزة ورام الله.
صفقة ناقصة؟
يرى محللون أن استبعاد البرغوثي قد يضعف قبول الصفقة لدى الشارع الفلسطيني الذي يرى فيها تنازلاً إنسانيًا دون مكسب سياسي، بينما تراهن إسرائيل على تمرير الاتفاق بأقل قدر من التنازلات الرمزية.
ومع اقتراب تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب، يبدو أن مسألة البرغوثي ستظل ورقة مؤجلة في أي تسوية قادمة، إذ لا سلام حقيقي – كما يقول أنصاره – دون حرية من قادوا نضال الشعب الفلسطيني لعقود.
