في خطوة تُعدّ تحوّلًا مهمًا بعد عامين من الحرب المدمّرة على غزة، أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية صباح الخميس مباركتها لاتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدةً أنه يأتي تتويجًا لصمود الشعب الفلسطيني وثباته في وجه العدوان الإسرائيلي والحصار الطويل.
وقالت الفصائل في بيانٍ مشترك:
"نبارك ما تم التوصل إليه من اتفاق لوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ونؤكد أن أولوياتنا كانت، وعلى مدار عامين من الإبادة الصهيونية، التوصل إلى اتفاق فوري وشامل للحرب، ورفع الحصار، وإدخال المساعدات، وإعادة الإعمار، وإتمام صفقة تبادل للأسرى."
وأشارت إلى أن الاتفاق تم بوساطة وجهود مصرية وقطرية وتركية، واعتبرته "نتاجًا طبيعيًا لصمود شعبنا ومقاومته، وروح المسؤولية والمرونة العالية التي قدّمها الوفد الفلسطيني المفاوض خلال المحادثات، والرد الذكي على المقترح الأميركي".
الفصائل شدّدت في بيانها على أن هذا التوافق لم يكن تنازلًا سياسيًا، بل ثمرة صبرٍ واستبسالٍ في الميدان، وقالت:
"بوحدتكم وتكاتفكم وإيمانكم بمقاومتكم تصنعون مجدًا يخلّده التاريخ، وتؤكدون أن إرادة الشعب الفلسطيني لا ولن تُهزم مهما اشتدّ الحصار والعدوان."
وفي ختام البيان، ترحّمت الفصائل على "شهداء غزة الأبرار"، ودعت إلى التمسّك بالوحدة الوطنية وإعادة إعمار القطاع على أسس مقاومة وصمود.
من جهتها، نقلت وسائل إعلام عبرية أن اتفاق وقف إطلاق النار سيدخل حيّز التنفيذ ظهيرة اليوم الخميس، فيما رحّب الكرملين والبيت الأبيض والدوحة وأنقرة بالقفزة الدبلوماسية المفاجئة بعد شهور من الجمود.
بين هدنة الضرورة وقلق المرحلة
يبدو أن اتفاق غزة هذه المرة لم يأتِ استجابة لضغوطٍ عسكرية فحسب، بل جاء أيضًا نتيجة تشبّعٍ إقليمي ودولي من استمرار الحرب وتداعياتها الإنسانية.
فبعد أكثر من 700 يوم من القصف المتبادل والدمار غير المسبوق، استطاعت القاهرة والدوحة وأنقرة إعادة تشكيل خيوط التفاوض بما يضمن على الأقل وقف النزيف الميداني.
لكن رغم التفاؤل الحذر، يبقى مصير الاتفاق رهينًا بسلوك إسرائيل في الميدان، والتزاماتها تجاه ملف الأسرى ورفع الحصار.
ويرى مراقبون أن هذا التوافق قد يشكّل مدخلًا لتحوّل أوسع نحو مرحلة إعادة الإعمار وضبط المشهد الأمني والسياسي في القطاع، فيما تتخوف فصائل المقاومة من أن يكون الاتفاق مقدّمة لمرحلة ضغط جديدة تهدف إلى نزع سلاحها تدريجيًا تحت غطاء إعادة الإعمار.
غزة تتنفس هدنة
في لحظةٍ مشحونةٍ بالدموع والرهبة والأمل، تنتظر غزة إعلان اليوم لتتنفس هدنةً طال انتظارها.
هدنةٌ قد لا تنهي جذور الصراع، لكنها ـ كما تقول أوساط فلسطينية ـ تمنح الأطفال يومًا بلا قصف، والأمهات لحظة صلاة بلا خوف، وربما تفتح بابًا جديدًا لسلامٍ هشّ… لكنه ضروري.