في مشهدٍ رمزيٍّ لافتٍ حمل دلالات سياسية وإنسانية عميقة، تداولت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة أظهرت طائرات مصرية ترسم في سماء شرم الشيخ علمَي مصر وفلسطين معاً، بالتزامن مع انعقاد المفاوضات النهائية بين الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
المشهد الذي أثار تفاعلاً واسعاً على المنصات، جاء – بحسب مراقبين – تعبيراً عن الدور المصري المحوري في إنجاح المفاوضات التي أنهت عامين من الحرب، ورسالة رمزية لتأكيد الالتزام المصري التاريخي بالقضية الفلسطينية ودعمها المستمر لاستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
السيسي: لحظة تاريخية تُجسد إرادة السلام
بالتوازي مع هذا المشهد، علّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الاتفاق بين إسرائيل و"حماس"، واصفاً ما جرى بأنه "لحظة تاريخية تُجسّد انتصار إرادة السلام على منطق الحرب"، مشيراً إلى أن التوصل إلى الاتفاق في مدينة شرم الشيخ – أرض السلام – يجسّد انتصار الدبلوماسية المصرية والعربية على منطق القوة.
وقال السيسي في كلمته:"من شرم الشيخ، مهد الحوار والتقارب، شهد العالم لحظةً تاريخية بعد عامين من المعاناة الإنسانية في غزة. هذا الاتفاق لا يطوي صفحة الحرب فحسب، بل يفتح باب الأمل لشعوب المنطقة في غدٍ تسوده العدالة والأمن والاستقرار."
وأضاف الرئيس أن الاتفاق تم برعاية مشتركة بين مصر وقطر والولايات المتحدة، في إطار خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي أعيد إحياؤها بصيغة جديدة تتضمن مراحل تنفيذ متدرجة تبدأ بإطلاق الأسرى ووقف العمليات العسكرية.
تفاصيل المرحلة الأولى من الاتفاق
ووفقاً لما أُعلن، تشمل المرحلة الأولى من اتفاق غزة إطلاق "حماس" لجميع الرهائن الإسرائيليين، مقابل إفراج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين، من بينهم سجناء محكومون بالمؤبد، إلى جانب انسحاب الجيش الإسرائيلي من داخل المدن الكبرى في القطاع.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيدعو حكومته إلى اجتماع طارئ للمصادقة على الاتفاق، مشيراً إلى أن الخطوة المقبلة "ستحدّد مستقبل العلاقة بين الجانبين ومصير التسوية الشاملة".
رمزية الطائرات في سماء سيناء
أما على الصعيد الشعبي والإعلامي، فقد اعتُبر رفع العلم الفلسطيني إلى جانب العلم المصري فوق سماء سيناء "رسالة سلام وعروبة"، وتأكيداً على أن القضية الفلسطينية ستظل جزءاً من وجدان المصريين مهما تبدلت الظروف السياسية.
وتداول ناشطون ووسائل إعلام عربية المقطع المصوّر على نطاق واسع، مصحوباً بتعليقات أبرزها: "من سماء سيناء.. رسالة مصر إلى العالم: فلسطين ليست وحدها."
بين رمزية المشهد في السماء وواقعية المفاوضات على الأرض، تبدو شرم الشيخ هذه الأيام مركزاً لتاريخ جديد يتشكّل بين الحرب والسلام.
ومع كل طائرة ترسم علم فلسطين في الأفق، تكتب مصر فصلاً جديداً من دبلوماسيتها الهادئة التي ما زالت تؤمن أن السلام العادل هو الطريق الوحيد لإنهاء المأساة الممتدة في غزة.