في وقتٍ كانت فيه الأضواء لا تزال مسلطة على شرم الشيخ بوصفها مسرحاً لـ"اللحظة التاريخية" التي بشّر بها الوسطاء، اتهمت حركة "حماس" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمحاولة إفشال اتفاق وقف إطلاق النار قبل بدء تطبيقه، عبر ما وصفته بـ"تلاعب متعمد" في قوائم الأسرى المتفق عليها مسبقاً ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق الذي رعته مصر وقطر والولايات المتحدة.
وقال القيادي في الحركة محمود مرداوي إن نتنياهو "يحاول تفجير الاتفاق من الداخل"، من خلال التراجع عن الأسماء الواردة في قوائم الإفراج، مضيفاً أن هذه الخطوة تكشف نواياه الحقيقية تجاه الملفات الجوهرية للاتفاق، وعلى رأسها الانسحاب من القطاع، وإعادة الإعمار، وفتح المعابر في الاتجاهين.
وأكد مرداوي أن هذا التراجع يعكس "غياب الجدية السياسية لدى حكومة الاحتلال"، وأن محاولات الالتفاف على الالتزامات من شأنها تهديد فرص تثبيت التهدئة، وربما إعادة المشهد الميداني إلى حالة الاشتعال التي شهدها القطاع على مدى العامين الماضيين.
وفي موازاة ذلك، شدد المتحدث باسم "حماس" حازم قاسم على أن الاتفاق بالنسبة للحركة يمثل "نهاية للحرب المسعورة على شعبنا"، مشيراً إلى أن على الدول الضامنة والوسطاء "التحرك بحزم لضمان التزام إسرائيل بالجداول الزمنية المتفق عليها".
وأضاف قاسم أن "تسليم الأسرى – أحياءً وأمواتاً – سيتم وفق المرحلة الأولى من الاتفاق، وإذا سمحت الظروف الميدانية يمكن تسليم الجميع دفعة واحدة"، موضحاً أن حماس أطلعت الوسطاء على الصعوبات اللوجستية المرتبطة بتسليم جثث الأسرى في ظل القيود المفروضة على التنقل داخل القطاع.
يأتي هذا التصعيد الكلامي بعد أقل من 24 ساعة على تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي وصف فيها اتفاق شرم الشيخ بأنه "انتصار لإرادة السلام على منطق الحرب"، في حين أكد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، راعي المبادرة، أن "تنفيذ المرحلة الأولى من خطة السلام في غزة يمثل بداية جديدة للمنطقة".
غير أن المؤشرات القادمة من تل أبيب وغزة توحي بأن الطريق أمام تثبيت هذا الاتفاق لن تكون مفروشة بالنوايا الطيبة. وبينما تتحدث الأطراف عن "هدنة تاريخية"، تتكثف خلف الكواليس حسابات سياسية معقدة قد تعيد ترتيب موازين القوى داخل إسرائيل وغزة على حد سواء.
يُذكر أن المرحلة الأولى من الاتفاق، الذي أُعلن عنه في شرم الشيخ، تنص على وقف كامل لإطلاق النار، وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية داخل القطاع، مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وإفراج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين. كما تتضمن بنوداً تمهيدية لإعادة الإعمار وفتح المعابر، تمهيداً لإطلاق مفاوضات أوسع حول الوضع النهائي لغزة بإشراف أمريكي – مصري – قطري.