لبنان: الصيادلة والمستوردون في مواجهة صحية وقانونية

2025.10.09 - 10:05
Facebook Share
طباعة

 تصاعدت الأزمة بين نقابتي صيادلة لبنان ومستوردي الأدوية حول الأدوية المنتهية الصلاحية أو تلك التي اقتربت من نهايتها، وسط فشل النقاشات الجارية برعاية وزارة الصحة في التوصل إلى حل نهائي. وقد رفضت آخر المقترحات المقدمة من نقابة الصيادلة، التي كانت تقضي باسترداد نقابة المستوردين خمس عبوات من الأدوية العادية ودواءين من الأدوية المبردة، مقابل تعويض الصيادلة عن انخفاض الأسعار.

وأخرج هذا التعثّر القضية من الإطار المهني الضيق إلى خطر صحي مباشر على المرضى، سواء من حيث تكدّس الأدوية على رفوف الصيدليات أو التخلص منها بطرق عشوائية. ففي الحالة الأولى، قد يبيع بعض الصيادلة الأدوية المنتهية أو التي اقتربت من انتهاء الصلاحية، معتقدين أن تراجع الفعالية يكون ضئيلاً خلال الأشهر الأخيرة من الصلاحية، وهو ما لا ينطبق على الأدوية المبردة أو الإبر، التي تفقد فعاليتها فور انتهاء تاريخها.

أما التخلص العشوائي من الأدوية، فيمثل خطراً بيئياً وصحياً كبيراً، إذ قد يؤدي احتراقها أو تسرب المواد الكيميائية إلى تلوث الأرض والهواء والمياه، مسببة أمراضاً خطيرة، من بينها السرطان. ومع غياب منظومة متخصصة للتعامل مع هذه النفايات في لبنان وكلفة تصريفها الباهظة، تبقى مسؤولية الإتلاف على عاتق المستوردين، وهو ما يعقد الأزمة أكثر.


مسار الخلاف بين النقابتين
أصل الخلاف يعود إلى ثلاث سنوات، حين أصدر وزير الصحة السابق قراراً خلال مرحلة الدعم الحكومي للأدوية، منع فيه المستوردين من استرداد الأدوية، بهدف منع الصيادلة من تخزينها. وقد شكّل هذا القرار طوق نجاة للمستوردين، رغم تعارضه مع المادة 53 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة، التي تتيح للصيدلي إعادة الأدوية التي اقتربت من انتهاء الصلاحية.

وبينما حاول الطرفان التوصل إلى تفاهم غير مكتوب يقضي باستلام المستوردين أربع عبوات من كل صنف دوائي، لم يلتزم المستوردون بالكميات المتفق عليها. ومع انحسار سياسة الدعم تدريجياً، رفعت نقابة الصيادلة شكوى أمام مجلس شورى الدولة، فصدر الحكم لصالحها بالعودة إلى تطبيق القانون، لكن التزام المستوردين بقي محدوداً، متذرعين بقرارات وزارة الصحة.


وزارة الصحة تتدخل لحماية المرضى
مع تفاقم المشكلة وتكدس الأدوية على رفوف الصيدليات، تولت وزارة الصحة متابعة الملف بشكل مباشر، فيما فوّض نقيب الصيادلة، جو سلّوم، الوزارة لإيجاد حل للأزمة حفاظاً على صحة المواطنين. وأكد أن النقابة تنتظر قرار الوزارة بشأن تطبيق القانون وتنظيم استرداد الأدوية بشكل يضمن سلامة المرضى.

كما اقترح بعض الصيادلة تزويد الوزارة للنقابة بلائحة الأدوية المتوقع انخفاض أسعارها قبل ثلاثة أشهر، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة، لحين التوصل إلى حل نهائي. وقد قوبل اقتراح تعويض المستوردين مقابل قبول الصيادلة بالأربع عبوات بالرفض من المستوردين، الذين اعتبروا أنهم لا يخسرون شيئاً في الآلية بسبب شراء الأدوية قبل انخفاض الأسعار، فيما يشير الصيادلة إلى أن بعض الشركات تعدّل أسعار الأدوية لأسباب تجارية كل خمس سنوات.


الخطر الصحي والمهني قائم
تُظهر هذه الأزمة أن تأخير حل الخلاف بين النقابات لا يضر بالمهنيين فحسب، بل يمتد تأثيره المباشر إلى صحة المواطنين، في ظل غياب منظومة واضحة لإدارة الأدوية المنتهية أو شبه المنتهية الصلاحية. ويؤكد مراقبون أن الحل يتطلب تعاوناً شاملاً بين وزارة الصحة والنقابات والمستوردين، لتطوير بروتوكولات واضحة لتخزين واسترجاع وإتلاف الأدوية بطريقة آمنة، بما يحمي المرضى والبيئة والمهنة الصيدلانية نفسها.

وفي الوقت الحالي، يظل الحل النهائي مرتبطاً بإجراءات وزارة الصحة، مع توقع استمرار النقاشات لحين الوصول إلى صيغة توافقية تضمن التوازن بين حقوق الصيادلة ومصلحة المستوردين وسلامة المرضى.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6